لماذا اتصل الحريري بكرامي؟ وهل تغيّر السعودية موقفها؟
جوزفين ديب -أساس ميديا
هو تحدٍّ كبير تواجهه بعبدا وسط رفض عدد من المرشحين قبول مهمة التكليف. فبعد رفض الرئيس نجيب ميقاتي والدكتور مصطفى أديب تكليفهما تفادياً للوقوع مرّة جديدة في فخّ الشروط والشروط المضادّة، تتوجّه الأنظار إلى مجموعة من الأسماء الأخرى من دون تسجيل أي خرق جدّيّ في التوافق مع أيّ اسم منها حتى الساعة.
وفي معلومات “أساس” أنّ الحريري اتّصل بالنائب فيصل كرامي بعد ظهر يوم الثلاثاء الماضي، أي قبل ذهابه إلى مصر وعودته منها وتقديم اعتذاره. ووفق مصادر كرامي، كان الاتصال قصيراً لكن ودّيّاً، تخلّله سلام وكلام واتفاق على “لقاء قريب”، من دون تحديد موعد لذلك.
تكتسي دلالة هذا الاتصال أهمّيّة خاصة على الساحة السنّية في هذا التوقيت السياسي، ولا سيّما أنّه أتى بعد قطيعة استمرّت منذ أن رفض الحريري الاجتماع بنواب “اللقاء التشاوري” في الحكومة السابقة. وعلى الرغم عدم تطرُّق هذا الاتصال إلى الأزمة الحكومية ومواقف المكوِّنات السنّية من تسمية بديل عن الحريري، إلا أنّ موقف كرامي يبدو منسجماً مع الإجماع السنّي على عدم التنازل عن “صلاحيّات رئاسة الحكومة”، وعدم القبول بإعطاء الثلث المعطِّل لأيّ فريق في الحكومة.
تؤكّد مصادر كرامي أن لا بحث جدّيّاً بعد في تسمية فيصل كرامي، ولكن إن حصل ذلك فهو متيقّن من حساسيّة الموقف على الساحة السنّية، ولن يقبل أن يُكلَّف من فريق سياسي واحد، ويقاطع تكليفه فريق آخر. فهو يدرك جيّداً أنّ تيار المستقبل لن يسمّيه ويرفض تكليفه إلا بمشاركة كل القوى السياسية، بغضّ النظر عن موقفها، إيجابياً كان أم سلبياً.
من جهتها، تؤكّد مصادر “اللقاء التشاوري” لـ”أساس” أنّها ستقف إلى جانب كرامي في ترشّحه، رافضةً التشكُّك في مرجعيّته السنّية لأنّه “من عائلة سنّية تعمل في الحقل السياسي أباً عن جدّ”. وعليه يبدو أنّ لكرامي أيضاً شروطاً لتكليفه مراعاة للشارع السنّي، الأمر الذي يضع فريق رئيس الجمهورية وحزب الله في مأزق إضافي وسط امتناع الحريري عن إعطاء أيّ اسم بديل عنه، ووسط الاصطفاف السنّي خلف شروط الحريري نفسها.
على مقلب عين التينة، يبدو أنّ الرئيس نبيه بري غاضبٌ على الحريري لأكثر من سبب:
أوّلاً لأنّه لم يلتزم بمبادرته في التشكيلة التي قدّمها إلى رئيس الجمهورية، بل جاءت بتوزيع مختلف للحقائب.
ثانياً لأنّ الحريري تعامل في تقديمه التشكيلة الجديدة وفق مبدأ “take it or leave it”، مقفلاً بذلك باب التفاوض حولها.
ثالثاً عمد الحريري إلى التصويب على حزب الله في مقابلته الأخيرة على قناة “الجديد”، علماً بأنّ الحزب كان سبق أن دعمه في مراحل التشكيل كلّها.
من جهته، حزب الله مستاء من كلام الحريري، وعبّر عن هذا الاستياء كلام النائب محمد رعد الأخير. غير أنّ موقف الثنائي الشيعي هذا لا يعني أنّهما سيذهبان مباشرة إلى تسمية بديل عن الحريري بعيداً من التوافق السنّي، بل ينتظران انتهاء عطلة العيد وسط محاولات لدفع الحريري إلى المشاركة في تسمية بديل عنه.
تقول مصادر مقرّبة من الحريري إنّ الأخير لن يسمّي بديلاً عنه لأنّه أدرك أخيراً، ولا سيّما بعد رحلته إلى مصر، أنّ المملكة العربية السعودية لا توافق على إعطاء أي غطاء لأيّ حكومة مع حزب الله، ولهذا فإنّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع هو حليفها الأوّل في لبنان. وعليه، قرّر الحريري أن يسير على خطى جعجع بالخروج من أيّ توافق حكومي، والهجوم على حزب الله، في محاولة لاسترجاع شيء من المظلّة السعودية من جهة، واستعداداً للانتخابات المقبلة، من جهة أخرى.
إذا استطاع الحريري الالتزام بهذا المسار فسيكون فريق رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي أمام أزمة تكليف جديدة، وأمام خيارات تشبه الرئيس حسان دياب، وهذا ما يرفضه برّي رفضاً قاطعاً.
فهل تحمل أيام عيد الأضحى تطوّرات حكومية على مستوى التكليف؟
لا شيء يوحي بذلك، لكن توجِّه بعض الأوساط أنظارها باتجاه المملكة العربية السعودية وما سيكون موقفها من مسألة التكليف في المقبل من الأيام.