يسرائيل هَيوم
يوآف ليمور – محلل عسكري
الكشف عن مخزن للأسلحة في قرية عبّا في الجنوب اللبناني له هدفان: الأول، أن يرى حزب الله مرة أُخرى أنه مخترَق استخباراتياً، وأن نشاطاته مكشوفة للجيش الإسرائيلي. والثاني، تحذير المجتمع الدولي والإقليمي واللبناني من الثمن الباهظ لحرب مقبلة في لبنان.
ليست هذه أول مرة تكشف إسرائيل معلومات استخباراتية في محاولة لاستخدام ضغط مباشر أو غير مباشر على حزب الله. لقد فعلت ذلك في موضوعات أصغر بكثير، مثل استخدام حزب الله مواقع للمراقبة تحت غطاء منظمات للدفاع عن البيئة ونصب صواريخ دقيقة.
الكشف عن مخزن الصواريخ هو استمرار مباشر لذلك. وهو سيدفع حزب الله إلى البحث عمّن سرّب المعلومات من بين صفوفه، والتخوف من انكشاف أسرار أُخرى لإسرائيل مهمة بالنسبة إليه. ومن المفترض أن يؤدي أيضاً إلى دفع سكان القرية إلى الخوف وطرح الأسئلة. من الصعب أن يكون لدى أهالي الـ300 تلميذ الذين يدرسون في المدرسة القريبة من المخزن الجرأة على التشاجر مع حزب الله، لكن الخوف والقلق لا بد من أن يؤثرا في حزب الله. وكحزب تكمن قوته الأساسية في الدعم المطلق للسكان الشيعة في لبنان، فإنه بالتأكيد سينتبه إلى أن أفعاله هذه ستحوله من مدافع عنهم إلى عامل خطر أساسي عليهم.
يمكن الافتراض أنه ليس مخزن الصواريخ الوحيد لحزب الله الموجود بالقرب من السكان المدنيين. هذا أسلوب عمل معروف بالنسبة إليه وتستخدمه أيضاً التنظيمات المسلحة في غزة. الفكرة بسيطة: وضع المعضلة على عاتق إسرائيل. فإذا هاجمت هذه المواقع – ستقتل الكثير من اللبنانيين الأبرياء، الأمر الذي سيؤدي إلى انتقادات دولية عنيفة، وربما إلى اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب. وإذا امتنعت من القيام بذلك فسيكون من الصعب عليها وقف إطلاق الصواريخ على مستوطناتها، وبالتأكيد ستمنح حزب الله إنجازاً كبيراً.
خلال الـ15 عاماً التي مضت منذ حرب لبنان الثانية، جمع الجيش الإسرائيلي معلومات استخباراتية عن آلاف المواقع. قائد المنطقة الشمالية أمير برعام قال إن لدى القيادة اليوم أهدافاً أكثر بـ20 مرة من تلك التي كانت لديه في سنة 2006. وهناك أهداف في عمق لبنان. سلاح الجو وحده مستعد لمهاجمة آلاف الأهداف في كل يوم من أيام الحرب – وهذا تلميح صغير إلى ما يخطط له الجيش في المعركة المقبلة.
النتيجة التي لا مفر منها ستكون تدميراً كبيراً للقرى في الجنوب اللبناني وفي كل موقع آخر يضع فيه حزب الله سلاحه، بحسب ما حذرت منه القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل مؤخراً. البديل من ذلك سيكون مقتل الكثيرين في إسرائيل واستمرار الحرب وقتاً طويلاً. لكن بخلاف المعركة في غزة، لا يستطيع الجيش الإسرائيلي التحرك فقط من الجو. معارك الدفاع الجوية غير قادرة على وقف تساقط آلاف الصواريخ يومياً، ومن أجل وقف إطلاق الصواريخ وزيادة الضغط على حزب الله، من بين أمور أُخرى دفع السكان شمالاً، سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى الدخول إلى لبنان براً واحتلال الأرض، بحيث يكون من الصعب على الحزب إطلاق الصواريخ منها.
هذه الخطة نُفذت جزئياً في سنة 2006 (وذلك بعد تردد وتخبط) ويجري التدرب عليها منذ ذلك الحين بهدف وضعها حيز التنفيذ في الحرب المقبلة في لبنان. ليس لدى أحد في إسرائيل وهم بأن الأمر سيكون نزهة، ومن المتوقع أن يكون ثمن هذه الحرب باهظاً على جبهة القتال وفي الجبهة الداخلية. لكن كما أشار برعام أمس “الحرب المقبلة ستكون معقدة بالنسبة إلينا، لكنها لن تكون محتمَلة بالنسبة إليهم.” هذا التحذير بالإضافة إلى الكشف عن مخزن السلاح هدفهما الضغط داخلياً على لبنان وعلى ما تبقى من الحكومة اللبنانية لكبح حزب الله. تدل تجربة الماضي على أن حزب الله سيحاول طمس الحقائق وتحويل الأنظار والاستمرار في نهجه.
بعد هذا كله يجب القول إن حدود الشمال هادئة ولا يظهر هناك أي مؤشرات إلى حرب قريبة. حزب الله يضبط نفسه (وكذلك إسرائيل) وهو غارق في مشكلات داخلية – لبنانية. لكن مع ذلك فإن المقصود حدود قابلة للانفجار وعدو خطر. لذلك، حسناً تفعل إسرائيل عندما تستخدم كل ما لديها لتعميق الردع وتأجيل الحرب.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع