“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
توحي الإستدارة الأخيرة للولايات المتحدة الأميركية باتجاه الأزمة اللبنانية بمرحلة جديدة تحمل أكثر من نقطة تقاطع مع المقاربة الفرنسية للحلّ الحكومي، والتي اندمجت بمبادرة الرئيس نبيه بري، ولكنها لا تتوافق معها في مسألة أساسية تتعلّق بزمن الإنهيار ووسائل التعاطي معه، ومع نتائجه على الأصعدة كافة، وفي مقدّمها الصعيد الأمني، وذلك لجهة حماية الإستقرار الأمني في الدرجة الأولى من خلال دعم الجيش والأجهزة الأمنية كافة، وبالتالي، ترك الملف السياسي وبشكل خاص تأليف الحكومة للمسؤولين اللبنانيين، بعدما حسمت موقفها، وكوّنت قناعة ثابتة باستحالة الحلول جراء الصراعات بين القوى السياسية على المكاسب والمصالح الخاصة والشخصية.
وفي الوقت الذي يتجدّد فيه الكلام الديبلوماسي الفرنسي عن أن الأولوية هي للعمل على إجراء الإستحقاقات الإنتخابية في مواعيدها الدستورية، وبشكل خاص الإنتخابات النيابية، فإن الحديث في بيروت بات يتركّز على تأليف حكومة انتخابات، تزامناً مع معلومات يتم تداولها في الكواليس السياسية عن اعتذار الرئيس المكلّف سعد الحريري، وتشكيل حكومة مهمتها الإشراف على الإنتخابات النيابية المقبلة، على أن تكون مؤلّفة من شخصيات من غير المرشحين.
ووفق المعلومات، فإن باريس كما واشنطن على قناعة بأن الإنهيار قد حصل، وأن أي حكومة سيتم تشكيلها لن تتمكن من تحقيق أي خطوة إنقاذية تأتي على مستوى الأزمة، ولذا، فإن التركيز اليوم هو على تجميد مفاعيل الإنهيار، ولكن، من دون الإتفاق على كيفية توزيع المسؤوليات بين المعرقلين لكل الحلول والمبادرات.
وتكشف المعلومات، أن فرنسا تتّجه إلى إجراءات عقابية بحق كل المعنيين بالملف الحكومي، بينما الإدارة الأميركية، وكما أعلنت سفيرتها في بيروت دوروثي شيا في إطلالتها الأخيرة، تتّهم تحالف “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، بزرع العقبات أمام التأليف وكل مشاريع الإنقاذ، وفي مقدمها إطلاق عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
وتُضيف المعلومات، أن الإختلاف في النظرة الغربية كون الموقف الأميركي يقترب أيضاً من موقف الإتحاد الأوروبي، يؤذن بتحوّلات في المشهد اللبناني، بدأت من خلال تراجع الحديث الحكومي وتقدّم حديث الأنتخابات النيابية، وقد تُرجم هذا الأمر في المواقف الأخيرة التي صدرت في باريس، كما في بيروت في وقت واحد، ودلّت على صعوبة تنسيق الجهود في المرحلة المقبلة، وقد ظهر هذا الأمر من خلال طي مسألة تأليف حكومة اختصاصيين، وهو ما تدعمه فرنسا، فيما لا تزال الإدارة الأميركية تعارض تشكيل حكومة يطغى عليها الطابع السياسي واللون الواحد، وتكون على صورة الحكومة الحالية.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، تؤكد المعلومات نفسها، أن ما من مبادرة غربية مشتركة للحل، وأن الحل الحكومي الحالي هو لبناني، وهو ما دأب على إعلانه وتأكيده كل الموفدين الديبلوماسيين، الذين زاروا لبنان منذ استقالة الحكومة الحالية، ولمسوا أن السبب هو الخلافات الداخلية على السلطة لا أكثر ولا أقلّ.