تنسحب الأجواء الإيجابية السائدة على خط تشكيل الحكومة العتيدة، على مواقف المجتمع الدولي، وبشكل خاص الأطراف المعنية بالأزمة اللبنانية، بحيث تساهم عبر الضغوطات، والتي في معظمها “كلامية”، على تسريع التوافق السياسي على تشكيل الحكومة، في مهلة لا تتعدى الأيام وليس الأسابيع نظراً لضيق الوقت أمام الجميع، ولصعوبة الأوضاع الإجتماعية واقتراب موعد “الإنفجار الإجتماعي”، كما يحذّر أكثر من مرجع دولي في الآونة الأخيرة.
وتكشف معلومات سياسية، عن أن ما أعلنه الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي عن ضمانات خارجية، يستند إلى دعم واضح ومباشر من العاصمتين الأميركية والفرنسية، اللتين تدفعان في اتجاه تأليف حكومة وملء الفراغ على مستوى إدارة الأزمات، والبدء بالإصلاحات المطلوبة، وصولاً إلى الإشراف على الإنتخابات النيابية، وهو ما تعتبره العاصمتان، الوسيلة الوحيدة لانتقال لبنان من الأزمة إلى الحلول.
وتزامناً، تشير المعلومات إلى أهمية إنجاز عملية تأليف الحكومة قبل موعد المؤتمر الداعم للبنان الأسبوع المقبل، لكنها توضح أن عدم التشكيل لن يؤثّر على هذا الحدث المهم بدلالاته وانعكاساته على الواقع اللبناني المأزوم، نظراً للرعاية الفرنسية ولمتابعة الرئيس إيمانويل ماكرون جهوده لمساعدة لبنان. كذلك، تكشف المعلومات، عن تبدّلات في الإتجاهات الخارجية تجاه الملف اللبناني، مؤكدة أن القوى المحلية تستشعر هذا التحوّل، وتبدي استعداداً ملحوظاً للتجاوب هذه المرة، وذلك، على الرغم من أن الضغط الدولي في السابق لم يؤدِّ إلى تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري.
ومن شأن هذا المناخ، أن يعزّز مساعي الرئيس ميقاتي للإسراع في تشكيل حكومته، بعيداً عن أية شروط متصلة بعمليات المحاصصة السياسية والحزبية التي سُجّلت في السابق، على الرغم من إعلان غالبية الكتل النيابية عن رفضها المشاركة في الحكومة وتأييدها لتشكيل حكومة اختصاصيين، من أجل التمهيد لبدءعملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وذلك، وفق ما كان قد أعلنه الرئيس المكلّف بالنسبة لبرنامج عمل الحكومة العتيدة.
وعليه، تلفت المعلومات، إلى أن الملف الحكومي، مرشّح لأن يشهد سلسلة خطوات في الأيام القليلة المقبلة، على مستوى بلورة المواقف الحقيقية، كما النوايا “المبيّتة” لدى كل الأطراف المشاركة بهذا الملف، والتي لا تزال تعمل على تسريب أجواء إيجابية حول آليات التشاور المُعتمدة حتى اليوم، بانتظار إدلاء كل فريق بمطالبه لجهة الحقائب الوزارية التي سيتم توزيعها مناصفة، علماً أن التداول الحالي يؤشّر إلى أن الحقائب السيادية والأساسية ستُوزّع وفق المعادلة التي جرى اعتمادها في تشكيل الحكومات السابقة.
وبصرف النظر عن طبيعة وشكل الحكومة العتيدة، فإن المعلومات تجزم بأنها ستستجيب، ولو بالحد الأدنى لما نصّت عليه المبادرة الفرنسية، خصوصاً وأن السقف الذي كان موضوعاً لها قد خضع للتعديل، بحيث أصبح الهدف التوصّل إلى حكومة تملأ الفراغ على مستوى السلطة التنفيذية، وتعمل على تجميد ولجم الإنهيار لمنع لبنان من السقوط.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع