كشفت وثائق إسرائيليّة رسميّة النقاب عن أنّ إسرائيل أقامت في العام 1971 مُعتقلات ومُعسكرات اعتقالٍ في قلب شبه جزيرة سيناء، وزجّت فيهم آلاف الفلسطينيين دون محاكمةٍ وفي ظروف اعتقالٍ غيرُ إنسانيّةٍ.
وقالت صحيفة (هآرتس) العبريّة، التي أعدّت تحقيقًا استقصائيًا عن الموضوع، اليوم الجمعة، إنّ الوثائق كانت ممنوعةً من النشر بأمر من الرقيب العسكريّ الإسرائيليّ لمدّة خمسين عامًا، وفقط بعد توجهها إليه سمح بنشر الوثائق التي تؤكِّد ما جرى خلف الأسوار وبسريّةٍ تامّةٍ، وبشكلٍ يتناقض جوهريًا مع حقوق الإنسان ومع الأعراف والتقاليد والمواثيق الدوليّة.
وأكّدت الصحيفة العبريّة أنّه “في قلب الصحراء، وبعيدًا عن أعين الجمهور، أقامت إسرائيل سرًا معسكرات اعتقال للأبرياء، ومكث مئات الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين لشهور في مخيمين في سيناء، بعيدًا عن منازلهم وعائلاتهم وحياتهم اليومية. لم يشتبه في أيّ منهم بأيّ شيء، مُوضحةً أنّه بعد 50 عامًا من دفن البروتوكولات تحت تصنيف “سرية”، تكشف الصحيفة قصة مخيميْ “أبو زانيمة” و”نحال”.
وتابعت:”في عام 1971، وبعيدًا عن الأنظار وتحت تكتمٍ شديدٍ، أقامت إسرائيل معسكريْن للاحتجاز في شبه جزيرة سيناء وتمّ ترحيل الأبرياء إليهما. تمّ استخدام أحدهما لعائلات أعضاء فتح المشتبه في ضلوعهم في “الإرهاب”، والآخر للشباب العاطلين عن العمل”.
ومضت الصحيفة قائلةً:”أخذ جيش الـ”دفاع” الإسرائيلي أطفالاً ونساءً ورجالاً من قطاع غزة، ووضعوهم في منشآتٍ مؤقتةٍ في قلب الصحراء، معزولين ومنعزلين عن حياتهم، وأعيد المعتقلون إلى قطاع غزة ومحضر اعتقال تم تصنيف جلسات الاستماع في المعسكر على أنها “سرية” لمدة 50 عامًا ، وبعضها لفترةٍ أطول”.
وشدّدّت (هآرتس) الإسرائيليّة في تقريرها الحصريّ على أنّ تحقيقًا أرشيفيًا شاملاً أجراه معهد العقبة لدراسة الصراع الإسرائيلي الفلسطينيّ، والوثائق والصور الموجودة في أرشيف جيش الـ”دفاع” الإسرائيلي، وأرشيف الدولة، ومحفوظات الصليب الأحمر، تجعل مِنَ المُمكِن تتبّع إنشاء وإغلاق المعسكريْن المذكوريْن”.
ولفتت الصحيفة إلى أنّه بعد احتلاله في حرب الأيام الستة (عدوان حزيران 1967)، تمّ تعريف قطاع غزة على أنّه “عش دبابير” نشط. كما تمّ تنفيذ عملياتٍ “إرهابيّةٍ” ضدّها استهدفت يهودًا في إسرائيل، وقُتل إلى جانبهم عرب من قطاع غزة يُشتبه في تعاونهم مع إسرائيل”.
ولكن في كانون الثاني (يناير) 1971، جاءت نقطة الغليان بمقتل مارك (7 أعوامٍ) وأبيجيل (5 أعوامٍ) أرويو، من مدينة كريات أونو في مركز كيان الاحتلال.
“تداعيات الهجوم”، أوضحت الصحيفة، “دفعت إسرائيل إلى اتخاذ قرارٍ بشأن الردّ القاسي. أرييل شارون، الذي كان آنذاك القائد العام للقيادة الجنوبية، أُرسل “للقضاء على الإرهاب”. وشملت العملية التي نفذت بين عاميْ 1971 ومنتصف 1972 أنشطة وحداتٍ خاصّةٍ لاغتيال مطلوبين وهدم منازل وفرض حظر تجول وتفتيش. لكن هذا ليس كل شيء”.
وزادت الصحيفة قائلةً إنّه توجد العديد من الوثائق التاريخية حول إنشاء المعسكرين، إحداها محضر اجتماع عقده المنسق الأول للعمليات الحكومية في المناطق، اللواء شلومو غازيت، الذي أصبح فيما بعد رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة في الجيش (أمان)، مع مسؤولين كبار في وزارة الخارجية في مكتبه. “المذكرة، التي وثقها ممثل عن وزارة الخارجية، توضح بالتفصيل الخطوات التي اتخذها جيش الـ”دفاع” الإسرائيليّ للقضاء على الـ”إرهاب” (!)، والتي تضمنّت، إلى جانب الاعتقالات، إغلاق ووقف إقامة المخيمات. وحتى يومنا هذا، ترفض أرشيفات جيش الـ”دفاع” الإسرائيليّ الكشف عن معظم الوثائق”.
وفي نهاية التقرير أشارت الصحيفة إلى أنّه “لم يرِد ذكر تورط رئيسة الوزراء آنذاك غولدا مائير، في أيّ وثيقةٍ أرشيفيّةٍ تمّ الكشف عنها”، وفق صحيفة (هآرتس) العبريّة.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع