تعميم 158: “سعادة الحاكم” يُشرعن نهب المودعين
أصدر المصرف المركزي تعميم رقم 158 الذي يقضي وبطريقة غير مباشرة “بتحويل ثلث الودائع من الدولار إلى الليرة… ومصمّم لتحميل الكلفة لأصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة، وباطنه تجميد للحسابات المصرفية”
لا يتأخر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن مفاجأة اللبنانيين، ففي كل مرة يظن فيها المواطن اللبناني انه قد وصل إلى حد الخسارة الأكبر في ظل الانهيار الذي تشهده البلاد، يخرج سلامة ليعلن عن “بدعة” جديدة يتملّص فيها عن مسؤولياته و”يشرعن” بها نهب أموال المودعين.
في أوج الأزمة النقدية والمالية والتضخم الكبير الذي يشهده لبنان، أصدر المصرف المركزي تعميم رقم 158، الذي يقضي وبطريقة غير مباشرة “بتحويل ثلث الودائع من الدولار إلى الليرة… ومصمم لتحميل الكلفة لأصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة، وباطنه تجميد للحسابات المصرفية، ويشكّل حماية للمصارف على حساب المودعين” كما أكدت رابطة المودعين والتي ناشدت “أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة عدم الرضوخ لمحتوى القرار… وعلى القضاء المعني باتخاذ الإجراءات لكف يد حاكم مصرف لبنان عن العبث بالأمن الاجتماعي وتعدّيه السافر على القانون والدستور”.
كيف يرحّل تعميم 158 أموال المودعين؟
يقضي التعميم الصادر عن المصرف المركزي -الذي دخل حيّز التطبيق مع بداية تموز الجاري- إلى تقسيم المودعين إلى قسمين:
القسم الأول: أصحاب الحسابات الذين حوّلوا أموالهم إلى دولار قبل 30/10/2019، وهؤلاء يحق لهم -حسب التعميم- سحب أموالهم على سعر 3900 ليرة.
القسم الثاني: أصحاب الحسابات الذين حوّلوا أموالهم إلى دولار بعد التاريخ المذكور والذين يحق لهم سحب أموالهم على حساب 400$ نقدًا، و400$ نصفها على حساب سعر صرف المنصة 12000 والنصف الآخر يستفيد منها عبر الشيكات والبطاقات المصرفية.
وبتفنيد هذا التعميم نجد ما يلي:
-يستغل هذا التعميم حاجة اللبنانيين إلى الدولار بعدما أصبحت كل السعر الأساسية وغيرها تخضع للسوق السوداء التي وصل فيها سعر الصرف إلى 19450، وبالتالي سيهرع الكثير من اللبنانيين “للمصادقة” عليه.
-يحاط هذا التعميم بمجموعة شروط على المودع المواقفة عليهم، قد تختلف من مصرف إلى آخر إلا ان الأغلب قد أجمع على التالي:
– نصف الوديعة تجمّد تلقائيا عند التوقيع لـ5 سنوات تقريبا، وبالتالي تكون المصارف قد “حيّدت نفسها” عن مطالبة المودعين لها لسنوات.
-يمكن للمصرف اقفال الحساب متى أراد، فيمكن بعد استفادة المودع من التعميم لعدة أشهر على سبيل المثال، ان يقوم المصرف بإقفال الحساب دون سبب.
-يحق للمصرف الدفع بالعملة التي يريدها حتى لو كان الحساب بالعملة الأجنبية (وبشيك مصرفي أيضا).
-التعميم هو قرار إداري وليس قانون صادر عن المجلس النيابي وبالتالي يمكن للمصرف الرجوع عنه متى أراد ذلك، كأي قرار إداري آخر، كما يمكن لأي من المستهدفين تقديم الطعن به وبالتالي يقوم القضاء المختص بإبطاله، وبذلك يكون لا ضمانة للمودع.
– يمنع وفقا للتعميم ان يجري صاحب هذا الحساب المستفيد من تعميم رقم 158 أن يجري تحويلات خارجية على الإطلاق.
كيف سيؤثر هذا التعميم على الدولار بالسوق السوداء؟
يقول خبراء مصرفيون ان هذا التعميم لن يؤثر سلبا ولا إيجابا على حركة سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء.
بعملية حسابية بسيطة وعلى اعتبار ان ليس كل المودعين سيتجهون نحو “الاستفادة” من هذا التعميم، فإن التدفق النقدي بقيمة 7 مليار دولار تقريبا على 5 سنوات لا يمكنه أن يحدث تغييرا يُذكر بقيمة العملات المتداولة.
أما بالنسبة لغير المتعمقين “بدهاليز” هذا التعميم من كبار السن او الذين لا يتعاطون بالشأن المالي ويعرفونه “معرفة سطحية” تلبّي حدود احتياجاتهم فقط، والذين “ائتمنوا جانب المصارف” فسيقعون ضحية هذه “المافيا” التي تعمل من خلال قرارها هذا بتشريع سرقة الودائع بطريقة ملتوية. حيث تطلب البنوك في متن الملحق التوقيع على براءة ذمة مالية لا يُطال من بعدها المصرف ولا يتحمل أي جزء من المسؤولية، وبالتالي يكون المودع اللبناني قد “ائتمن مَن لا يؤتمن”.
مجموعة من “الأفخاخ” وضعها “سعادة الحاكم” في طريق اللبنانيين وهم ذاهبون بخطى ثابتة نحو الانهيار الكبير الذي كانت تعاميم الحاكم وإجراءاته وسياساته المالية الركيزة الأساس له، والتي أساءت إلى سمعة الشعب اللبناني بكل قطاعاته ومؤسساته المصرفية والمالية والعسكرية والإدارية.. و الذي يُساء إلى كرامته أكثر مع كل يوم يبقى فيه سلامة على رأس عمله.
موقع الخنادق
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع