التغير المناخي حرب ام احتباس حراري (1)


هناك ظواهر طبيعية قد يدفعك مجرد الفضول العلمي لفهمها، كظاهرة نشأة الكون
كما أن هناك ظواهر أخرى لا بد لنا من العمل على فهمها لأن مستقبل الجنس البشري كله متعلق بها كظاهرة الاحتباس الحراري.

في بعض الأحيان كما في ظاهرة التغير المناخي لا يعود مجرد إشباع الفضول العلمي كافيا وإنما يصبح العمل على تفادي الأسوأ مطلوبا.
إن كان هناك سبب وحيد للأحداث التي ستؤثر تأثيرا عميقا على جميع البشر في كل أصقاع الكرة الأرضية في العقود المقبلة فسيكون هو التغير المناخي وستؤثر عواقب هذا التغير على كل واحد منا، كبارا كنا أم صغارا، أغنياء كنا أو فقراء ربما ليس في التوقيت ذاته أو بالشدة نفسها و لكنها ستلحق بنا جميعا في نهاية المطاف.

تشير دراسة مناخية أنه بحلول عام 2025 هناك احتمال بنسبة 40 بالمئة أن تكون درجة الحرارة العالمية لعام واحد على الأقل أشد سخونة بـ 1.5 درجة مئوية عن مستوى درجة الحرارة العالمية ما قبل الثورة الصناعية.

وتعد (1.5 درجة مئوية) الحد الأدنى لدرجة الحرارة العالمية التي حددتها اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، التي دعا العلماء إلى عدم تخطيها من أجل درء أسوأ آثار تغير المناخ.
وقد حددت اتفاقية باريس للمناخ هدفا لها يتمثل في إبقاء متوسط درجة الحرارة العالمية عند مستو ى لا يزيد عن درجتين مئويتين، ومحاولة عدم تجاوز حد 1.5 درجة مئوية – وهذا يعني أن يتم ذلك على مدى فترة طويلة بدلا من حدوث الارتفاع في عام واحد.
وفي العقد الماضي، قُدر أن احتمالية وصول درجة حرارة العالمية لأي عام إلى حد 1.5 درجة مئوية كانت 20 في المئة فقط لكن هذا التقييم الجديد يرفع هذا الخطر إلى 40 في المئة.

ووفقًا لمعهد ماكس بلانك للكيمياء، ستشهد بعض المناطق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفاعا في درجات الحرارة في الصيف بحوالي 4 درجات مئوية بحلول منتصف القرن الحالي حتى ولو نجحت الجهود الدولية في الحد من متوسط درجة الحرارة العالمية بناء على اتفاقية باريس الموقعة عام 2016. وستكون عواقب هذا الارتفاع عديدة، وسيدفع سكان البلدان العربية أيضا ثمنا باهظا بسببها.

ولن تكون السيول العنيفة، كتلك التي قتلت وشردت كثيرين خلال السنوات العشر الأخيرة في جدة، مستقبلا مجرد حوادث منفردة ولن تقتصر الكوارث على الطوفانات فحسب إذ من المرجح اعتمادا على وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أن يكون الجفاف الأخير الذي بدأ عام 1998 في منطقة شرق البحر المتوسط أسوأ من جميع مواسم الجفاف التي شهدتها المنطقة في القرون التسعة الماضية

إن آثار التغير المناخي باتت محسوسةً فعلا الآن، غير أنها ستزدادُ سوءًا. فقد بلغ الاحتباس الحراري للأرض نحو درجة مئوية واحدة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. فكل نصف درجة (أو حتى أقل من ذلك) من الاحتباس الحراري للأرض لها أهميتها.
ومن الأهمية بمكان أن نضع في حسباننا أنه لا توجد قائمةٌ واحدةٌ بآثار التغير المناخي يمكن أن تكون شاملة. فمن المرجح جدًّا أن موجات ارتفاع الحرارة سوف تحصل على نحوٍ أكثر تكرّرًا وستستمر لفتره أطول، وتصبح وقائع هَطـْلِ الأمطار الغزيرة أكثر شدةً وتواترًا في الكثير من الأنحاء. كما ستظل المحيطات تزداد حرارةً وتـَتَحمّض، وسيستمر مستوى البحر العالمي الوسطي بالارتفاع. وكل هذا سيكون له وقد بدأ يكون له بالفعل تأثيرٌ مدمّرٌ على حياه البشر.
يتبع….
ملك الموسوي

Exit mobile version