نبيه البرجي-الديار
هكذا تتشكل حكوماتنا بصراع البدع لا بصراع البدائع. ليتنا نقرأ ما كتبه هارولد لاسكي عن «عبقرية الدولة»، وعن «عبقرية رجال الدولة». حين نكون دولة اللامعنى وشعب اللامعنى …
ديبلوماسي عربي نقل الينا ما قاله المستشار في الاليزيه ايمانويل لوبون. أعرب عن ذهوله حيال «تلك النخب الرائعة الموجودة في المستودعات». لكي تكون في الضوء ينبغي أن تكون بمواصفات السلحفاة أو بمواصفات العكاز الخشيبة الناطقة أو … الضاحكة !
ذاك الصراخ أمام منزل نجيب ميقاتي، وهو النتاج الجدلي للواقع السياسي، الواقع الأبدي. لا مجال للصراخ أمام المنازل الأخرى، وحيث ذلك النوع من الآلهة، ما دمنا مبعثرين بين ثقافة الصومعة وثقافة الخندق. منذ الاستقلال، ونحن هكذا، على فوهة البركان، وندار بالخيوط، الخيوط الغليظة. لا دولة. مادون الدولة.
حتى الآن، لسنا أكثر من فقاعات في الشارع. لا تصدقوا أن الزلزال في 4 آب. نحن الضحايا ونحمل في وجوه الثكالى صور الضحايا.
اذا تناهى اليكم كلام فؤاد السنيورة اثر لقاء «الترويكا العثمانية» ( نادي رؤساء الحكومات). دعوة الى «الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني واستكمال تطبيقها، وبالدستور بعيداً عن البدع، وعن الانتهاكات التي اصبحت تخرق الدستور». حين تقهقه عظام أفلاطون !
الكلام موجه الى رئيس الجمهورية الذي مشكلته في اعتقاده أنه أكبر بكثير من الصلاحيات التي أناطها به الدستور، وهي صلاحيات فولكلورية على كل حال.
الآن فقط، ومنذ ثلاثة عقود، انتبهوا الى عدم الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني، وعدم استكمالها, فضلاً عن الانتهاكات الدستورية، كما لو أن الفرسان الثلاثة (وان استثنينا تمام سلام)، لم يشاركوا في تصنيع البدع، وفي انتهاك الدستور الذي، كما بعض الكتب المنزلة بالنصوص الملتبسة التي وقعت بين أسنان الفقهاء. فقهاء العيون المقفلة أو فقهاء غب الطلب …
أي حكومة لن تكون حكومة نجيب ميقاتي، ولا حكومة سعد الحريري. هي حكومة صندوق النقد الدولي، بصلاحيات أمبراطورية، بعدما صنعت أوثاننا المقدسة كل ذلك البلاء، وقد أثار حتى دهشة الشيطان.
لبنانيون كثيرون يعترضون، ولا نقصد أصحاب العيون الصفراء، على أن يكونوا ضحية الأزمة الشخصية، الأزمة الفرويدية، لجبران باسيل الذي لا يمكننا الا الثناء على مواقفه حين كان وزيراً للخارجية، وحين دفع ثمن هذه المواقف من قبل مهراجات القرون الوسطى وايضاً من قبل ادارة دونالد ترامب التي كانت، وبكل معنى الكلمة، ادارة يهوذا وصحبه.
ماذا يمكن أن يفعل جبران باسيل ليرث لقب «فخامة الرئيس»؟ وهل يتحمل الرأي الذي يقول أن اختيار الكثير من المستشارين، والمقربين، في القصر أو في غير القصر، كان اختياراً قاتلاً. هؤلاء أصحاب الأنوف المرفوعة، الما فوق البشرية، «القرفانون»من العامة. أليست هذه حال غالبية الأحزاب، والتيارات الأخرى، حيث أنصاف الآلهة، ولو كانوا بمواصفات القردة، ينظرون الى الرعية من كوكب آخر ؟
قد يكون رئيس التيار الوطني الحرعلى حق حين يتخوف من أن يدار ميقاتي، في عملية تشكيل الحكومة، من قبل السنــيورة باشا الذي تعهد بأن يخلع رجل القصر بكلتا يديه. لهذا قلنا للرئيس المكلف كن نفســك، ولا تكن رجل ذلك الآخر الذي من يتجول في رأسه كمن يتجول في المتاهة، أو في … أروقة الجحيم!
هل يستطيع ميقاتي أن يخرج من جلباب بيت الوسط بعدما خبرناه في حكومة عام 2011، ولاحطنا كيف أخفق حتى في أن يكون الظل ( الظل الميكانيكي) لسعد الحريري ؟ قلنا انه الصديق القديم، ونأمل أن يصغي الى كلامنا. ان أوصافاً كثيرة تلاحقه في الشارع، وداخل الجدران، ودون أن يتمكن من دحضها في الوقت المناسب. ليس مطلوباً منك أن تتجاوز شخصية فؤاد السنيورة (سعد الحريري اقل هولاً بكثير)، بل أن تتجاوز شخصية نجيب ميقاتي.
أن تشكل حكومة بعيدة عن بدع القصر، وعن بدع بيت الوسط. الرئيس ميشال عون أثنى على خبرتك في تدوير الزوايا. يا صاحبي، اللبنانيون لا يريدون منك أكثر من … تدوير الدائرة !!