15 عاماً على حرب لبنان الثانية: الإخفاقات والدروس
يسرائيل هَيوم
أمير أفيفي – محلل عسكري
مؤخراً حلّت الذكرى الـ 15 لنشوب حرب لبنان الثانية. من المهم اليوم أن نبدي انفتاحاً واستعداداً كي ندرس بعمق إخفاقات هذه الحرب واستخلاص الدروس للمستقبل. في نهاية الأمر هذه الحرب كانت فاشلة.
عندما اجتاز الجيش الحدود في أعقاب خطف الجنديين لم يفكر أي شخص في حرب ولم يخطط أحد للمبادرة إليها، حتى رئيس الحكومة ووزير الدفاع. بدأت إسرائيل العملية العسكرية من دون التخطيط لكيفية انتهائها. هذا الواقع خلق خللاً مستمراً وبعيد الأمد وأدى إلى نشوء شرخ عميق في الثقة بين مختلف الدرجات على الأرض وبين قيادة الأركان العامة، وتسبب لاحقاً باستقالة رئيس الأركان داني حالوتس ورئيس الحكومة بالإضافة إلى لوائح الاتهام المقدمة ضده.
بداية الحرب بدت مشجعة. إسرائيل ردت بعنف على حادثة الخطف وأرسلت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي لتدمير معقل حزب الله في المربع الأمني في الضاحية الجنوبية. الرد فاجأ نصر الله الذي لم يتوقع قط رداً بهذا الحجم وبهذه القوة.
بعد بضعة أيام على بداية هجمات سلاح الجو على بيروت، وبصفتي طالباً في كلية الأمن القومي التقيت رئيس الحكومة إيهود أولمرت. وعندما سُئل أولمرت هل يجري التخطيط لعملية برية فوجىء وأجاب: “لماذا فجأة؟ لم يقترح علي أحد ذلك.” خرجت من هذا اللقاء بشعور قوي بأننا خضنا هذه العملية من دون أن نضع لها أهدافاً واضحة وغاية سياسية – استراتيجية واضحة وأننا نتصرف بحسب تطور الوضع.
عندما أنهيت الدورة في الكلية وجدت نفسي نائباً للضابط الأول في شعبة الهندسة في الشمال. أذكر جيداً الكتيبة التي قُدتها في الماضي وقامت مع الذي حلّ محلي بمهمة فتح محور. المهمة نُفّذت بصورة نموذجية. العدو كان يتراجع مع تقدُّم الكتيبة. وعندما وصلت الكتيبة إلى هدفها تلقت الأمر بالتراجع إلى أراضينا. بعد مرور أيام تلقت الكتيبة أمراً بالدخول مجدداً مع الكتيبة 9. هذه المرة كان حزب الله مستعداً وكانت النتيجة أننا دفعنا ثمناً دموياً.
كان أمام إسرائيل خياران حقيقيان لهدف سياسي واضح. الأول، القيام بهجوم كثيف على بيروت يتم بعده التوصل إلى وقف إطلاق النار والانتقال إلى المفاوضات.
الخيار الثاني، استغلال الفرصة لإحداث تغيير جذري في الجنوب اللبناني وتدمير البنية التحتية لحزب الله في هذه المنطقة، والطلب من المجتمع الدولي خلق واقع جديد. لو اختارت إسرائيل الخيار الثاني كان يجب استخدام ثلاث كتائب وإعطاء الأمر بتخطّي نهر الليطاني وتطهير كل القرى في الجنوب والمناطق المفتوحة من وجود حزب الله، وتدمير بنيته التحتية. وكان في إمكان القوات البرية تنفيذ ذلك بصورة جيدة.
القوات البرية ليست طائرة. ويجب التفكير مسبقاً في كيفية استخدامها. منذ اللحظة التي تتحرك فيها هذه الآلة الضخمة إلى الأمام تصبح لها حياتها الخاصة ولا يمكن تحريك لواء من هنا إلى هناك كما لو كان طائرة حربية.
عملياً لم يكن هناك هدف واضح لذلك، كانت هذه الحرب بمثابة تضييع لفرصة كبيرة. من دون هدف واضح حتى منظومة قيادة الجبهة الداخلية لم تعبأ. العملية تحولت إلى حرب انتهت بمقتل 121 جندياً و44 مدنياً وأحدثت شرخاً كبيراً في داخل الجيش الإسرائيلي.
لهذه الحرب دروس مركزية أولها الحاجة إلى هدف سياسي – استراتيجي واضح، الثاني من الناحية العسكرية عدم الانجرار إلى أساليب تُستخدم في الأمن الجاري. بالإضافة إلى ذلك تدريب منهجي للجيش النظامي والاحتياطيين على حروب كبيرة. لقد دخل سلاح البر هذه الحرب وهو غير مستعد لها، ومع نواقص كبيرة في سلاح البحرية. الوحدات حاولت سد هذه الفجوات بسرعة، لكن لم يكن في إمكانها سد الفجوات بسبب عدم الوضوح على المستوى العسكري الرفيع وعلى المستوى السياسي.
اليوم نعطي نتائج الحرب أهمية أكبر مما لها. صحيح أن الهدوء يسود الشمال، لكن ثمة شك فيما إذا كان هذا بفضل الحرب. من المعقول الافتراض أن غرق حزب الله في الوحل السوري منذ نشوب الحرب الأهلية مع الواقع اللبناني كانا من الكوابح الكبيرة في العقد الأخير. لا يمكن أن نتوّج أنفسنا، وبالتأكيد ليس على الطريقة التي خضنا فيها الحرب.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع