ملاك عقيل -أساس ميديا
وفق معلومات “أساس”، سيدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة، الأسبوع المقبل، لهيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل، لمناقشة ردّ القاضي البيطار الذي بُلِّغ النواب به عبر الإعلام أيضاً قبل أن يصل إلى الأمانة العامة لمجلس النواب.
وقد أكّد القاضي البيطار في كتابه عدم إمكان تزويد المجلس بالمستندات والأدلّة المطلوبة حفاظاً على سريّة التحقيق. ويُنقل عن المحقّق العدلي أنّ “عدم منح الأذونات المطلوبة من مجلس النواب في ما يخصّ النواب والوزراء السابقين، لن يؤثّر على مجرى التحقيق، حيث سيُضمِّن البيطار قراره الاتّهامي نوع الجرم المُسنَد إلى هؤلاء، والموادّ القانونية التي تُطبَّق عليه، وبأنّ عدم منح الأذونات المطلوبة أدّى إلى وقف الملاحقة بحقّهم. والأمر نفسه ينطبق على القادة الأمنيّين في حال عدم منح الإذن بملاحقتهم”.
وتفيد مصادر قضائية أنّ “الشخصيات السياسية والأمنيّة التي ادّعى عليها القاضي البيطار، ولم يتمكّن من الاستحصال على الإذن بملاحقتها، تبقى محصّنة من مسار الملاحقة القضائية حتّى بعد صدور القرار الاتّهامي وبدء المحاكمات أمام المجلس العدلي، حيث يمكن الاستماع إلى أقوال هؤلاء وإفاداتهم أمام المجلس العدلي كشهود فقط (وينطبق ذلك على رئيس الجمهورية أيضاً) وليس كمدّعى عليهم”.
ويتمحور ردّ مجلس النواب المرتقب على جواب القاضي البيطار، حول نقطتين أساسيّتين:
– الأولى: إنّ اللجنة النيابية المشتركة اشترطت في بيانها، الذي أصدرته يوم الجمعة الماضي، بأنّ مخاطبة الهيئة العامة (رفع التقرير إليها لبتّ مسألة رفع الحصانة) “يجب أن تكون مرفقة بكامل المستندات التي ذكرتها المادة 91 من قانون النظام الداخلي لمجلس النواب، وبأنّ الهيئة
المشتركة فور تزويدها بالجواب المطلوب ستحدّد اجتماعاً آخر للّجنة المشتركة لإعداد التقرير للهيئة العامّة”.
وبعد رفض البيطار طلب مجلس النواب، تفيد مصادر نيابية بأنّ “المجلس سيتجاوز هذا المطبّ، وسيدعو رئيسه إلى جلسة. وسيكون هذا الرفض، على الأرجح، هو المرتكز القانوني الذي سيستند إليه مجلس النواب لرفض النقاش في رفع الحصانة عن النواب الثلاثة ما دامت الأدلّة غير موجودة بين يديه لكي يُتاح له البحث في رفع الحصانة وفق موجبات المادة 91”. وكانت أوساط معنيّة قد “تخوّفت من أن يكتسب التصويت على الحصانة في الهيئة العامة بعداً طائفياً بالنظر إلى مواقف كتلتيْ القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر الداعية إلى رفع الحصانات تلقائياً”.
– الثانية: وجود فريق نيابي يُسلّم بأنّ المسألة لا تكمن في رفع الحصانة، بل المسألة الأهمّ أنّ الادّعاء على الوزراء السابقين ومحاكمتهم يجب أن يحصلا بموجب الدستور أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. ويشير هذا الفريق إلى أنّ “انطلاقة القاضي البيطار كانت خاطئة عبر الادّعاء، ثم طلب رفع الحصانة عن نواب لم يرتكبوا الجرم المُسند إليهم كنواب بل بصفتهم الوزارية. لذا محاكمة هؤلاء بناءً على هذه الصفة تحكمها نصوص خاصّة تحيل هؤلاء إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.
وهنا لبّ الموضوع، إذ ستحضر على طاولة اللجنة المشتركة المقارنة بين ما فعله القاضي البيطار حين تبيّن له وجود شبهات تطول قضاة، فعمد فوراً إلى الالتزام بما تفرضه القوانين، فراسَل النيابة العامة التمييزية طلباً لملاحقة هؤلاء القضاة الذين اشتبه في كونهم مقصّرين في ملف نيترات الأمونيوم على أن يُحاكَموا أمام محكمة خاصة بالقضاة مؤلّفة من رؤساء غرف محكمة التمييز.
لكن في المقابل لم يفعل الأمر نفسه مع الوزراء السابقين الذين يخضعون وفق نصّ دستوري واضح للمحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وارتأى أنّه الجهة الصالحة للادّعاء والملاحقة.
وتسأل مصادر نيابية: “أين وحدة المعايير؟ وما الذي مَنَع القاضي البيطار من تزويد مجلس النواب بمستندات لا تكشف سرّية التحقيق، وهذا أمرٌ ممكن ومُتاح؟”.
يُذكر أنّ المحقّق العدلي السابق فادي صوّان بادر إلى الطلب من مجلس النواب “إجراء المقتضى” بحقّ وزراء سابقين اشتبه في تقصيرهم وإهمالهم، مسلِّماً أنّه ليس صاحب صلاحيّة في الادّعاء. لكنّه، بعدما اصطدم بطلب مجلس النواب تزويده بالأدلّة، عاد وادّعى عليهم في مسار قاد إلى تنحيته لاحقاً.
وسبق أن ردّ مجلس النواب استباقياً، على لسان نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي، على القاضي البيطار في حال عدم إرساله خلاصة التحقيق والأدلّة المطلوبة بالقول: “هل من المعقول أن يعرقل الأستاذ القاضي طارق البيطار سير العدالة التي هو مسؤول عنها؟!”.
وتنصّ المادة 91 من قانون النظام الداخلي لمجلس النواب على أن “يُقدّم طلب الإذن بالملاحقة وزير العدل مرفقاً بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز تشتمل على نوع الجرم، وزمان ومكان ارتكابه، وعلى خلاصة عن الأدلّة التي تستلزم اتّخاذ إجراءات عاجلة”. أمّا ما سلّمه القاضي البيطار فاعتبره مجلس النواب غير كاف ولا يتناسب إطلاقاً مع الاتّهامات الموجّهة إلى النواب الثلاثة بجناية القصد الاحتمالي وجنحة الإهمال والتقصير.