جنبلاط يفصل بين النقابي والسياسي
يستبق رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط وقوع انفجار مُتعدّد الأوجه من خلال دعواته المُتكرّرة لتسوية سياسيّة وطنيّة جامعة، تُنقذ ما تبقّى من هيبة للدولة وتنتشل اللبنانيين من حالة الفقر والعوز الناجمة عن خلافات السياسيين ودهاليز المصالح والتسويات الشخصيّة والمذهبيّة. من هنا، قرّر جنبلاط على طريقته، الدخول في أوّل عملية إصلاح نقابية عمّالية، فكان القرار باستقالة “التقدمي” من مجالس النقابات في نقابة أطباء الاسنان، نقابة الصيادلة، نقابة الطوبوغرافيين، نقابة المعالجين الفيزيائين ونقابة خبراء المحاسبة.
بين بحث جنبلاط عن تسوية سياسية وإصراره على إخراج البلاد من أزمتها من خلال المشاورات والإقتراحات التي يُقدمها لحلحة العقد وآخرها، إقتراح حكومة من 24 وزيراً وهو ما يُعمل عليه اليوم، وبين انسحاب حزبه من مجالس النقابات، يضع البعض مساعي “البيك” في خانة “التناقض” خصوصاً في بلد مثل لبنان، لا يُمكن الفصل فيه بين العمل النقابي والعمل السياسي، خصوصاً وأن التحالفات النقابية قد أثبتت على عقود، أنها بمثابة “حجر أساس” في تحالفات أخرى لعلّ أبرزها، الإنتخابات النيابية.
هذا التفسير أو الربط بين العمل النقابي والعمل السياسي، أمرٌ ليس في محلّه بحسب ما يوضح أمين السرّ العام في الإشتراكي” ظافر ناصر، خصوصاً وأن “الجهد الأبرز الذي يقوم به، هو فصل العمل النقابي عن السياسي وإعطائه بعده العملاني والحقيقي بمعزل عن أي واقع سياسي موجود سواء كان مأزوماً أو العكس”.
وبحسب ناصر، فإن “الإشكالية الموجودة اليوم والتي أصبحت موروثة في جميع النقابات تقريباً، تكمن في أن عنصر التحالفات السياسية في النقابات تقدّم على العمل النقابي مما يرفع الأولوية عن هذا العمل لصالح العنصر السياسي. وما نقوله اليوم في هذا الشأن هو الأساس الذي يجب ان يُعمل بموجبه من خلال مُقاربة جديدة عنصرها الأساسي، هو تقديم برنامج في كل نقابة بالإضافة إلى برنامج نقابي عام له علاقة بالنقابات العمالية، ونقابات المهن الحرّة. وهذا العمل قد يستغرق مدة شهر تقريباً حتى ينضج، وقد انطلقت الورشة الداخلية بهذا الإتجاه”.
في ملف التسوية التي يبحث عنها جنبلاط اليوم، فعلى الرغم من تميّزه عن بقيّة السياسيين باستقلالية القرارات التي يتخذها والتي يُحدّدها من باب المصلحة الوطنية أوّلاً بغض النظر عن هاجسه “الدرزي” الصحّي والأمني وهو ما يُعبّر عنه شخصياً بين الحين والأخر، إلّا أنه في المُقابل، يُصرّ على البحث عن مخرج جماعي للأزمة الواقعة سواء من خلال تنازلات مُتبادلة أو تضحيات يدفعها السياسيون من جيبهم الخاص وليس من حساب اللبنانيين ومصالحهم. كل ذلك، يستدعي “البيك”، الإصرار بالدعوة إلى تسريع التسوية الداخلية، قبل هبوب الرياح الخارجيّة وما تحمله من عقوبات قاسية وموجعة.
أمّا التسوية التي يُمكن الإلتفاف حولها في هذا التوقيت، تنطلق بحسب ناصر من “الملف الحكومي لمعالجة الأزمات بأسرع وقت مُمكن والتحضير للإنتخابات النيابية والتخفيف من الإنهيار من خلال اتخاذ بعض الإجراءات المُمكنة خلال الفترة الزمنية التي تسبق موعد الإنتخابات. هل طرح وليد جنبلاط حول حكومة من 24 وزيراً لا يزال قائماً؟ يُجيب ناصر: أعتقد هذا ما يتم التداول به حالياً”.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع