مرة جديدة، وكما جرت العادة في دول عربية عدة لمناسبات الأعياد، يخرج آلاف السجناء بموجب عفو رئاسى أو ملكي، وهو إجراء تتباين المواقف بشأن أهدافه ومدى اتساقه مع القانون.
يحمل إجراء “العفو” عددا من الأوصاف المرافقة له إعلاميا، حسب البلد، كما يصدر في مناسبات منها: الأعياد الوطنية، والدينية، أو أعياد خاصة مثل “عيد الجلوس” على العرش، أو قد يأتي كـ “مكرمة” خاصة بمناسبة تخص الرئيس أو الملك.
غالبا يشمل الذين ارتكبوا جرما، يعاقب عليه القانون، وأحيانا، وهي من المرات النادرة، يكون بين هؤلاء سجناء سياسيون، أو “سجناء الرأي”.
ومع عيد الأضحى، خرج الآلاف من السجون في عدد من الدول: مصر، تونس، سلطنة عمان، والجزائر التي شهدت ما وصف بأنه “أكبر وأضخم” عفو رئاسي في تاريخها.
كيف ينظر رجال القانون إلى هذا الإجراء؟ يقول يقول المحامي عارف الشعال لـ RT “نحن لا ننظر بارتياح للعفو من ناحية حقوقية” ويوضح أن “الدول التي يوجد فيها فصل سلطات، يعني: دولة قانون، لا يصدر الرئيس فيها عفوا عاما، وإنما يصدر عفوا خاصا عن شخص محدد” ويضيف: “بشكل عام، تكثر أنظمة الحكم الفردية ذات الطابع الشمولي من إصدار قوانين العفو لتخفي عيوب أنظمتها وتظهر تسامحا كاذبا مع المخطئين في حين أن المعارضين السياسيين، الذين يستحقون، لا يشملهم العفو”.
ويقول الشعال إن “آثار إصدار العفو بشكل متكرر سيئة جدا على علوم الإجرام والعقاب وسير العملية القضائية ومكافحة الجريمة” ويستذكر أن مناقشات النواب في البرلمان السوري مثلا في فترة الخمسينيات من القرن الماضي حول منح العفو، كانت تظهر تشددهم في عدم منحه، وأن العفو “كان يشمل الجرائم الخفيفة فقط كعدم تسجيل الولادات والزواج وذلك للحفاظ على الأسرة”، أما المجرمون، يضيف الشعال، “فمكانهم السجن حتى انتهاء عقوبتهم والعفو عنهم يعتبر هرطقة”
في الجزائر شمل العفو الرئاسي الإفراج عن نحو 12 ألف سجين، بينهم معتقلون فيما عرف بـ “الحراك الشعبي”، وقبل العفو بأيام صدر عفو شمل نحو 100 شخص، ممن سجنوا على خلفية ما يعرف بـ “الحراك الشعبي”، إلا أن وسائل إعلام ذكرت أن البلاد شهدت بعد ساعات على الإفراج عمليات اعتقال جديدة.
وهو ما وصفه بعض المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه نوع من الدوران في حلقة مفرغة، إذ أن الخارجين كأنهم يتركون مكانا لوافدين جدد.
وفي مصر تم الإفراج عن عدد من الصحفيين والسياسيين، المعتقلين، وفي تونس صدر عفو رئاسي شمل 1764 سجينا، إما بإخلاء سبيل أو خفض عقوبة، وفي سلطنة عمان أفرج عن 345 سجيا بموجب “العفو السامي”
عدد من المعلقين يقولون إن الإفراج عن المعتقلين (من غير السجناء السياسيين) يأتي غالبا ضمن عفو يشمل من ارتكبوا جرائم جنائية، ويقدم بطريقة احتفالية بالعفو ذاته، كما أن الاعتقالات تكون سرية ودون إعلان، حتى يصدر مرسوم ملكي أو رئاسي بالعفو عنهم، وهكذا يصير الإفراج عنهم هو إنجاز، ونوع من “العفو عند المقدرة” لصاحب السلطة في منح العفو.
المصدر: RT