محمد علوش-الديار
لم يعد مفهوماً التعاطي السلبي اللبناني مع المجهود الروسي، الصيني والإيراني، للإستثمار في لبنان، إذ تزداد الأسئلة حول سبب هذا التعاطي السلبي، وما إذا كان الهدف تطيير الفرص خدمة لاهداف خارجية، أم فعلاً بسبب حكومة تصريف الاعمال التي تغيب عن تصريف الأعمال أصلاً.
تكشف مصادر نيابية في فريق 8 آذار أن زيارة الوفد الروسي إلى لبنان لم تكن لتحصل لولا التنسيق الكامل والمتكامل بين القيادة الروسية ومحور المقاومة، مشددة على أن هذه الزيارة كان أعلن عنها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله سابقاً بشكل غير مباشر عندما تحدث عن دولة بالشرق جاهزة لمساعدة لبنان بمشاريع تتعلق بتكرير النفط.
وتُشير المصادر إلى أن الطابع الخاص للزيارة الذي تمظهر من خلال نوعية الوفد «غير الرسمي» لا يعني أن الحكومة الروسية غير معنية بهذه الزيارة، مؤكدة أن المدير العام لشركة «الهندسة المائية والبناء» الروسية أندريه متسغر، لم يكن ليتحرك لولا الدعم الكامل من الحكومة الروسية، لا بل يمكن القول دون التوجيه الروسي.
لطالما حُكي عن المساعي الروسية للإستثمار في لبنان، ولكن هذه المرة تختلف الصورة، فالروسي بات يملك حضوراً أوسع في المنطقة، وفي سوريا تحديداً، وبالنسبة إليه فإن الملف السوري لا ينفصل عن الملف اللبناني بسبب الجغرافيا والتاريخ والوضع السياسي، لذلك يسعى لمدّ نفوذه إلى لبنان، وتُشير المصادر إلى أن الروسي لم يعد يخشى الأميركيين عند مقاربته لأي ملف يخص المنطقة، وبالتالي سنشهد جرأة روسية أكبر بمقاربة الملفات التي تتعلق بلبنان.
إن قوة روسيا في سوريا ستنعكس حكماً على لبنان، وهذا الأمر بات واقعاً ترجمه الرئيس فلاديمير بوتين خلال لقائه الأخير مع الرئيس الأميركي جو بايدن، لذلك قد نشهد في الفترة المقبلة ما يشبه التنسيق بين الروسي والأميركي في الحصص الاستثمارية في لبنان، ولكن يبقى أن بعض اللبنانيين يتصرفون على قاعدة «أن لا يزعل الأميركي»، وهذا ما يجب أن يتغيّر في الفترة المقبلة.
تشير المصادر إلى أن التعاطي اللبناني مع المساعي الروسية يكاد يصل في بعض الاحيان إلى حد خيانة المصلحة اللبنانية، كاشفة أن التعامل اللبناني مع شركة روسنفت التي تعمل على مشروع خزانات النفط في الشمال لم يُظهر أي جدية وتعاون، ولولا أن الروسي يسعى للعمل في لبنان لكان رحل منذ زمن، مشددة على أن الروسي لم يأت إلى لبنان ليرحل منه، وسيستمر بالسعي.
وفي هذا الإطار تكشف المصادر أن الروسي مصمم على دخول الساحة اللبنانية، وهو لم يرضخ للتهديدات التي وصلت إلى السفارة الروسية في لبنان منذ أسبوعين بشأن تهديدات إرهابية لموظفيها، فهي تعتبر أن التهديدات تهدف «لتهريب» الشركات الروسية وهذا ما لن يحصل، لذلك لم يتغير موعد وصول الوفد الروسي، ولكن بالنسبة إلى المصادر فإن الإستثمارات تتطلب حكومة أصيلة تقوم بعملها، لا حكومة تصريف أعمال تهرب من أداء أبسط الواجبات.