علي ضاحي-الديار
زيارة السفيرتين الى الرياض لـ «تخفيف الارتطام بعد اعتذار الحريري» !
الحديث عن تدويل الازمة اللبنانية و «نشر الغسيل» اللبناني على «صنوبر» الامم المتحدة وفرنسا واميركا، وصنوف شتى من التدخلات الديبلوماسية، وموفد «جاي» وموفد «رايح»، لم يعد نظرياً وفق اوساط واسعة الاطلاع في محور «الثنائي الشيعي» و8 آذار، حيث تقول انه ومنذ زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان، وإطلاق مبادرته الحكومية الشهيرة وعقده «طاولة الاقطاب» في قصر الصنوبر، ارتضى الجميع ولو على مضض بوساطة فرنسا لحل الازمة الحكومية اللبنانية، مع تأكيد ان الحديث عن تجاوز الخارج للسيادة الوطنيةموجوداً، رغم ان الحل الخارجي سيمرّ بالداخل.
وتنطلق الاوساط من هذه المقاربة، لتؤكد ان المبادرة الفرنسية لا تزال مقبولة حكومياً، لكن المعضلة اليوم امام هذه المبادرة هو احتمال سقوطها بمجرد اعلان الرئيس المكلف سعد الحريري اعتذاره عن التشكيل، كما بات معلوماً لدى القوى الاساسية والمعنية بتأليف الحكومة، بينما توضح الاوساط ان اي دور اميركي، وفي ظل العقوبات الجائرة والحصار المفروض على لبنان والدور السعودي السلبي ليس مقبولاً، ويأتي ليزيد الطين بلة وخنق البلد، ويزيد من مآسييه ويعقد حياة اللبنانيين.
وتشير الاوساط الى ان هناك جواً متشدداً جداً داخل 8 آذار من السفيرة الفرنسية، والتي تجاوزت حدودها الديبوماسية في التخاطب مع رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب في اجتماع السراي منذ ايام، وان ما تقوم به من تجاوزات ستكمله في السعودية، وهو الاستخفاف بالدولة والمؤسسات اللبنانية. وعلى ما يبدو وفق النَفَس المتشدد نفسه، والذي يرى ان فرنسا تسعى الى دور اكبر من لبنان في سوريا والعراق وعلى حوافز مالية ونفطية من السعودية، بينما، تقول الاوساط، ان دور السفيرة الاميركية وكل طروحاتها مشبوهة ومرفوضة، ولا يعوّل عليها وتصنف في خانة العداء للبنان وحزب الله.
وترى الاوساط ان في الشكل، تبدو زيارة السفيرتين الاميركية دورثي شيا، والفرنسية آن غريو الى الرياض امس غريبة وغير مألوفة، ولكنها في المضمون هي استكمال للقاء الثلاثي الذي جمع في 29 حزيران الماضي كلاً من وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن والفرنسي جان إيف لودريان والسعودي فيصل بن فرحان، وتم خلاله التأكيد على ضرورة أن يتحلى القادة السياسيون اللبنانيون بالمسؤولية من خلال تطبيق إصلاحات طال انتظارها وتفضي إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتخفيف معاناة الشعب اللبناني.
وتكشف الاوساط ان هناك ضبابية في لبنان ولدى القوى المؤثرة داخلياً عن طبيعة الاتصالات الثلاثية الفرنسية والاميركية والسعودية حول لبنان، وعن نتيجة هذا التحرك وترجمته حكومياً، وبما يضمن ايجاد حلول سريعة للازمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وكذلك آلية المساعدات التي تحدثت عنها السفيرتان في بيانيهما المنفصلين، وهل ستكون عبر الحكومة الجديدة او عبر الجيش وبعض المؤسسات العاملة في المجتمع المدني كما حصل بعد انفجار المرفأ في 4 آب 2020؟
في المقابل، تؤكد اوساط ديبلوماسية في «المحور الشرقي» في بيروت ان ما يتردد في القنوات الرسمية هو الرغبة الدولية، ولا سيما من الاوروبيين والفاتيكان بعدم انهيار لبنان وخصوصاً مع اعلان اقتراب الحريري من اعتذاره عن التأليف، فتصب الجهود الفرنسية تحديداً في منع الارتطام وامتصاص الغضب السني وتفجير الشارع، وهذا يؤدي برأي واشنطن الى مزيد من تعزيز سيطرة حزب الله وامساكه بمفاصل الدولة اللبنانية، وبالتالي يأتي التركيز الفرنسي – الاميركي ايضاً على اجراء الانتخابات النيابية ودعم المجتمع المدني ومد خصوم حزب الله والتيار الوطني الحر بالمال اللازم لضمان تحجيمهما بالانتخابات النيابية المقبلة وإجرائها في وقتها.
وتؤكد الاوساط ان اصرار الولايات المتحدة على سياسة العقوبات و «خنق» حزب الله لتحصيل تنازلات منه ومن ايران لن يحصل، كما يظهر جلياً في مهمة السفيرتين، مواصلة حصار حزب الله وتطويق مساعيه للتوجه شرقاً، لا سيما بعد مبادرة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بخصوص البنزين والغذاء الايراني، والذي ترى فيه واشنطن تجاوزاً للخطوط الحمر وكسراً للعقوبات على ايران وحزب الله وسوريا وحتى روسيا والصين، لكونهم جميعا في محور سياسي متحالف بطريقة او باخرى.