ابراهيم ناصر الدين-الديار
العهد يُريد صيفاً هادئاً و«المستقبل» يلعب على «حافة الهاوية»
باسيل يطرق ابواب موسكو… ودمشق رئاسياً… ولاجواب !
تنشغل الاجهزة الامنية برصد تصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية بعد تحولها الى «غضب» مسلح كما حصل بالامس في طرابلس، وسط تقارير مقلقة عن محاولات «خبيثة» لاستغلال «الغيبوبة» الرسمية بابتكار معالجات جذرية للازمات الاقتصادية المتلاحقة، وافتعال «مشكل» امني في البلاد، باتت كل الظروف مهيئة لاشتعاله، وفيما «مسرحية» مجلس النواب تتكرر على نحو «ممل»، وتغرق حكومة تصريف الأعمال في غيبوبة قاتلة، والحراك حول تشكيل حكومة جديدة «معلق»، يعمد طرفا «النزاع» في تيار المستقبل والتيار الوطني الحر الى استخدام «ادوات» جديدة- قديمة في صراعهما على ما تبقى من البلاد، في مغامرة اقل ما يقال فيها انها «لعب على حافة الهاوية»، بعدما اصبح الانفلات «سيد» الموقف وخروج الامور عن السيطرة وارد في اي ساعة، حسب تقديرات الاجهزة الامنية.
وفي هذا السياق، اكدت اوساط سياسية بارزة ان انعقاد المجلس الأعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون امس الاول، كان «رسالة» نكد واضحة الى الرئيس المكلف سعد الحريري مفادها ان استنكافه عن التاليف سيجري تعويضه بمجلس بديل يديره رئيس الجمهورية، اي ان الموقع السني الاول في الدولة سيكون الخاسر الاكبر، في المقابل كان رد الحريري في «الشارع» من خلال اقفال الطرقات في مناطق نفوذه ردا على قرارات مجلس الدفاع الاعلى باعتماد الحل الأمني في مواجهة الحركة الاحتجاجية، وكأن لا مشكل سياسي في البلد.
ووفقا للمعطيات، ستكون المواجهة قاسية بين الطرفين اذا ما استمر الانسداد الحكومي، فالرئيس المكلف لن يسمح للفريق الآخر بتمرير موسم الصيف على خير، وسينعكس هذا الخيار في «الشارع»، فالعهد اتخذ تدابير «ترقيعية» تتعلق بالمحروقات، واجراءات امنية، ومالية، لخلق مناخات مريحة الهدف منها ابعاد النائب جبران باسيل عن «الضغوط» الحكومية، ريثما يحل الخريف، ويرحل المغتربون، وينتهي الموسم السياحي الواعد، عندئذ يكون الحريري امام خيار «الاعتذار» الحتمي على «ابواب» التحضير للانتخابات، وهكذا يكون باسيل قد منعه فعليا من التشكيل، وفق نظرية «سوا جوا او سوا برا»، وهذا الامر كان متاحا قبل اسبوعين لولا تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولهذا تجري الاتصالات على قدم وساق تتولاها جهة امنية فاعلة وموثوق بها للجم التدهور ومنع انفجار «الشارع» وابقاء الازمة ضمن الاطار السياسي.
في هذا الوقت، باتت استراتيجية رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي واضحة، وبحسب مصادر مطلعة على اجواء «التيار البرتقالي»، القناعة باتت راسخة بعدم القدرة على انقاذ ما تبقى من العهد لان حجم الانهيار الاقتصادي كبير جدا، ولا يمكن لاي اجراءات مهما كانت سريعة وفاعلة ان تعيد الامور الى نصابها، سواء جاءت حكومة «مهمة» برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري او مع غيره فالامر سيان، لا وجود للمعجزات خصوصا ان الادوات كافة المتحكمة بمفاصل الدولة على اختلاف مؤسساتها لا تريد تقديم «هدايا» مجانية للعهد، وترغب في اخراج الرئيس عون من «الباب الصغير»، لقطع «الطريق» على النائب جبران باسيل من دخول بعبدا، ولهذا بات المطلوب تقليل الخسائر لا تحقيق الارباح، وضمان بقاء الوزير باسيل رقما صعبا يصعب تجاوزه في «الشارع» المسيحي، الى ان يحسم حزب الله خياره الرئاسي حيث يعتقد «العونيون» ان الحزب لن يجد بديلا عن رئيس تيارهم، ويراهنون على ضعف شعبية رئيس تيار المردة سليمان فرنجية «وتقوقعه» في الشمال، وكذلك على «مونة» رئيس الجمهورية ميشال عون على الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله!
لكن باسيل لا يكتفي بذلك، ويعمل على تجميع المزيد من «الاوراق» الداخلية والخارجية ويريد ان «يحشر» الحزب في خياراته، ولهذا انفتح على موسكو باعتبارها طرفا وازنا في المنطقة من «البوابة» السورية، وهو ترك انطباعا جيدا عند المسؤولين الروس في زيارته الاخيرة الى موسكو، بعدما قدم نفسه كمسيحي مشرقي مستهدف لان «الاخرين» يريدون انهاء دورمسيحيي الشرق، شارحا خلفيات العقوبات الاميركية التي استهدفته، محفزا روسيا على تزخيم تدخلاتها في المنطقة لايجاد «مظلة» بديلة عن واشنطن!
وفي هذا السياق، يعمل باسيل على تعزيز العلاقة مع الرئيس السوري بشار الاسد، ويحاول فرض نفسه «كمرشح» طبيعي قادر بحال وصوله الى الرئاسة ان يكون شريكا مع الرئيس السوري المنتخب حديثا في اعادة العلاقات السورية- اللبنانية الى طبيعتها، كونه الاقدر على اقناع شريحة واسعة من اللبنانيين باهمية نسج علاقات «ندية» بين الدولتين، باعتباره كان اكثر المعارضين شدة للنظام السوري ابان الوجود السوري في لبنان، وهو يرغب في ترجمة خطاب الرئيس عون حول ضرورة نسج علاقة طبيعية مع دمشق ما دامت اصبحت خارج الحدود.ووفقا للمعلومات، نقلت احدى الشخصيات «البرتقالية» المكلفة بالتنسيق مع السوريين «رسالة» من باسيل تتضمن «خارطة طريق» حيال مقاربته للعلاقات الثنائية خلال الفترة الرئاسية المتزامنة في سوريا ولبنان!
وعلم في هذا السياق ان الجانب السوري لم يرسل اي اشارة ايجابية او سلبية حيال عملية «جس النبض»، فالاستحقاقات اللبنانية ليست على الطاولة»، لا سيما الرئاسية منها باعتبار انه من المبكر الدخول في «متاهات» لا جدوى منها الان فيما يرتقب حصول متغيرات خارجية وداخلية قد «تقلب الطاولة» وتغير الكثير من المعطيات، فثمة انتظار لأفق الانفتاح الاقليمي والدولي، والعربي وخصوصا الخليجي على دمشق، باعتبار ان الملف اللبناني لن يكون منفصلا عن تطورات المنطقة. ولا بد من الاشارة الى وجود عاملين اضافيين يؤثران في الموقف السوري، الاول مرتبط بالعلاقة الشخصية المتينة بين الرئيس بشار الاسد ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهنا يحاول باسيل خرق هذا «الجدار السميك» بتقديم لغة المصالح المنطلقة من حجم التمثيل في «الشارع المسيحي»، اما العامل الثاني فيتعلق بقوة تاثير الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في دمشق، فالسياسة السورية المتعلقة بالساحة اللبنانية لا تبنى بمعزل عن رايه الحاسم في الملفات كافة، وبعد تجربة السنوات الماضية، ليس واردا ان تتجاوز الخيارات السورية رغبات السيد نصرالله، القادر وحده على صوغ المبررات الكافية حيال اتخاذ اي قرار، وتلتزم به دمشق من «بوابة» الثقة بخياراته، وان كانت تعتقد بخيارات مغايرة. وفي هذا الاطار طالب مسؤول سياسي بارز ومؤثر في الساحة اللبنانية باسيل بوقف» التخبيص»، وبعد خسارته كل القوى السياسية، نصحه بالهدوء وعدم المغامرة «بخسارة» السيد نصرالله.