الحريري يعتذر “بالمصري”.. وعون أحال التشكيلة على باسيل
|
أساس ميديا – الخميس 15 تموز 2021 |
– الأوّل: أنّ الاجتماع تمّ بحضور وزير الخارجية سامح شكري ورئيس المخابرات العامة عباس كامل، وهذا أعلى مستوى سياسي متاح من المسؤولين المصريين لحضور مقابلة مع رئيس مكلّف بتشكيل حكومة في لبنان. وهذا يعني أنّ الملفّ اللبناني صار واحداً من أولويات والاهتمامات المصرية الخاريحة، وفق قراءة محدّدة بعنوان “إعادة تكوين السلطة بتوازناتها الدستورية في لبنان”. وهي ما عمل السفير المصري في لبنان ياسر علوي طويلاً على تكوين قواعدها في بيروت والقاهرة.
– أما المؤشّر الثاني: فهو الصياغة الاستثنائية لكلام المتحدّث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، الذي بدأ بالكلام التقليدي عن الترحيب الرئاسي ثم أكمل بـ”الدعم الكامل للمسار السياسي للرئيس الحريري”. ليكمل في ما يمكن اعتباره الجزء الثاني من الحديث بجملة “فضلاً عن جهود تشكيل الحكومة”.
الباقي من النصّ المصري تفاصيل. إذ أنّ “الدعم الكامل للمسار السياسي للحريري” يعني أنّ هناك تحالفاً جديداً نشأ بين القيادة المصرية وبين الحريري. ليس بشأن تشكيل الحكومة فقط، بل بما يواكب تشكيلها من مطبّات وعراقيل، ومع مهماتها إذا تشكّلت أوّلاً، وثانياُ في مرحلة المواجهة اللاحقة لعدم التشكيل، في الداخل اللبناني، وفي الخارج أيضاً.
الصداقة مع القيادة المصرية كانت دائماً موجودة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، منذ السنة الأولى لتولّيه رئاسة الحكومة في العام 1992، وانتقلت إلى الابن عندما تولّى شؤون جمهور والده، مع الرئيس الراحل حسني مبارك. إلا أنّ التحالفات كانت في مكان آخر.
من المبكر الجواب عما إذا كان هذا التحالف، وإن كان منسّقاً مع الفرنسيين، قادراً على حماية الاعتذار من عدمه.
بالعكس، يؤكّد نصّ “دعم المسار السياسي” على لسان المتحدّث الرئاسي المصري، بأنّ الرئيس الحريري حصل على موافقة مصرية للاعتذار مساء اليوم، في مقابلة الحريري مع الزميلة مريم البسّام على شاشة تلفزيون “الجديد”.
في الشكل عاد الحريري من القاهرة إلى بعبدا ليقدّم تشكيلة جديدة لحكومة من 24 وزيراً من الاختصاصيين حسب قوله، وفق المبادرة الفرنسية ووفق مبادرة الرئيس نبيه برّي. والحريري ينتظر الجواب اليوم الخميس من رئيس الجمهورية. وجاء الردّ من الرئاسة ببيان أوضح أنّ الحريري “طلب من فخامة الرئيس جواباً عن هذه التشكيلة قبل ظهر الخميس”. وفي دردشة مع الإعلاميين ردّ عون” بيؤمر”. وهي تشبه الكلمة التي قالها سمير جعجع ردّاً على ميشال عون قبل حرب الإلغاء: “بيمون الجنرال عون”، وبدأت الحرب من بعدها.
وأضاف بيان بعبدا: “وأبلغ فخامة الرئيس الرئيس المكلف، أنّ التشكيلة المقترحة بالأسماء الواردة فيها وبالتوزيع الجديد للحقائب، ستكون موضع بحث ودراسة وتشاور ليُبنى على الشيء مقتضاه”. وهذا فخّ واضح يُراد منه تعطيل مفاعيل المقابلة التلفزيونية مساء اليوم.
وعلم “أساس” أنّ الحريري حاول 3 مرّات خلال اللقاء مع عون أن يحصل على موعد منه اليوم، لكنّ عون لم يتجاوب.
وبالطبع هذا يعني أنّ الرئيس عون لن يعطي جوابه على التشكيلة اليوم، بناءً على “أمر” الحريري، بل سيدرس ويتشاور، وفي الخلاصة سيدخل تعديلات على التشكيلة تجعلها مرفوضة من الحريري. إذ أنّ الضوء الأخضر لتشكيل الحكومة لم يأتِ بعد لا من فيينا حيث المفاوضات النووية بين إيران وأميركا، ولا من طهران حيث احتلّ المتشدّدون لصالح “الحرس الثوري” مواقع المسؤولية بحضور وحماية المرشد الأعلى.
وليلاً قالت مصادر مواكبة لـ”أساس” إنّ تشكيلة الـ24 تتضمّن الـ18 السابقين، مع تعديلات طفيفة، ومع إضافة 6 وزراء، 3 مسيحيين (1 مقرّب من الحزب القومي السوري و2 احتفط الحريري بحقّ تسميتهما) و3 مسلمين (سنّي وشيعي ودرزي أرسلاني).
مصادر بعبدا قالت لـ”أساس” إنّ “الأسماء الجديدة والتوزيع الجديد للحقائب بين الطوائف هو ما يحتاج إلى وقت لدراسته والتشاور حوله”، وأنّ “إعطاء موعد محدّد لرئيس الجمهورية كي يعطي جواباً على التشكيلة هو أمر غير مألوف ولا يوجد نصّ دستوريّ يبرّره”.
في حين أوحت مصادر قريبة من بيت الوسط بأنّه “لا إمكانية للتعايش مع عهد الرئيس عون”، وأنّ “طلب الوقت للتشاور يعني المزيد من الأخذ والردّ لنعود مجدّداً إلى مربّع التعطيل نفسه”، وأنّ “توزيع مصادر عن التيار الوطني الحرّ أخباراً عن التشكيلة وأنّ فيها أسماء لا يعرفها الرئيس ومن دون سير ذاتية وافية يظهر بما لا يقبل الشكّ نيّة التعطيل وعلك الوقت”، ما يعني أنّ عون أحال التشكيلة فوراً إلى النائب جبران باسيل، ليبدأ في توزيع “المصادر” التي تستهدفها.
الأجواء سلبية إذاً. ولبنان قاب قوسين أو أدنى من الاعتذار، لندخل في مجهول سياسي، قد يقود البلاد إلى فوضى سياسية وأمنية واجتماعية، ترافق الفوضى الاقتصادية والإفلاس المالي.