} عمر عبد القادر غندور*-البناء
شهد الأسبوع الماضي حراكاً «رسولياً» بارزاً كان على رأسه بابا روما، وحشد له العديد من الشخصيات المهمة من غير السياسيين، ووجّه نداء الى دول العالم هو أشبه بالاستغاثة، طالباً مدّ يد العون لبلد كان الى الأمس القريب، بلد الرسالة والتنوّع والتعايش.
وفي فرنسا صدرت توصية للجنة الدفاع والقوات المسلحة في البرلمان الفرنسي تدعو إلى وضع لبنان تحت إدارة دولية، هي أشبه بالانتداب على دولة ذات سيادة!
وفي بيروت توافقت سفارتا فرنسا والولايات المتحدة على زيارة مشتركة الى الرياض لحلّ أزمة تشكيل الحكومة وقيام حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة وتكون ملتزمة وقادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة ومعالجة عقود من سوء الإدارة والفساد.
كلّ هذه التحركات تنبئ انّ لبنان ليس متروكاً! ولكن مع وقف التنفيذ…
فيما تواصل الانهيار في أبشع صوره، واستسلم اللبنانيون للعتمة وخرجت معامل الإنتاج من الخدمة، ولامس صرف سعر الدولار العشرين ألف ليرة وأقفلت الصيدليات أبوابها، واختفت معظم الأدوية، وأوصدت بعض المستشفيات أبوابها بسبب انقطاع الكهرباء، وحلّقت أسعار المواد الغذائية على نحو لا قدرة للمواطن على شرائها، ولم يكن سهلاً ولا مقبولاً أن تعلن اللجنة التنفيذية للقاح كورونا إلغاء ماراتون «استرازينيكا» و «فايزر» الذي كان مقرّراً القيام به يوم السبت الفائت، وذلك بسبب انقطاع الكهرباء والانترنت.
ومع ذلك تستمرّ الوعود الكاذبة والترقيعات ويتواصل اختفاء البنزين، وتتريّث المصارف قبل تنفيذ مضمون التعميم 158 وترى فيه غموضاً تعمل على معالجته في الوقت الحاضر.
وعلى وقع هذا المسار التصاعدي التراكمي توجهت السفيرتان الأميركية والفرنسية الى الرياض للبحث في أزمة تشكيل الحكومة، وهو ما اعتبره كثيرون تطاولاً على السيادة الوطنية!! ومع ذلك لا يمكن فصل هذا التحرك الغير مألوف عن الاتصالات الجارية بين عدد من الدول المعنية، ولا نتائج ملموسة حتى الآن، ويُقال إنّ الفرنسيين والأوروبيين يخشون من مضاعفات الانهيار المؤكد في لبنان ما قد يتسبّب بهجرة جديدة الى أوروبا ليس من النازحين الفلسطينيين والسوريين وحسب بل من اللبنانيين أيضاً، وأفضل مليون مرة أن يُصار إلى لملمة الوضع عن طريق مساعدات تكون كافية تُبقي الوضع على حاله، لكنها لا تُسمن ولا تُغني من جوع.
ويقول خير الله خير الله في صحيفة «العرب» اللندنية انّ توجه السفيرتين الأميركية والفرنسية الى الرياض سابقة في تاريخ العلاقات بين الدول، واعتراف بأنّ لبنان بات دولة فاشلة .
والطبقة السياسية الفاشلة لم تعد تملك شيئاً وهي مدانة من الجميع متحصّنة بجلود التماسيح وما زالت تعرقل تشكيل الحكومة بفعل اختلافاتها على الحصص والمكاسب لتأمين مستقبلها السياسي وضمان فوزها بالانتخابات المقبلة ولا يعنيها من قريب أو بعيد، ما وصلت اليه البلاد من فقر وعوز وعجز وتدخلات غير مشروعة! حتى ذكرت صحيفة «التلغراف» اللندنية: يمكن للجيش اللبناني ان يمنع الانهيار الكامل إذا استطاع قادته الاستمرار في إطعام جنوده!
وهناك مثل عربي قديم وبليغ يقول: من رعى غنماً في أرض مأسدة وغاب (أرض اعتاد الأسد غزوها للاصطياد) تولى رعايتها الأسد.