قراءة في تقرير “الاتجاهات العالمية 2040”
الولايات المتحدة الأميركية
مركز الإتحاد للأبحاث والتطوير
أصدر مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكي تقريره حول “الاتجاهات العالمية” في شهر آذار الماضي من العام 2021. وهو تقرير دوري يصدر كل أربع سنوات، وقد قدّم هذه المرة استشرافًا طويل المدى يغطي الاتجاهات العالمية حتى العام 2040.
قدّم التقرير صورة عامة عن العالم خلال العشرين عامًا القادمة قوامها بيئة تنافسية؛ تحكمها نزاعات إقليمية داخل الدول، وضغوط دولية، وتدهور بيئي، وتراجع ديمقراطي. وسيشهد عدة تهديدات وتحديات، يمكن القول إن نصيب دول غرب آسيا من التحديات بشكل عام هو في التعافي من أزمة كوفيد -19 وتداعياتها المتنوعة، وتحديات الحوكمة المحلية، وإدارة العلاقات مع الجيران، وبناء التحالفات الخاصة أو تقوية التكتلات الإقليمية البارزة. وتعد أبرز التهديدات الإرهاب، والهجرة الجماعية، والخصوصية الرقمية، والتهديدات الأمنية للجهات الفاعلة غير الحكومية، والجماعات الجهادية العالمية، وتطور أساليب الهجوم عن بعد. أما الفرصة الأبرز فهي عدم وجود قوة راجحة أو إجماع عالمي على بعض المجالات الرئيسة.
ستواجه الدول مزيجًا من الأسلحة التقليدية والاستراتيجية شديدة التدمير والدقة، والنشاط السيبراني الذي يستهدف البنية التحتية المدنية والعسكرية، وبيئة مضللة مرتبكة. كما سوف يتنافس اللاعبون الإقليميون لتعزيز الأهداف والمصالح، مما يؤدي إلى مزيد من التقلب وعدم اليقين في النظام الدولي. ومن المرجح أن تنتج ديناميكيات القوة المزيد من البيئة الجيوسياسية المتقلبة والمواجهة، وإعادة تشكيل التعددية، وتوسيع الفجوة بين التحديات عبر الوطنية والترتيبات التعاونية لمعالجتها. وقد تكافح الدول لإقامة ردع مستقر مع هذه الأنظمة الجديدة، خاصة إذا استمرت القواعد والمعاهدات التي تحكمها في التآكل أو التأخر. ويتنبأ التقرير باستمرار صعود دور إيران الإقليمي وبأنها ستكون أكثر “عدوانية”، وقد يزيد تنامي جهود حزب الله وإيران لترسيخ محور مقاوم شيعي من تهديد الهجمات غير المتكافئة على المصالح الإسرائيلية والأمريكية والسعودية وغيرها في غرب آسيا.
وفي ما يلي بعض أهم النقاط المشتركة الواردة ضمن التقرير، التي قد تسهم في تحديد ملامح الإطار العام لبرنامج عمل دول المحور بعيون المشهد العالمي المقبل. ونقسمها إلى تهديدات وتحديات وفرص، وهي:
التهديدات:
1. تغير الاقتصاد والمشهد الجيوسياسي العالمي بشكل كبير مع التحول العالمي للطاقة المتجددة، لتواجه الدول النفطية تراجعًا كبيرًا في إيراداتها، وسيتلاشى نفوذها النفطي، وستتراجع مع مرور الوقت مكانة السلعة الأهم في العالم سابقًا.
2. نشوء الصراعات نتيجة التنافس المتزايد على مصادر الغذاء والماء والمعادن والطاقة.
3. الصين وروسيا والهند ستحاول الاستفادة من ذوبان جليد القطب الشمالي للبحث عن موارد والاستفادة من طرق تجارية أقصر. (هذه النقطة تصلح أن تكون فرصة أيضًا لدول المحور)
4. الحركات الجهادية العابرة للحدود.
5. الاختلال الأمني الواسع في غرب آسيا وعودة الهويات الإثنية والدينية الفرعية، بسبب الركود الاقتصادي، مما سينهك المجتمعات ويقسم الدول وينشر الفوضى.
6. مواجهة الدول ذات المصالح القوية في قطاع النفط، مثل إيران وروسيا والسعودية ودول الخليج حركات سياسية ضد النظام تهدد بنزاعات اجتماعية وسياسية عميقة.
التحديات:
1. أي لاعب دولي يسعى للتفوق على منافسيه يجب أن يتحلى بقدرة على التكيف والتأقلم، وذلك في قضايا مثل التغير المناخي والديموغرافي والتكنولوجي.
2. إعادة توجيه اقتصاد الدول النامية [وبالطبع دول المحور منها] مع معاناتها وسط التكتلات الاقتصادية والأمنية المتعددة التي ستنشأ نتيجة المشكلات الاقتصادية والتهديدات الإرهابية والصحية، وتعرضها لخطر أن تصبح دولًا “فاشلة”.
الفرص:
1. نتيجة التحول الخطير في المكانة النفطية، ستبرز المنافسة على مواد مثل “الكوبالت والليثيوم وبعض المعادن النادرة” (Cobalt, Lethium)، المواد التي تستخدم في البطاريات والمحركات والمولدات.
2. اضطرار الجيوش لتغيير تصميمات القواعد الجوية والبحرية نتيجة الضغوط المادية المتوقعة والتغيرات المناخية والأزمات المرافقة واضطرارها لاستخدام المزيد من مواردها لعمليات الإغاثة داخل وخارج بلدانها.
3. مع الزيادة في عدد “الاقتصادات الكبرى” التي ستظل في تصنيف “الدول النامية”، من المحتمل مطالبة تلك الدول بتأثير أكبر في سياسات المنظمات الاقتصادية الدولية، لتصب في صالحها أكثر، وهو ما سيتعارض مع مصالح الدول المتقدمة، وبسبب هذه التوترات قد تنشأ منظمات موازية.
4. يوجد ثلاثة مجالات تقنية قد تحدث تغييرا كبيرا في شكل المستقبل: الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، والمواد والتصنيع.
5. صعود الصين لتصبح قوة عالمية كما يتوقع التقرير، سيجعلها تتطلع لفرض السيطرة على آسيا وزيادة نفوذها العالمي بما يرجح معه استمرار الصين في تقوية تكاملها الاقتصادي مع دول غرب آسيا ومنطقة المحيط الهندي.
6. ستحاول الدول الصاعدة إقليميًّا، ومنها إيران، عدم الدخول في صدامات مع القوى الكبرى، لكنها ستسعى بذات الوقت إلى بناء تحالفات وتكتلات إقليمية لتتمكن من التأثير في بعض القضايا