إرتفاع نسبة البطالة بين أوساط الشباب في لبنان إلى 65 في المئة، وانهيار الرواتب لفئة كبيرة من العاملين إلى حدود 70 دولاراً حفز “مجلس الأعمال اللبناني في الكويت” إلى مساعدة الشباب اللبناني عبر إطلاق منصة للتوظيف على موقع خاص، رابطه (https://lbck.org/employment). هدف المنصة، “الجمع بين سوق العمل في الكويت بما يمثل من شركات كبيرة في مختلف المجالات العمرانية والتقنية والتعلمية والطبية والسياحية والخدماتية، وبين الشباب اللبناني الباحث عن وظائف”، يقول عضو “المجلس” وخبير إقتصاد الأعمال فادي جواد، “أما أهميتها فتتلخص في إتاحة الفرصة أمام جميع المتقدمين سواء كانوا خريجين جدداً أم مستخدمين أو حتى عاطلين عن العمل للتقدم إلى وظائف معروضة في الكويت، عن بعد حالياً وشخصياً في المستقبل”. هذه الفرصة ستسمح بحسب جواد لـ”مئات الشباب اللبناني في مجالات الهندسة والتصميم الجرافيكي، والإستشارات والتعليم والإعلام والإعلان… وغيرها الكثير من المجالات للعمل عن بعد، وإدخال العملة الصعبة إلى لبنان”. وبهذه الطريقة يكون مجلس الأعمال قد لبّى متطلبات سوق العمل الكويتي بعمالة ماهرة تتقن التكنولوجيا واللغات، وساعد من الجهة الأخرى الشباب اللبناني للعمل بدوام كلي أو حتى جزئي عن بعد لزيادة دخلهم. ومع عودة الكويت لاعطاء تأشيرات الدخول للعمالة الأجنبية يصبح خيار الإنتقال إلى الكويت متاحاً بشكل أسهل في المستقبل.
خلق آلاف فرص العمل
المنصة التي أطلقت بشكل غير رسمي قبل أيام قليلة، كانت ثمرة تواصل “مجلس الأعمال اللبناني في الكويت” مع مجموعة واسعة من أكبر وأعرق الشركات الكويتية في مختلف القطاعات. ويسعى المجلس من خلال هذه المنصة إلى تأمين آلاف فرص العمل. يساعده على ذلك “تغيّر العقلية في مجال الأعمال بعد جائحة كورونا، وتعزيز ثقافة العمل عن بعد، وفتح الكثير من الفرص”، يقول جواد، “حيث تنوي الشركات رفع نسبة العاملين عن بُعد لديها إلى ما لا يقل عن 30 في المئة من عدد موظفيها. وهذا ما قد يشكل فرصة فريدة للشباب اللبناني”.
تعزيز التعاون التجاري
بالتوازي مع خلق فرص عمل جديدة، يعمل “مجلس الأعمال اللبناني الكويتي” على خطي فتح الأسواق الكويتية أمام المنتجات اللبنانية، وتشجيع الكويتيين للإستثمار في لبنان والعودة للإستفادة من الخدمات الطبية والتعلمية والسياحية التي يقدمها بلد الأرز. ففي الوقت الذي ترسل فيه وزارة التعليم العالي في الكويت نحو 4 آلاف طالب للتعلم في الخارج تبلغ حصة لبنان (صفر). كذلك الأمر بالنسبة إلى برامج الإستشفاء، حيث لا يستفيد لبنان بدولار واحد من برنامج وزارة الصحة للعلاج في الخارج، الذي تبلغ موازنته 4 آلاف دينار كويتي، أو ما يعادل 16 مليار دولار أميركي. من هنا “نعمل مع الجانب الكويتي على تخصيص لبنان بحصة ولو زهيدة من برنامجي التعلم والإستشفاء في الخارج”، يقول جواد، و”يكفي لبنان في المرحلة الأولى قدوم 300 طالب كويتي للتعلم في الجامعات اللبنانية وحصوله على 5 في المئة من موازنة الإستشفاء التي تخصصها وزارة الصحية الكويتية”. وعن سبب إحجام الكويتيين الذين تربطهم علاقات وثيقة بلبنان منذ فترة طويلة يعتبر جواد أن “العامل الأمني يأتي في مقدمة الأسباب لعدم قدوم الطلاب. أمّا في ما خص الإستشفاء فان عدم اعتماد المستشفيات اللبنانية تسعيرة موحدة وعادلة تُشعر الأجانب بنوع من التمييز السلبي، فيحجمون عن القدوم مهما كانت الخدمات مميزة وذات جودة عالية. من هنا فان المطلوب توفير مناخ آمن، وجوّ من الإستقرار السياسي والأمني، ومعاملة الاخوة العرب على معايير واضحة وشفافة بعيداً من محاولات الإستغلال، حتى تعود الثقة بلبنان، ويعود قبلة للسياحة التعلمية والإستشفائية العربية.
العوائق “صناعة” لبنانية
الجهود التي تبذلها مجالس الأعمال في الخارج عموماً، وفي دولة الكويت خصوصاً لتشجيع التجارة وفتح الأسواق أمام المنتجات اللبنانية وتعزيز التواصل لا تصطدم بغياب الدولة فحسب، إنما بمحاولة التجار تحقيق الأرباح على حساب المواصفات. الأمر الذي يقوض جهودهم ويحرم البضائع اللبنانية من الولوج إلى الأسواق العربية. وللمثال يقول فادي جواد أن “الكويت لم تستورد البيض من لبنان قبل مدة قصيرة، رغم الشح في هذه السلعة والنقص الكبير في الأسواق، بسبب عدم مطابقة البيض اللبناني للمواصفات. لذلك نعمل بشكل متواصل على إعلام المنتجين والمصدرين اللبنانيين بالمواصفات والمعايير المطلوبة للتصدير إلى الكويت؛ ومع هذا فان الأمر لا يخلو في الكثير من الأحيان من عمليات خرق للشروط بهدف تحقيق الأرباح التجارية من قبل البعض”. ومن الملاحظ بحسب جواد أن “العراقيل لتعزيز التعاون بين الكويت ولبنان في المجالات الإقتصادية عادة ما يكون منشأها لبنان. فبالإضافة إلى المشاكل الأمنية والتجارية وعدم الشفافية، يواجه المستثمر الكويتي عقبة البيروقراطية. الأمر الذي يحرم لبنان من استثمارات بمئات الملايين من الدولارات سنوياً. كما تصلنا شكاوى بشكل دائم من محاولة استغلال السياح الكويتيين في بعض المناطق والقطاعات السياحية وتحميلهم أكلافاً أعلى من التي يدفعها المغترب اللبناني”.
على الرغم من كل العقبات والتحديات، فان إيمان المغتربين بلبنان لا يزال كبيراً. وهم لا يألون جهداً لإعادة وصل ما انقطع مع الدول العربية بمختلف الطرق والوسائل. وللغاية يدأب “مجلس الأعمال اللبناني في الكويت منذ مدة على تنظيم جلسات نقاش عبر الويب webinar مع الصناعيين، وآخر مع الجامعة الأميركية لتشجيع السياحة وتطوير قطاع المطاعم ونقله إلى مستويات جديدة.