تحقيقات - ملفات

كتب نارام سرجون: جمهورية الالعاب.. اللعبة تلعب بالالعاب.. الحكومة اللبنانية في الملاجئ الاسرائيلية.

نارام سرجون:

يقال ان الجسم يقشعر من المفاجآت الصعبة التي تأتي على غير انتظار.. واللبنانيون حساسون جدا للصدمات والمفاجآت.. فقد رأيناهم كيف صدموا بمقتل رفيقء الحريري واكتشفوا فجأة ان الرجل لم يكن يسرق لبنان ولم يكن يستثمر لبنان لصالحه ولم يكن يحشر السعودية في فراش لبنان.. بل صار فجأة نبيا ومسيحا مخلّصا.. وبين المسلمين لايشبه الا الفاروق عمر بن الخطاب اله العدل رغم كل الفساد والخراب الذي جاء به الى لبنان.. ولم يكن ينقص تيار المستأبل الا ان يقول ان عمر بن الخطاب هو من كان يشبه رفيء الحريري وليس العكس..

يعني سمعت مطولات وموشحات عن الراحل رفيء الحريري وكل من يعادي سورية جعلتني ارثي لحال العرب لأنهم غير منطقيين.. فالحريري صار هو المسيح وجيزيل خوري مريم المجدلية ونائلة معوض هي مريم العذراء.. وسمير قصير هو يوحنا المعمدان واما جبران تويني فصار بطرس الذي انكر المسيح ثلاثا قبل صياح الديك ليصبح حواريا.. فلم يعد من الجائز الا ان يكون هؤلاء مقدسين.. فقط لكي تتهم سورية انها مغرمة بقتل الانبياء ولاتقتل الا الصالحين والقديسين.. مثلها مثل اليهود..

ولأنني أحب ان أرى الدهشة وآثار الحئيئة على وجوه تيار المستأبل وتيار المفكر ابن رشد اللبناني سمير جعجع.. وحزب فلاديمير لينين الجبل وليد بيك جنبلاط.. ولانني احب ان ارى الحئيئة على محيا اللبنانيين واللبنانيات فانني قررت أن أفاجئهم وأفاجئهن بحقيقة كانت مخبأة ستجعل أبدانهم وأبدانهن الطرية البضة تقشعر من هول الصدمة..

نعم سيستغرب اللبنانيون واللبنانيات عندما يكتشفون حقيقة مذهلة وصعبة وهي انهم لم يكونوا مستقلين على الاطلاق الا في فترة ما يسمونه عهد الوصاية والاحتلال السوري.. اي ان فترة استقلال لبنان خلال الخمسمئة سنة الفائتة كانت فقط لمدة 29 سنة هي الفترة التي تحرر فيها لبنان من كل انواع الوصايات والاحتلال.. فقد خضع هذا اللبنان للاتراك مع سورية 400 سنة.. ثم خضع للفرنسيين الى زمن الاستقلال.. ولكن استقلاله كان صوريا لأن فرنسا وضعت اجهزة الريموت كونترول في كل لبنان وصارت تتحكم باللبنانيين كأنهم دمى من برج ايفل.. وكان لبنان هو أول ألعاب التحكم عن بعد التي ظهرت في السياسة ومنها خرجت فكرة اجهزة التحكم عن بعد للأجهزة الكهربائية.. فاذا كانت الطوائف تتحرك بالريموت كونترول فان الالات يمكن ان تفعل نفس الشيء.. وهذه الفكرة استنبطتها بريطانيا كنموذج خلاق للاستعمار الحديث في الخليج العربي الذي تصرفت فيه بنفس الطريقة.. حيث ابتعدت وادعت انها عادت الى ضباب لندن.. ولكنها وضعت وكلاء لها وهؤلاء يتم تحريكهم بالريموت كونترول من مقاهي لندن..

ولافرق هنا بين الحئيئة (اللبنانية) والحجيجة الخليجية (باللهجة الخليجية).. اذ ليس هناك اي فرق بين شيوخ الخليج وشيوخ لبنان من كافة المذاهب.. الفرق هو في اللغة التي يتبعون لها في نظام الريموت كونترول فقط.. فشيوخ لبنان يلثغون بالفرنسية ويتشدقون بـ (لو فرانسيه) أما في الخليج فيتحدثون (الانجليش) بطلاقة.. فما هو الفرق مثلا بين القرار المستقل لآل ثاني في قطر وآل الحريري في لبنان؟ الآل الأول لعبة تدير العابا في قطر واللعبة تديرها اجهزة مخابرات بأجهزة تحكم عن بعد.. والآل الثاني لعبة تدير الشارع السني بكل ألعابه وهي نفسها تدار من ريموت عن بعد من باريس وواشنطن.. واحيانا تتحرك بشكل غير مباشر حيث ان الريموت يدير الدمية السعودية التي بنفسها تدير الدمية الحريرية التي بنفسها تدير الشارع السني اللبناني والسياسة اللبنانية.. والامر كذلك ينطبق على آل جنبلاط.. فهذا الآل لا يعتبر ملكية جماعية اشتراكية فهو مجموعة اسهم ويتم تداولها وبيعها وشراؤها في بورصة السياسة.. فيوما كان يباع اسهما لغازي كنعان حصريا ويوما لعبد الحليم خدام.. واليوم تتوزع اسهمه بين فيلتمان والسفير السعودي والفرنسي والسفيرة الامريكية.. وكل من يمسك جهاز التحكم يصبح صاحب الدمية الجنبلاطية التي بنفسها تدير الالعاب والدمى في الجبل والطائفة ..

مضحك جدا مايحدث في لبنان وهذا الامساك الذي أصاب الجهاز الهضمي للبنان ولم تخرج الحكومة العتيدة من أمعاء المشاورات وكأنها حكومة العالم.. فالحكومة اللبنانية لن تنفع معها كل الملينات لاخراجها بسلام من بطن لبنان.. هل هذا دليل صحة او دليل مرض عضال في مرحلة نهائية؟؟

تخيلوا دولة انفجر ميناؤها بقنبلة ذرية.. وطارت دولاراتها وكأن قنبلة ذرية انفجرت في مصرف لبنان واختفى معها كل شيء وتبخر.. ومع هذا لايقدر ابن امراة ان يشتري علبة دواء من الصين او ايران بل ينتظر التسول والصدقات او احراق الاطارات في الشارع.. بلد لايوجد فيها محروقات ولاكهرباء رغم انه لاحرب ولاضرب ولاعقوبات امريكية ولاقسد ولاتركيا فيها ولايجرؤ ابن امرأة على شراء النفط ومحطات الطاقة من الصين او روسيا او ايران.. ومع هذا يتم تحريك الدمى.. والدمية تحرك الدمى الاصغر في الطوائف.. والدمى في الطوائف تحرك الدمى في الشوارع.. ثم يتوقف الحريري ويعلن استحالة خروج الحكومة اللبنانية من بطنه رغم انه اعطي زيت الخروع منذ اشهر.. ولم تخرج الحكومة من مقعده..

هذه اعراض دولة محتلة.. لان من علامات الاستقلال الوطني هو ان هذه الاستعصاءات يتم حلها لمصلحة البلد وليس باشارات خارجية.. وسورية عندما كانت في لبنان فان مافعلته هي انها أعطته استقلاله لاول مرة بأنها منعت اي زعيم طائفة ان يأتي بحلول سياسية من خارج لبنان.. قالت لهم انتم احرار في بلدكم ولن اسمح لقوة في العالم ان تقرر مايجري في لبنان الا القوى اللبنانية نفسها.. ولكنها اكتشفت ان الفطام عن الريموت كونترول ليس سهلا فوضعت ريموت كونترول غازي كنعان على الزعامات والمراهقين السياسيين لفصلهم عن العامل الخارجي فقط.. ولذلك ورغم كل ماقيل عن فترة الوجود السوري فانها كانت فترة تمايز الدولة واضمحلال الزعامات والطوائف.. وكانت الازمات كلها تتراجع فورا بسبب ان الدمى المحلية نزعت عنها بطاريات الريموت كونترول.. وعليها ان تتصرف بطريقة طبيعية ودون شحنات خارجية.. ولذلك حل الوئام والانسجام ولو ظاهرياً.. ولو استمر الوضع عشر سنوات اخرى لماتت كل القوى الرجعية والزعامات العائلية ونشأ جيل لبناني لاعلاقة له بالبيكوات والآلات العائلية اللبنانية..

القوى التي تتهاوش على الصيدة اللبنانية اليوم لم تقرر ميلاد الحكومة.. ومن الواضح ان الريموت كونترول الامريكي حرك الدمية السعودية.. والدمية السعودية حركت الدمية اللبنانية.. والدليل هو ازمة الحكومة اللبنانية وتلاعب الحريري بمصائر اللبنانيين بناء على تعليمات خارجية رغما عنه.. فقرار الحريري بتعقيد الحل وتشكيل الحكومة ليس من رأسه بل هو قرار امريكي تبلغته السعودية.. وهذا الخلاف السعودي الحريري مطابق تماما للخلاف التركي الاسرائيلي ومسرحيات مرمرة ودافوس..

باختصار السعودية واسرائيل واميريكا يريدون اشعال حريق في لبنان لأن قوة حزب الله يجب امتصاصها بصدور تيار المستقبل وليس بصدور الاسرائيليين.. فصدر الأمر للحريري ليتدارك التقصير السابق الذي تسبب بالغضب السعودي عليه عندما فشل في تحريك لبنان ضد حزب الله..

الزعران الذين انزلوا الى الشارع لديهم مهمة واضحة وهم يقبضون ثمن هذه الزعرنة مثل الزعران الذين كانوا يرسمون طريق مايسمى بالربيع العربي والثورة السورية.. وهم يبدأون كما بدأ الزعران السوريون في بداية الاحداث السورية حيث كنا نعلم ان من يرقصون في الطرقات كانوا يتقاضون اموالا لقاء كل مظاهرة وكل شعار وكل شتيمة وكل جريمة.. والغاية كانت هي تحريض المشاعر واستدراج الناس للانفعال والتقاتل.. وهؤلاء يريدون استدراج جمهور المقاومة الى رد فعل عبر المبالغة في الاستفزاز.. ويبدو ان أمر العمليات وصل اليهم بألا يعودوا الى بيوتهم..

نصيحة ياسيد حسن.. كي تعيد هؤلاء الى بيوتهم.. عليك ان تدخل الاسرائيليين في الملاجئ.. وعندها سيطلب الاسرائيليون من السعوديين ان يحركوا الدمية سعدو كي يحرك دماه في الشارع اللبناني ويعيدها للبيت.. وغير ذلك مضيعة وقت.. لأن هؤلاء ليس بيدهم الحل والربط.. كل عالمنا العربي دمى وهذه الدمى لاتملك قرارات.. ولذلك لاتتوقف حرب اليمن.. ولاتتوقف الشعوذات السورية.. ولا الشعوذات العراقية والليبية.. الحل دوما في ادخال الاسرائيليين الى الملاجئ وعندها فقط يستيقظ اللبنانيون وتيار المستأبل من التنويم المغناطيسي.. وعندها ستتشكل الحكومة في لبنان في ساعات.. وسيعمل زيت الخروع في انهاء الانسداد الحكومي.. وخروج الحكومة اللبنانية من شرج اسرائيل…… الى النور ..

المصدر: نارام سرجون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى