حكاية طابور


كان ياما كان في هذا الزمان مواطن من بلد ما استيقظ عند الساعة الرابعة صباحا نشيطاً سعيدا ارتدى ملابسه وخرج من منزله لم يكن ينوي رؤية شروق الشمس بل كان يريد ان يسجل اسمه في دور الخبز الذي سيتناوله وأطفاله خلال اليوم ذهب إلى ما يسمى المعتمد فوجد الكثير من الناس قد سبقوه رجال ونسوة واطفال وسجلوا أسمائهم كتب اسمه على الورقة وكان رقمه (54) ثم رجع الى منزله ليتناول طعام الإفطار البسيط بشهية مع زوجته وأطفاله وعند انتهائه ارتدى ثياب العمل وذهب لعمله وهو يشعر بتفائل عجيب
اثناء تواجده في عمله رن هاتفه وإذ برسالة مضمونها انه عليه الحضور للمؤسسة من اجل استلام مخصصات السكر والرز فقام بأخذ اجازة من العمل ليستلم المواد قبل مرور الوقت اللازم للإستلام
ركب الباص المناسب بسعادة وعاد الى منزله ليبشر زوجته بوصول الرسالة ويأخذ مافي المنزل من نقود لشراء المخصصات فرحت زوجته وقالت له أنها احتفظت بالمبلغ من أول الشهر
اخذ منها النقود وتوجه لمكان التوزيع غير مبالي بأي صعوبة سيواجهها وعند وصوله وجد طابور كبير ولكنه استبشر الخير لانه اقصر من طابور التوزيع الماضي
قام بعد الاشخاص فكانوا حوالي الثلاثين شخص انتظر وانتظر وانتظر حتى يأتي دوره وكلما نقص ازدادت فرحته قضى ما يقارب الساعة والنصف حتى وصل دوره وانتهى الموظفون من طعامهم اقترب من الكوة واستلم مخصصاته بكل (تعاون وابتسامة )من الموظفين وعاد الى منزله بعد ساعتين فرحا
تناول غدائه وتوجه لغرفته لأخذ القيلولة وعند إستلقائه على فراشه اتت زوجته وأخبرته ان جارتها أخبرتها ان معتمد الخبز قد توجه للفرن لإحضار الخبز
اسرع في ارتداء ملابسه واتجه مسرعا الى مكانه في طابور الخبز وعند وصوله تفاجئ بشجار كبير بين الناس المنتظرين من اجل دورهم ولكنه لم يتدخل كون هذا المشهد يتكرر كل يوم
وقف في مكانه وهو يشعر بالنعاس ولكنه لا يأبه فالخبز أهم من النوم حتى ولو كان متعباً
وكلما كان الطابور ينقص قليلا يأتي اشخاص لهم معاملة خاصة يأخذون خبزهم دون اعتراض احد
منهم من هم مدعومون (من فوق) ومنهم من هي جميلة وترتدي ماهو مناسب لجعل معتمد الخبز يفضلها على غيرها من المنتظرين وبعد ساعة ونصف استلم خبزه ولكن نصف الكميه لماذا لا يدري ولا يستطيع المعارضة حتى لا يتشاجر مع الموزعين ويحرم نهائيا من الخبز لأطفاله
رجع الى بيته فخورا فقد تمكن في يوم واحد من احضار المواد التموينية والخبز قبل ان تتم الساعة التاسعة مساء فقرر ان يشرب القهوة بهدوء وهو يحمد ربه انه لا يملك سيارة لانه لا يستطيع ان يقضي يومين او ثلاثة على طابور البانزين فهو لا يستطيع ان يضيع اي لحظة من يومه عبثاً
وفي اليوم التالي استيقظ في نفس وقت الاستيقاظ المعتاد عند الفجر وذهب لتسجيل اسمه من اجل الخبز وعاد للمنزل تناول إفطاره وذهب لعمله واثناء العمل رن هاتفه وإذ برسالة الغاز مضمونها ان يستلم جرته في خلال 24 ساعة وإلا راحت عليه فعاد وأخذ إجازة من رب عمله للذهاب لإستلامها
وعاد الى منزله وكالعادة زوجته تملك سعر الجرة ولكنها تملك سعرها القديم وخلال مدة انتظارهم الرسالة التى دامت (70) يوم قد ارتفع سعرها فقامت زوجته بالإستلاف من جارتها لتكمل سعر الجرة
وذهب الزوج فرحا لمركز إستلام الغاز وهنا المفاجئة ان الطابور لا نهاية له فتوقف في مكانه ينتظر وبعد مضي ثلاث ساعات لم يتبقى غاز في المركز فإضطر لحمل جرته الفارغة والعودة للمنزل وقلبه حزين وخائف من انتهاء المدة وعدم تمكنه من احضار الجرة فزوجته لم تعد تحتمل ان تعد الطعام على سخانة الكهرباء لأن الكهرباء بالكاد تأتي لمدة ساعة أو ساعتين في اليوم بغض النظر عن فاتورة الكهرباء التي ستدفع في كل دورة
وكالعادة تناول غدائه وقرر ان يذهب لمكانه في طابور الخبز عله يأخذ حصته كاملة وكان حظه جيدا اخذ كامل حصته خلال ساعة ونصف فقط
وفي اليوم التالي و بعد تسجيله أسمه في طابور الخبز توجه لعمله لأخذ اجازة من اجل جرة الغاز واتجه مسرعا هو وجرته نحو المركز وهنا كان حظه الاكبر انه إستطاع إحضار الجرة قبل انتهاء مدة الإستلام بنصف ساعة
وعاد لمنزله سعيدا فرحا يحمد ربه على نعمه فصحيح انه يحمل الجرة على كتفه ولكن حملها اسهل عليه من امتلاكه سيارة تجعله يقضي باقي وقته في طابور بانزينها
فالحمد لله على كل حال واتمنى ان تكون قصتي نالت اعجابكم
ملك الموسوي

Exit mobile version