ماجدة عازار-نداء الوطن
مع حضور الملفّ اللبناني بقوة في اللقاءات الاميركية ـ الفرنسية ـ السعودية في الرياض، بعد انتقال السفيرتين الاميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو الى السعودية، متابعة لنتائج الاجتماع الاميركي والفرنسي والسعودي على هامش قمة مجموعة العشرين في إيطاليا، لاحظ وزير الخارجية السابق ناصيف حتي أن “هناك نقلة مهمّة في الاهتمام الدولي والتعامل مع ملف لبنان، ويعكس اهمية خاصة في هذه اللحظة للتشاور حوله”.
وتحدّث حتي لـ”نداء الوطن”، انطلاقاً من خبرته الديبلوماسية لثلاثة عقود ونصف من الزمن، وقال ردّاً على سؤال: “في شكل عام، أن يُكلّف سفير دولة معيّنة بالانتقال الى بلد صديق للتشاور في ملف معين وعرض وجهة نظر بلده، فهذا أمر يدلّ طبعاً على أنّ هناك قفزة في الاهتمام والتشاور والتنسيق حول هذا الملفّ بين الدول المعنية”.
وعليه، رأى حتي ضرورة عدم التوقف عند الشكل والتعليق عليه بل الذهاب الى المضمون والجوهر، وقال: “قد يرى البعض في انتقال سفيرتي دولتين من لبنان الى السعودية للتشاور بملف لبنان أمراً غير تقليدي في العمل الديبلوماسي، علماً اننا لسنا في ظروف تقليدية، وطبعاً هو أمر غير تقليدي، ولكنّه ليس بالمستحيل أن يُكلّف سفير معتمد في لبنان ومقيم فيه ومعني بملفّه، بالذهاب الى السعودية للتشاور في هذا الملفّ، وهذا يعكس اهمية خاصة، فلننظر الى ما تعنيه هذه الخطوة من أهمية سياسية، فاذا كانت الارادة هي التشاور في شأن لبنان فطبعاً المُمسكون اساساً بالملف اللبناني في كل بلد والمطّلعون عليه هم المعنيون بالتحرّك والتشاور، اذا لم يكن على مستوى وزير، أو المعني بهذا الملف في وزارة الخارجية، يُطلب من السفير الانتقال والتحرّك، ولا شيء قانوناً يمنع هذا العمل، وهذه نقلة تُعدّ نوعية الى حدّ معين، ويجب ألا ننسى ان لبنان يمر في ظروف غير طبيعية، فطبيعي ان يذهب سفير بتكليف من حكومته للبحث مع حكومة صديقة في هذه الامور، فهناك حاجة للدول المؤثّرة والفاعلة في لبنان بأن تجلس سوية وتحاول مساعدة لبنان للخروج من ازمته من خلال بلورة خطة عمل وطرحها مع اللبنانيين”.
الا أنّ حتي الذي اكّد أنه لا بدّ من هذا التحرك الديبلوماسي في ضوء الوضع الذي بلغه لبنان، شدّد على “أنّ هذا لا ينفي مسؤوليتنا كلبنانيين لكي نمدّ يدنا لمن يحاول انتشالنا من الغرق”.
وذكّر حتي بتحذيراته المتكرّرة “بأن لبنان اصبح تقريباً دولة فاشلة، حيث نرى المزيد من الانهيار الاجتماعي، ممّا يعرّضنا لتفكّك المجتمع اللبناني وانهياره، بعدما كان لبنان المستشفى والجامعة والتعليم ومنتدى المنطقة كلها”، ورفض منطق المؤامرة مشدّداً “على أنّ المؤامرة تنجح عندما تكون أبوابنا مشرّعة، وعندنا قابلية لكافة أنواع التدخّل الخارجي خِدمة لأجندات مختلفة”. وبناء على ما تقدّم، شدّد حتي على “أنّ الدور الخارجي حالياً هو اكثر من ضروري، ولكنّه يتطلّب بلورة تفاهم الحدّ الادنى بين الاطراف المؤثّرة في لبنان”. وأكد أنّه “شرط ضروري ولكنّه غير كافٍ لإنقاذ لبنان، وأنّ على اللبنانيين مسؤولية اساسية في الخروج من النفق المظلم”.
ولفت حتي الى “أن كافة الاطراف الدولية تدرك ما يحصل في لبنان”، متّهماً “الطبقة السياسية الحاكمة والتركيبة السياسية اللبنانية بأنّها مسؤولة بشكل أساسي”، موضحاً انه “لا اقول هذا الكلام لتبرئة هذا الطرف أو ذاك”. وجدّد مطالبته “بهدنة سياسية لكي ننقذ المركب اللبناني من الغرق، لأنّه لن يكون هنالك منتصر إذا غرق هذا المركب”.
وكرّر حتي التأكيد أنّ مناشدة الخارج “ضرورية لكن هذا أمر غير كافٍ، فلكي يساعدنا الخارج علينا أن نبدأ بمساعدة أنفسنا بعد تحديد حقيقة المشكلة والبدء بتنفيذ برنامج اصلاحي شامل وواضح واعتماد خريطة طريق وبرنامج عملي لهذا الاصلاح”.
وختم حتي بالقول: “من دون شك، هناك لحظة وعي دولية على لبنان وخطورة الوضع فيه، والتحرك الاميركي ام الفرنسي ام السعودي ام الاوروبي، او تحرك دول صديقة اخرى، سواء هذا الطرف اللبناني صديق لهذا الطرف ام غير صديق له، فالتحرك اكثر من طبيعي، ومن يتحدّث عن التدويل نقول له ان كل شيء في لبنان مدوّل، فأي قضية سياسية فيه غير مدوّلة؟ وبالتالي يجب عدم التلهّي بالقشور وبتبادل الاتهامات، فلبنان بحاجة لمظلة خارجية تقوم على توافق الحدّ الأدنى بين الاطراف الفاعلة والمؤثّرة فيه، والتفاهم بالحدّ الأدنى بين بعضنا البعض هو شرط ضروري لاعادة اطلاق عجلة إنقاذ لبنان والخروج من النفق”.