مجلس النواب إنتخب طرزي وأقرّ البطاقة التمويلية والشراء العام ومدّد المهل “القوات” قاطعت: الناس في كوكب والمجلس في كوكب
بعد معاناة “طابور الذل والعار والإهانة”الذي إحتجزني منذ السابعة والنصف صباحا وحتى قرابة الحادية عشرة ظهراً بهدف تأمين البنزين لسيارتي، وصلت إلى قصر الأونيسكو وكانت قد بدأت الجلسة الأولى لمجلس النواب وممثلي الأمة بانتخاب عضو المجلس الدستوري البديل عن القاضي المتوفي أنطون بريدي، وكانت أولى المفاجآت غير المتوقعة في النتائج التي أدت إلى فوزالقاضي ميشال طرزي بنتيجة 53 صوتاً وبعد جولتين من الإقتراع مقابل القاضي ووزيرالعدل السابق ألبرت سرحال الذي نال 37 صوتاً ووجدت ثلاث أوراق بيضاء لأن نتائج الجولة الأولى لم يحصل فيها أي من المرشحين على الأكثرية المطلوبة.
وقد فسرت النتيجة بأنها رسالة إلى رئيس التيارالوطني الحر النائب جبران باسيل الذي قال لدى مغادرته الأونيسكو:”إن ما حصل في الجلسة اليوم يدل ويؤكد أن لا أكثريات نيابية في لبنان وكل موضوع بموضوعه”، في حين أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان له أكثر من موقف ومداخلة أن “المجلس الدستوري بلا نصاب، وإذا انتخبنا هذا العضو نعيد إحياء مؤسسة من مؤسسات الدولة ويكفينا الخراب القائم في البلد، وهل المطلوب تعطيل المجلس الدستوري؟”
عدوان وبري
وبعد إنتهاء جلسة الإنتخاب أقفلت الجلسة وافتتحت الجلسة التشريعية، فكانت المفاجأة الثانية التي تمثلت بحديث عضو تكتل “الجمهورية القوية”النائب جورج عدوان بالنظام، قائلا:”إن المجلس النيابي له دوران، التشريعي والرقابي، وكأننا نعيش في عالم غيرالعالم الموجود خارجاً، نحن في مكان والناس في مكان، المجلس النيابي هو الذي انتخب رئيس الجمهورية وأعطى حكومة دياب الثقة، وكلف الحريري، البلد يحترق والناس تذل ولا يستطيع المجلس النيابي أن يتفرج ونقول هناك معركة على مقعد أو غير ذلك، ستذهب الدولة ونحن نتفرج وهناك رئيس حكومة مستقيل لا يبذل أي جهد للتخفيف عن الناس ورئيس حكومة مكلف يسافر ولا يجتمع مع رئيس الجمهورية”.
وتابع عدوان:”نحن كمجلس نيابي علينا أن نصدر بيانًا ونتخذ موقفا، لم نعد نستطيع أن نكمل هكذا والشارع يغلي، إذا لم نتحرك كمجلس لكي نحمل هذه المسؤولية سنكون مسؤولين بسكوتنا، فلا يكفي التشريع، أين أصبح التدقيق الجنائي ونحن نسطو على أموال المودعين؟”.
وأضاف:”الكتل النيابية يجب أن تمثل الناس، كيف يعيش الناس في كوكب والمجلس في كوكب، المطلوب من المجلس أن يقول يا فخامة الرئيس والرئيس المكلف، ممنوع أن تخرجوا من دون حل، أو نعيد تكوين السلطة، ونذهب إلى البيت جميعاً ونحن معهم، أما أن نترك الناس تذل ونسطو على أموال المودعين ونشرّع، فهذا غير مقبول”.
وذهب عدوان إلى أبعد من ذلك ملوحاً باتهام الحكومة ومحاكمتها أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء حرصاً على المجلس النيابي ودوره، إلا أن بري رد عليه في أكثر من موقف قائلا:”فخامة رئيس الجمهورية أرسل رسالة وفي الرسالة التي أرسلناها أعطينا الجواب، فهل نجر العالم جر، المطلوب تطبيق الدستور، والمجلس النيابي عليه واجبات تشريعية، وإذا شكلت حكومة يكون المجلس قد هيأ كل شيء للدعم الدولي”.
وعندما حاول عدوان أخذ تعهد من بري بتحديد موعد جلسة مناقشة عامة ومحاسبة للحكومة، رد بري قائلا:”وكأن لبنان ليس بلداً طائفياً، كلنا نعرف عيوبنا ونتمسك بها. تريد أن نعقد جلسة بهذا الخصوص، بهذا الأمر فقط، أي مناقشة عامة، نعقد جلسة بعد إنجاز بعض التشريعات ولكن ليس بعد شهرين ولا يمكن أن تفرض علي متى أحدد موعدها”.
وأكد بري “أن الضرب بالميت حرام، ولو أن الدستور أتاح لنا أمراً آخر لكنا فعلناه، ونحن علينا مسؤولية التشريع لتحضير قوانين الإصلاح وتشريع قوانين لحماية الناس وهناك قوانين اليوم أكثر من ضرورة، نحن في بلد طائفي إذا اردنا تحويل أحد إلى المحكمة يجب أن نسأل عن طائفته، ونحن نعرف عيوبنا ومتمسكون بها”.
إنسحاب “الجمهورية القوية” وبدء التشريع
وبعدما أنهى عدوان مداخلته،إنسحب نواب تكتل “الجمهورية القوية” من الجلسة التشريعية، وقال عدوان:”لن نسكت أو نترك الأمور تسير على ما هي عليه ولن نستقيل وسنحضرعندما يخدم حضورنا مصلحة الناس”.
ثم بدأ المجلس بالتشريع تباعاً 27 مشروعًا واقتراح قانون في الجولتين الصباحية والمسائية ورد وأحال إلى اللجان نحو 54 إقتراحاً كانت كلها بصيغة المعجل المكرر.
ومن أهم ما أقره المجلس أمس إقتراح قانون تمديد المهل وآخر يُمدد عقود الإيجار للمباني غير السكنية حتى 30/6/2022 وإقتراح قانون الشراء العام ومشروع قانون البطاقة التمويلية الذي كان محور الجلسة والمواقف النيابية.
وفي بداية مناقشتها قال بري:”المجلس النيابي ملزم بمناقشة واقرارمشروع البطاقة التمويلية، اما كيفية توزيع البطاقة وآلياتها تبقى على عاتق الحكومة، وتوفيراً على الزملاء من نقاش، لقد إطلعنا على كتاب دولة رئيس مجلس الوزراء ونية الحكومة وعزمها على إتخاذ الاجراءات وفق صلاحياتها وتقديمها. أما كيفية توزيع اعباء وتمويل البطاقة وآلياتها وكيفية التسديد فستبقى على عاتق الحكومة وليس على عاتق المجلس النيابي وفقاً للاصول”.
أضاف: “أما الكتاب الذي استحصلت عليه من رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب، فيقول: “حول موضوع ترشيد الدعم اذا ما أقرت البطاقة واشارة الى الموضوع هذا وعطفاً على مداولات اللجان النيابية المشتركة المتعلقة بموضوع البطاقة التمويلية وإنطلاقاً من توجهات الحكومة بملف ترشيد الدعم فور بدء العمل بالبطاقة التمويلية نفيدكم بتعهد الحكومة بتنفيذ برنامج ترشيد الدعم المرفق ربطاً والمسند الى اقرار اللجان النيابية المشتركة بمعدل بطاقة تمويلية بمبلغ قيمته الوسطية 93.3 دولاراً اميركياً وكحد أقصى 126 دولاراً، مع الاشارة الى انه في حال تم تعديل قيمة البطاقة من قبل الهيئة العامة لمجلس النواب فان ذلك سينعكس على نسبة الترشيد”.
أضاف بري: “أود ان اخبر شيئاً حصل أول من امس هو ان صندوق النقد الدولي قرر بشكل عام وتجاه البلدان التي لديها تأمينات في الصندوق أن يعيدها لاصحابها. ولبنان حصته من هذا الموضوع 900 مليون دولار وقد تبلغ وزير المالية ذلك حسب معلوماتنا”.
وطالب النائب هادي ابو الحسن باقرارالقانون، مبديا خشيته من ألا ينفذ كما الدولار الطالبي. وقال:” نحن كلقاء ديموقراطي لا نوافق على المس بما تبقى من أموال المودعين ولكي نقارب الموضوع لا بد من ان نأتي بالاموال من الخارج وليس بالاستدانة”، مؤكدا أن “كل من يعطل تشكيل الحكومة يجب أن يتحمل المسؤولية”.
وشرح وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني موضوع تمويل البطاقة التمويلية، فقال: ان كلفة الدعم في العام 2020 كانت 6 مليارات، وفي العام 2021 7 مليارات، مشيراً الى ان آلية الموافقة على تمويل البطاقة هي من صندوق النقد”.
وقال النائب أسامة سعد:”البطاقة لا تغني ولا تسمن من جوع، وهي بطاقة إعاشة، فالبلاد لا تنهض بالمساعدات والمكرمات حتى لو كانت من الدولة، فالحل سياسي إنقاذي إنتقالي والا سنبقى في الجحيم”.
وقال النائب نقولا نحاس:”الموقف اليوم يشبه الموقف عندما اقرينا سلسلة الرتب والرواتب. في هكذا اوضاع نعطي بطاقة تمويلية، والبطاقة سيكون مفعولها سيئاً”. مؤكداً ان على الحكومة وضع خطة واضحة ومحكمة”.
ورأى النائب محمد الحجار أن “البطاقة هي حل موقت وركن أساسي في دعم الوضع الاقتصادي”.
وشدد النائب انور الخليل على “اهمية اقرار البطاقة التمويلية دون المس بالاحتياطي الالزامي”.
وأشار النائب ايوب حميد إلى”أن المشاريع تأتي الى المجلس بمراسيم لا بموافقة إستثنائية من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة”.
وقال النائب جهاد الصمد:”رواتب اللبنانيين تحت خط الفقر، والأرض تهتز تحتنا”.
وقال النائب الان عون:” نطرح البطاقة كتعويض عن إرتفاع أسعار السلع ووقف الدعم، هذا أمر ولو يساعد إنما هو ليس حلاً أو إنجازاً بل يدخل للأسف في سياسة الترقيع وربح الوقت بدل تحمل مسؤولية حلول جذرية، هي ذاهبة كفرق عملة بين حكومة مستقيلة مشلولة وحكومة جديدة ما زالت منتظرة، نحن نتكرم من أموال الناس، نبيع الناس، اننا ندعم الكهرباء وندعم البنزين ونمول ذلك من جيوبهم”.
من جهته، قال النائب حسن فضل الله:”وصلنا إلى هنا بسبب تراكم السياسات التي اعتمدتها السلطات المتعاقبة… علينا التصارح مع أنفسنا ومصارحة الرأي العام حول سبل المعالجة، وعلينا ألا نربط هذه المساعدة الضرورية بأي أمر آخر”.
وتابع: “نحن مع هذه البطاقة، وأن تطال أكبر فئة واسعة من الشعب…”.
وطالب رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الحكومة “ببدء المسار الرسمي لإستبدال عدد من قروض البنك الدولي التي أقرها المجلس النيابي ولم تنفذ لتمويل ترشيد الدعم والبطاقة التمويلية بدل إستعمال الإحتياطي الإلزامي، وذلك بحسب النقاش مع البنك الدولي ووزير المالية في لجنة المال والموازنة…”.
وقال النائب هادي حبيش: “إصرارنا على المعايير يتعلق بعدم الاقتراب من أموال الناس، البطاقة الكل يريدها وينشد الحل، فاذا مول البنك البطاقة كيف نرشد الدعم ولا نملك سوى 300 مليار”.
أما النائب ميشال ضاهر فقد سجل إستغرابه لطريقة مقاربة الأمور وإنسحب من الجلسة.
واعتبر النائب طوني فرنجية أن”البطاقة التمويلية تأتي خارج خطة متكاملة…
وقال النائب جبران باسيل:”النص كما هو وارد لا يعطي الموضوع حقه، فالبطاقة جاءت لأن هناك ترشيداً للدعم، والبطاقة ليست بحل يأخذه المجلس، ترشيد الدعم والبطاقة يحتاجان الى تمويل، وما هو أساس للتخفيف هو وقف التهريب، هناك سياسيون ونواب وأجهزة أمنية منخرطون في عملية التهريب على الحدود”.
وبعد نقاش مستفيض أقر المشروع بعدما تم ربط اللجنة الوزارية المكلفة تحديد آلية الإستفادة برئاسة مجلس الوزراء.
وما خلا النقاش الذي دار حول البطاقة التمويلية وإعادة تأكيد مواقف الأطراف في قانون الشراء العام الذي اقر بمادة وحيدة وسجلت في المحضر ليس أكثر، فإن المجلس أنهى الجلسة التي كانت مقررة على مدى يومين بيوم واحد وأنهى معها تراكم إقتراحات القوانين المعجلة المكررة التي كانت تثقل جدول الأعمال.