} د.وفيق إبراهيم-البناء
الصراع على لبنان يشتدّ بين محاور إقليمية ودولية، تعمل على تطويعه الى جانبها. فهناك المحور الأميركي الفرنسي السعودي الذي يبذل جهوداً داخلية وخارجية بهدف ضرب حزب الله بشكل أساسي، والعمل على إلحاق هزيمة بأدواره اللبنانية وهي أدوار سياسية وعسكرية، يكفي أنه يزود عشرات الأحزاب اللبنانية بطاقة سياسية وتمويلية هامة تجعله محسوباً في البيئة السياسية اللبنانية، لعل الأهمية التي يحظى بها رئيس مجلس النواب نبيه بري هي واحدة من إنجازات حزب الله. هذا الى جانب دعمه عشرات الأحزاب والتجمعات الأخرى المتصلة به مباشرة او بالدور السوري والإيراني.
إن حاجة الحلف الفرنسي – الأميركي في لبنان الى تحالفات قوية في لبنان فرضت على السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا والسفيرة الفرنسية فيها آن غريو الانتقال الى السعودية لإجراء مباحثات فيها حول لبنان والعنوان هو السيطرة عليه لإبعاد النفوذ السوريّ والدور الكبير لحزب الله فيه.
هنا السعودية موافقة على الأهداف، لكنها لا تزال تعترض على ترئيس سعد الحريري للحكومة وتصرّ بالمقابل على آخر موّالٍ لها حالياً قيد البحث مع شيا وغريو. لذلك فإن عدة أيام هي كافية للإعلان عن رئيس جديد للحكومة يحظى بتأييد فرنسي أميركي سعودي، لكن مشكلته أنه لا يتمتّع بتأييد فريق كبير من القوى السياسية اللبنانية من حزب الله الى الأحزاب المتحالفة معه وصولاً الى جماعات الحريري وبعض النواب والوزراء من الطائفة السنيّة المحسوبة على سعد الحريري.
ماذا يعني هذا الكلام؟
يعني أن لبنان مهيأ للدخول في صراعات حكومية قاسية قد تؤدي الى مزيد من تجميد الوضع السياسي والفشل في تشكيل حكومة جديدة مع اندلاع صراعات سياسية بين الأحزاب.
وسرعان ما تتكشف الأهداف، فالأميركيون والفرنسيون يستهدفون حزب الله، لكن مراميهم الحقيقية هي السيطرة على لبنان بطرد النفوذين السوري والإيراني منه، وبذلك تصبح الساحة اللبنانية ملكاً صرفاً للأميركيين والفرنسيين وفارغة من حزب الله والسوريين والإيرانيين.
فهل هذا ممكن؟
تشير التحليلات الى أن مرحلة صراع المحاور في لبنان هي مرحلة قاسية قد تطول لأكثر من عام، ولن يتمكن محور من الانقسامات الحالية من تأمين الساحة اللبنانية بمفرده.
هناك معلومات تذهب إلى أن الأميركيين والفرنسيين بصدد إقناع السعوديين بتمويل الجيش اللبناني ومحاور سياسية مدنية، فيستطيع هؤلاء الوقوف أكثر في وجه حزب الله ويستطيع الجيش اللبناني مزاولة فنون امتلاك القوة في وجه حزب الله وأمثاله، فتصبح القوة في لبنان موزّعة بين جيشه من جهة وحزب الله من جهة أخرى والأحزاب من جهة ثالثة، وهذا يؤدي الى تراجع حصرية القوة في حزب الله وتحالفاته الحزبية، وتجعل من الصيغة السياسية اللبنانية المرتبطة بالجيش أكثر قوة وتعبيراً عن السلطة السياسية.
إلا أن الخبراء السياسيين يهزأون من وهم القدرة الأميركية – الفرنسية على إلحاق هزيمة بالسوريين الذين يشكلون قوة حزب الله والأحزاب الأخرى وقوة سياسية حزبية كبرى تؤيدهم في السراء والضراء، كذلك الحال بالنسبة لإيران التي تحظى بانتشار شعبي واسع يجعلها منيعة الجانب في وجه الأميركيين والفرنسيين.
بالمقابل يقول هؤلاء الخبراء إن الكنيسة المارونية وكل الكنائس تجنح لتأييد الفرنسيين والأميركيين وقد تجذب معها قسماً من الدروز والسنة لاعتبارات الصراعات الشيعيّة الداخلية مع الطوائف الأخرى ويبدو هذا كافياً لتحقيق هيمنة طوائفية مقابل التأييد الشيعي حول محور ايران وسورية وتأييد عشرات الأحزاب المدنية لهذا المحور دون سواه.
أما حول أن السعودية مستعدة لتمويل الدولة اللبنانية والجيش والأحزاب فمردودة سلفاً لأن إيران مستعدة للاهداف نفسها وسبق لها أن أبدت استعدادها لتمويل الجيش اللبناني الى جانب روسيا التي أعلنت عن استعدادها لتسليحه بأنواع هامة جداً.
لبنان إلى أين؟
يتجه الى صراع فرنسي – أميركي – سعودي مقابل حلف إيراني سوري. والطرفان يعتبران لبنان كثير الأهمية لحماية سورية وايران وبالتالي دفع زخم من القوة إلى روسيا في صراعها مع القطبيّة الأميركيّة.
فهل ينجح لبنان في هذا الدور؟ لن يسقط لبنان في السلة الأميركيّة وسيشكل نقطة صراع بين القوى العالميّة المتصارعة من النظام العالميّ الجديد.