نتبرّع بدولة فمن يقبل؟
“ليبانون ديبايت”- روني ألفا
أي مسحوق قادر على غسل بقع لبنان الدولة والنظام؟ أي نوع غسالات يقبل دخول هذه الدولة دون ان تتعطّل الدعاكات والعصارات والنشافات؟ على أي منشر غسيل سيتم ربط الدولة حتى تتشمس على الإصلاح؟ دولة بقعها غليظة ووحلها في النسيج. وسخ متناسل مقاوم لأكثر المساحيق فاعلية.
المطلوب التبرع بدولة لبنان. فتّشوا عن أي دولة قيد التأسيس حتى في القطب الشمالي. قليل من جهنمنا مفيد لصقيعها. الدببة والذئاب هناك سيرفضونها. مكرهم ووحشيتهم أكثر إنسانية مما فعلته دولتنا بِنَا. دولة لا تقبل بها الحيوانات القطبية حتى ببلاش. دولة مرفوضة حتى من فعلة الخير المجاني.
نحن ببساطة خارج التاريخ والجغرافيا. دولة خرافية أكثر طفولية من مجموعة أليس في بلاد الأحلام. حشرونا فيها وقالوا قلّعوا شوككم بأيديكم. قضينا حياتنا بتقليع الشوك من جلدنا. جلدنا لم يكن يرعانا. آمنّا بأننا شعب فتبيّن أننا إسكيمو نعيش في بالونات مستقلة ونتقاتل على جيف.
أجيالنا تتجول من أزمة الى أزمة. قيل لنا يوماً ناموا وأبوابكم مفتوحة فلم يبق لنا باب على مداخل بيوتِنا. سرقها الزعماء وصنعوا منها أبواب قصورهم. انتقلنا من وصي الى وصي فصرنا خدماً للأوصياء نؤسس الأحزاب لحمايتهم. الوطنيون فينا قتلة والخونة منا صاروا حكّاماً بالنار والبارود.
لا يفيد دولتنا سوى الأسيد. النوع الأفضل الذي لا يخلف وراءه أي أثر. بدون ان تختفي دولتنا تماماً لن يكون لنا دولة. يجب على رموزها أن يتحللوا تماماً. أي أثر باقٍ لهم سيتيح لهم التناسل من جديد. حتى الذين نادوا بالشطف يجب أن يُشطَفوا. تابولا رازا وبعدها نفكر ماذا نعمل.
نحن في ملهاة. البحث من جديد عن رئيس مكلَّف. ملياردير أو صديق لدولة إقليمية او ملاك آتٍ من رفات جان دارك . في كل الحالات سيكون دمية. الكلام ينطبق أيضاً على أي رئيس دولة مقبل. دولة دمى. الله كَمْ يتعذب اللبناني المتعلم الذي يرى نفسه محكوماً من دمى. إما يتحوّل دمية للدمى وإما يتفرّج لا حول ولا قوة.
البحث عن رئيس حكومة لدولة غير موجودة. عيشوا وتأملوا. نحن كشعب ننتج دودنا القاتل.جل طموحنا انتظار يوم مشمس للبيك نيك. نحلم بغرفة في فندق رخيص نحقق فيه مغامرة جنسية عابرة. نأمل بكوميسيون وبثروة سهلة. لا أحد منا يريد دولة لكرامتنا. نتطلع الى النصب والمناصب. نقول كما تشيخوف
عندما يأتى قيصر جديد ستتحسن الأحوال، ولا يأتي، وتزداد الحياة في كل يوم تعقيدًا، وتمضي في اتجاه ما من تلقاء نفسها. نحن على هامش الحياة.
عودة الى غسيل الدولة. دعكها بالأيدي في طشت الثورة. حذار من طشت أجنبي. الدولة المغسولة بالأيدي ستكون أنظف من أن يرتديها الغريب. ستكون حليفة لمن تريد لا لمن يصل اليها أولاً. المطلوب أولاً وأخيراً غسل شعب بأكمله. غسالة لدعك الشعب اذا لم تكن بقعه معاندة. من هنا يبدأ الحلم.