ترجمة منى فرح
تحت عنوان “لعبة إيران النووية”، ينشر الكاتب حمّاد سارفراز في موقع “تي ماغازين” الأميركي تقريراً يعرض فيه لمساعي واشنطن لإنقاذ الإتفاق النووي مع إيران، من وجهة نظر العديد من الخبراء، في ضوء فوز إبراهيم رئيسي في الإنتخابات الرئاسية الإيرانية. “في الوقت الذي يشدد فيه المعسكر المحافظ في إيران قبضته على السلطة، هناك عدد متزايد من الخبراء الذين يلومون الولايات المتحدة في ما وصل إليه السياسيون في طهران بإحجامهم بعيداً عن المشاركة الهادفة مع الغرب. في الواقع، إن العديد من المراقبين يعتقدون أن السياسات الأميركية، خاصة تلك التي اتبعتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، ربما وفّرت شريان حياة كان “نظام الملالي” في طهران في أمس الحاجة إليه. فبعد فترة وجيزة من التخلي عن خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة باسم الاتفاق النووي، فرض ترامب عقوبات اقتصادية صارمة بهدف الدفع بإيران إلى حافة الإنهيار. يعتقد الخبراء أن قرار ترامب، الذي وُصف بأنه إستراتيجية “الضغط الأقصى” في دوائر السياسة في واشنطن، لم يحقق الكثير للولايات المتحدة. وقال مارك فيتزباتريك، زميل مشارك في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية(IISS)، والمدير السابق لبرنامج وقف انتشار السلاح النووي، إن عقوبات ترامب “قد زادت الأمور تعقيداً، خاصة في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. العقوبات، التي رفضها الحلفاء والخصوم على حد سواء، لم تجلب أي فائدة للولايات المتحدة؛ بل أنها أتت بنتائج عكسية. لقد أضعفت سلطة واشنطن – المتضائلة أصلاً- في العالم”. وأضاف فيتزباتريك، وهو أيضاً ضابط سابق في السلك العسكري الخارجي، وكان قد شغل كذلك منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون حظر إنتشار الأسلحة النووية، “أن إيران تعرضت لضغوط على مدى السنوات الأربع الماضية، لكنها نجت وازدهرت. والفكرة القائلة بأن العقوبات الأميركية دفعتها إلى حافة الانهيار هي فكرة خاطئة. لقد وجدت إيران طرقاً للتغلب على العقوبات. إنها تعاني بالتأكيد لكنها لم تركع”. سياسياً، إيران دولة قومية ومتماسكة إلى حد كبير، بحسب فيتزباتريك. “صحيح أن هناك العديد من الآراء بين مختلف شرائح المجتمع الإيراني، لكنه مجتمع يدعم الجمهورية الإسلامية بشكل عام. وصحيح أن العديد من الإيرانيين يتمنون أن يكون لديهم قيادة من نوع مختلف، لكنهم لا يسعون للإطاحة بالقادة الحاليين من رجال الدين”. ويعتقد المراقبون أن هذه العقوبات وفرت لـ”ملالي إيران” وسائل لتبرئة أنفسهم من الإخفاقات المحلية، وسمحت لهم بنسج رواية تلقي باللوم على الغرب في كل ما تعانيه إيران. كل شيء أو لا شيء وعن التغييرات المحتملة في الطريقة التي تتعامل بها طهران مع الغرب، وخاصة الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي صبت في صالح إبراهيم رئيسي رئيس القضاء المحافظ وأحد رعايا المرشد الأعلى للبلاد، يتوقع فيتزباتريك توطيداً (الدمج/ التوحيد) سياسياً في إيران. ويقول: “سيحظى رئيس القضاة إبراهيم رئيسي، الذي سيتولى منصبه في آب/ أغسطس المقبل، بالدعم الكامل من السيد علي خامنئي، فضلاً عن دعم الفصائل المتشددة داخل النظام. ومع هذا الدعم، سيكون رئيسي قادراً على إنجاز أكبر مما أنجزته الإدارة المنتهية ولايتها. ولعل الأهم من ذلك، أنه إذا تم إحياء الإتفاق النووي، فإن الحكومة الجديدة في إيران ستستفيد من تخفيف العقوبات. لذا، وعلى الرغم من أن الإدارة الأميركية الحالية سوف تتفاوض على الصفقة، فإن الحكومة الإيرانية الجديدة هي من سيستفيد منها”. وفي حين أن إمكانية إحياء الإتفاق النووي مرجحة الآن أكثر مما كانت عليه قبل أربع سنوات، إلا أن فيتزباتريك، مثل العديد من الخبراء في العلاقات الأميركية ـ الإيرانية، غير متأكد على الإطلاق ما إذا كانت طهران ملتزمة بهذا الاتفاق. فالإيرانيون، برأي فيتزباتريك “يريدون بالتأكيد إحياء الإتفاق لكي يتنفسوا الصعداء. لكنهم لا يريدون تقديم أي تنازلات أو تسويات. هم يشعرون أنهم تعرضوا للخديعة والأذى بسبب إنسحاب ترامب من صفقة كانوا ملتزمين بها بشكل تام. إنهم لا يثقون بالولايات المتحدة نهائياً، ويريدون رفع جميع العقوبات مقدماً. حتى الآن، بقيت إيران على نهج “كل شيء أو لا شيء”. وإذا حافظوا على هذا الموقف، فلن تكون هناك صفقة، وسوف تتدهور علاقة إيران مع الغرب أكثر. وقد نشهد المزيد من الصراعات في الشرق الأوسط، وقد تتخذ إسرائيل بعض الخطوات لتأخير البرنامج النووي الإيراني”. يقول الخبراء إن الإدارة الإيرانية الجديدة، التي تدرك جيداً حظوظها السياسية، تريد التحرر من العقوبات. ولهذا، فإنها ستبذل قُصارى جهدها لإحياء الإتفاق النووي. ليس هذا فحسب، بل إن انتصار “صقر” مثل رئيس القضاء المحافظ (رئيسي) سيُمَكّن الحكومة الجديدة من المطالبة بكل الإستحقاقات المالية التي تعتبرها من حصة إيران نتيجة توقيعها الاتفاق النووي لعام 2015 – والذي يمكن أن ينجز في صيغته النهائية قبل نهاية ولاية الحكومة الحالية برئاسة حسن روحاني. ولكن، مع وجود صعوبات اقتصادية حقيقية في الداخل، فإن إيران ستقبل بتقديم تنازلات وستختار المضي في المحادثات النووية. “إحياء الإتفاق النووي يصب في مصلحة الطرفين. ومع ذلك ثمة احتمال ألا يتم، ويجب أن نكون مستعدين لذلك”، بحسب فيتزباتريك. لأنه إذا لم يقدم الإيرانيون تنازلات، ولم يستأنفوا المحادثات، فمعنى ذلك مواصلة المسار التصعيدي. وهذا بدوره سيستفز إسرائيل للقيام بمزيد من الإجراءات. أما إحياء الإتفاق فيعني أن الحكومة الإيرانية الجديدة ستباشر أعمالها مع رفع العقوبات المشددة التي تسببت بوقف صادرات النفط. وهذا، كما يقول المراقبون، سيسمح للإدارة الجديدة أن تبدأ ولايتها مع إيرادات جديدة. العلاقات مع الولايات المتحدة وبينما سيسمح الاتفاق لإيران بإستئناف الأعمال التجارية مع بقية العالم، فإنه لا يعد باستعادة العلاقات مع الولايات المتحدة، التي وصفها رجال الدين داخل السلطة في طهران بـ”الشيطان الأكبر”. وانتخاب رئيسي، الذي يُقال إنه قريب جداً من خامنئي، يعني أن الرئيس الجديد سوف يعزز وبوضوح أجندة السياسة الداخلية والخارجية للرجل المسن والمريض. وعندما سُئل عمَّا إذا كانت إيران تأخذ الولايات المتحدة على محمل الجد، قال فيتزباتريك: “إنها تراها كخصم تعرف قوته في المجالين المالي والعسكري”. وأضاف: “أحياناً، يُنظر إلى القادة الإيرانيين على أنهم يرفضون احتمال قيام واشنطن بعمل عسكري لفرض مطالبها، لأنهم يعتقدون أن قوة الأخيرة تتضاءل وأنها تسعى للخروج من الشرق الأوسط”. وأضاف “إنها قراءة خاطئة لنوايا الولايات المتحدة وتصميمها على منع ايران من الحصول على سلاح نووي”. الرئيس جو بايدن وفريقه مهتمون بإحياء الإنجاز المميز الذي حققه الرئيس الأسبق باراك أوباما على صعيد السياسة الخارجية. وأنا أعتقد أنهم أدركوا أنهم لن يحصلوا على صفقة سريعة مع إيران. يجب أن يبقوا على المسار وأن يكونوا صبورين ويظهروا المرونة – حيثما استطاعوا ذلك. بالطبع ستكون هناك بعض الحواجز. أحدها العقوبات التي قالت إدارة بايدن إنها ستبقى سارية. كما أن الإيرانيين منزعجون من تصنيف إدارة ترامب للحرس الثوري الإيراني (الذراع القوي للجيش الإيراني) كمنظمة إرهابية، فيما فريق بايدن متردد في إزالة هذا التصنيف. ولكن في النهاية، قد يضطرون لذلك. فالحرس الثوري منخرط في العديد من جوانب الاقتصاد الوطني، ومعاقبته تعني الكثير من الخسائر على صعيد التجارة العالمية، وهذا من شأنه أن يعيق تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة المستعادة (JCPOA ). في بيان عقب التصنيف المذكور للحرس الثوري، زعم البيت الأبيض (في عهد ترامب) أن هذه الخطوة “ستوسع بشكل كبير نطاق وحجم الضغط الذي تمارسه واشنطن على النظام الإيراني”. حتى مع وجود إدارة مليئة بالصقور، قوبل قرار ترامب آنذاك بمعارضة من داخل معسكره. وقال بعض مساعديه في مجال الأمن القومي إن ذلك سيؤدي إلى انتقام طهران من القوات الأميركية وضباط المخابرات (سي آي إيه). وعن هذا الأمر، قال فيتزباتريك “نأمل ألا تضطر إدارة بايدن إلى التراجع عن هذا القرار. فالحرس الثوري الإيراني مكروه في الولايات المتحدة وفي كثير من أنحاء العالم، لذلك ربما تبقى هذه العقوبة سارية”. يرى خبراء أن بايدن، وعلى عكس سلفه ترامب، يمثل فرصة وتحدياً للحكام في إيران. التحدي هو أن القادة المتشددين في طهران لن يكونوا قادرين بعد الآن على استخدام واشنطن كذريعة أو إلهاء للتغطية على أعمال القمع التي يمارسونها في الداخل، وإخفاقاتهم الاقتصادية، والاعتداءات التي يمارسونها في بعض دول الإقليم. ويقولون إن الفرصة مُتاحة لتطبيع العلاقات وتخفيف العقوبات. إقرأ على موقع 180 ما الذي يعنيه الإنسحاب الأميركي من أفغانستان؟ وعلى الرغم من الإتفاق النووي، سيواصل القادة في إيران استخدام الولايات المتحدة كخصم محتمل وشرس. لن يقفزوا إلى انفراجة مباشرة في العلاقات مع الولايات المتحدة. سيواصلون التطبيع مع واشنطن، وفي الوقت نفسه يعقدون بعض الصفقات التكتيكية حيثما كان ذلك في مصلحتهم. وهم لن يجعلوا عملية التفاوض سهلة، لكنهم سيوافقون على استعادة الصفقة وسيتعين عليهم تقديم بعض التنازلات. هل كانت العقوبات مضيعة للوقت؟ العقوبات الشديدة التي فرضها الرئيس ترامب على إيران، كان لها، في نواح عديدة، عكس التأثير المطلوب. لقد تغير المشهد السياسي في إيران بشكل كبير بعد أن ضاعف العقوبات. استطاع رجال الدين داخل السلطة في طهران إلقاء اللوم على واشنطن في عدد لا يُحصى من المشاكل التي تعاني منها إيران، وقد ساهم ذلك في تحقيق النصر السياسي للمحافظين. في مقال نشره مركز “Responsible Statecraft” للأبحاث في واشنطن، كتب تريتا بارسي- نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي – تقريراً قبيل الانتخابات الإيرانية الأخيرة يقول فيه أنه على المحافظين في إيران شكر ترامب. فإذا فاز رئيسي فالفضل في ذلك سيعود لترامب، موضحاً أن “إستراتيجية الضغط الأقصى لترامب كانت مذبحة للطبقة الوسطى الإيرانية – القاعدة الأساسية التي تفضل انفتاحاً سياسياً أكبر وتحسين العلاقات مع الغرب. فعقوبات الرئيس السابق أضعفت وتضعف مصداقية القوى المعتدلة في إيران، وتحول الكفة لصالح المتشددين”. بدوره، قال فيتزباتريك: “أنا أؤيد العقوبات التي لها هدف. العقوبات تكون قوية وصالحة عندما تجبر الخصم على تغيير سلوكه. أما إذا لم تُرفع بعدما يمتثل الطرف الآخر، فإنك تكون قد قوّضت الأساس الذي يقوم عليه مبدأ العقوبات”. ماذا لو فشلت الدبلوماسية؟ وفقاً للخبراء، تريد كل من الولايات المتحدة وإيران إحياء الإتفاق النووي. أما إذا فشلت الدبلوماسية، “فلدى واشنطن وتل أبيب القدرات الاستخباراتية والعسكرية والإلكترونية لتأخير البرنامج النووي”، بحسب فيتزباتريك. مع انهيار معظم قطاعاتها الاقتصادية، تمتلك إيران عموماً خيارات محدودة للغاية في هذه المعادلة المعقدة. وعن هذا الوضع قال أليكس فاتانكا، كبير المحللين ومدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: “من الواضح أن كلا الجانبين يريد إتمام الصفقة لأسباب مختلفة. فإيران بحاجة إلى رفع العقوبات عنها. أما الولايات المتحدة فتريد إحتواء البرنامج النووي الإيراني، لتتفرغ للقضايا السياسة الخارجية الأخرى. خامنئي لا ينظر للولايات المتحدة على أنها مسألة تتعلق بالسياسة الخارجية، بل كقوة تريد عزله من منصبه. وبالتالي، سيكون خامنئي جاهزاً للتصرف بشكل غير عقلاني ودفع الأثمان الباهظة من أجل الحفاظ على مصلحته السياسية ولو على حساب مصالح الأمة الإيرانية. بالمقابل، يتم ازدراء واشنطن في طهران بشكل علني. فقبل عامين وصف خامنئي أميركا بأنها الدولة “الأكثر مقتاً” في العالم. وقال انه لا يمكنه الوثوق ببعض الدول الأوروبية. وقد تصدرت مثل هذه التصريحات عناوين الصحف في إيران والغرب طوال فترة السنوات الأربع- ولاية ترامب”. وأضاف فاتانكا، مع ذلك، ثمة فرص أكبر اليوم لاعتماد إيران على الدبلوماسية أكثر من المواجهة. هناك خطر متزايد في أن تشهد إيران انفجاراً شعبياً كبيراً مثل الذي شهدته في عام 1979.” يحتاج خامنئي ورجال الدين إلى المال للحفاظ على النظام موحداً، ولتهدئة الغضب الشعبي ودفع تكلفة مغامرات طهران الإقليمية المختلفة. “وهذا هو السبب في أن الوضع الراهن لا يعوّل عليه. هو يحتاج لإتفاق لضمان عودة تدفق الأموال مرة أخرى”. هل يملك بايدن خطة؟ تلقى كبير مفاوضي الرئيس الأميركي، روبرت مالي، تعليمات من أجل التوصل إلى حل وسط مع إيران وخصوصاً مع الصقور في الداخل. ويبدو أن بايدن سيبذل قُصارى جهده لإنقاذ الصفقة التي أحبطها سلفه قبل عامين من مغادرته منصبه. وفي حين كان نسف الإتفاق أبرز إنجازات ترامب على صعيد السياسة الخارجية، ستكون مهمة بايدن استعادة هذا الإتفاق بشكل أو بآخر – إن لم يكن كلياً. وفي هذا الشأن، قال خبراء إن واشنطن عازمة على عرض صفقة على طهران على غرار إتفاق Goldilocks– أي ما يكفي من الراحة لتحفيز طهران على العودة إلى الإتفاقية. في مقابلة عبر منصة زووم، وصف الأكاديمي الإيراني هوشنغ أمير أحمدي، حكومة الولايات المتحدة بـ”سفينة بلا دفَّة”. وقال “إن إدارة بايدن ليس لديها أهداف ولا خطة سوى استعادة الإتفاق الذي تفاوض عليه أوباما قبل ست سنوات، واعتبره إرث للسياسة الخارجية آنذاك”. وأضاف أحمدي، المدير السابق لمركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة روتجرز، أن “الولايات المتحدة تبدو اليوم ضعيفة عندما تتوسل التوقيع على صفقة مع خصم ضعيف مثل إيران. بايدن يتفاوض من موقع ضعف. بصراحة واشنطن بحاجة إلى تقديم خيارين فقط خلال المفاوضات: الحرب أو السلام. وبالتأكيد، لا تستطيع إيران أن تخوض اليوم حرباً مع الولايات المتحدة. في الوقت نفسه، النظام في طهران توقف عن التعامل مع واشنطن بجدية، لأن الأخيرة قدمت نفسها على أنها أمة ضعيفة. قرار رفض الاتفاقية النووية ووصفها بغير المجدية لم يساعد الولايات المتحدة. الشيء الوحيد الذي كان له معنى ما هو تأخير إيران عن إنتاج قنبلة نووية لبعض الوقت”. “ما الفرق إذا صنعوا قنبلة؟ دعهم يستثمرون بكثافة في برنامجهم العسكري والنووي. على الولايات المتحدة أن تشجعهم على الاستثمار أكثر في مثل هذه المغامرات، وفي نهاية المطاف ستنهار إيران. الاتحاد السوفيتي انهار لأن الولايات المتحدة كانت قادرة على استغلال عنصر ضعفه الداخلي – اقتصاده”. سياسة أميركية بلا سياسة! يزعم أحمدي، المقيم حالياً في نيوجيرسي، أنه عرض على العديد من الحكومات الأميركية المشورة بشأن إيران، لكنهم كانوا ضعفاء في اتخاذ القرار، “وهذا هو السبب في أننا ما زلنا متورطين في هذه الفوضى. إيران دولة معقدة، وليس لقادتها رؤية سوى تحويل البلاد إلى دولة إسلامية خالصة. إنهم لا يفكرون أبعد من ذلك. العقوبات والانهيار الاقتصادي لا يضر بهم ولا بقضيتهم. لم يصنعوا إيران على أساس الاقتصاد. لقد صنعوها على أساس الدين”. ويتابع أحمدي، الذي اعترف أن آراءه تميل نحو سياسة أكثر تشدداً، “على الغرب التوقف عن منح الفرص لإيران. العالم سمح لرجال الدين بالحفاظ على الوضع الراهن”. وتساءل: “لماذا تحتاج دولة مثل أميركا ـ القوة العسكرية والاقتصادية ـ إلى الإنحناء أمام دولة ضعيفة وغير مستقرة مثل إيران؟ مشكلة السياسة الخارجية للولايات المتحدة هي أنه لا توجد سياسة. لإبتكار سياسة خارجية تحتاج إلى فهم ديناميات إيران. ولسوء الحظ، لا يفهم صانعو السياسة في واشنطن القضية الأساسية. إيران ليست دولة ديموقراطية. إنها حكومة ثيوقراطية.. والبلاد تتجه نحو نظام حكم أكثر تحفظاً وتشدداً من شأنه حماية الأفكار الثورية وتعزيزها. وانتخاب رئيسي سيعزز هذه الخطط”(…). وبحسب أحمدي، فإن المرشد الأعلى “يخطط لثورة جديدة بعد الانتخابات. سوف يلومون الليبراليين ثم يقولون إن الثورة يجب أن تعود. لذلك، لا شيء يحدث من أجل الشعب الإيراني. في أحسن الأحوال سيكون هناك القليل من إعادة توزيع الثروة. سوف يأخذون من الأغنياء ليعطوا الفقراء. المزيد من الكلام القاسي، والمزيد من الدين، والمزيد من الثيوقراطية، هذا كل ما سيتغير”. في ظل النظام السياسي السائد في إيران، يلعب الرئيس دوراً مهماً في السياسة الداخلية والخارجية للبلاد. ومع ذلك، فإن المرشد الأعلى هو الذي يتخذ القرارات النهائية في جميع شؤون الدولة. وعلى الرغم من أن نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة كانت متدنية جداً، يعتقد العديد من الإيرانيين أن الانتخابات تمت هندستها بطريقة مبتكرة وستساعد رئيسي (60 عاماً) على تحقيق النصر، خصوصاً وأن الأخير قدم نفسه على أنه المرشح الوحيد القادر على محاربة الفساد. ويقول الخبراء إن هذا ربما ساعده في أن ينال إعجاب الناخبين المحاصرين في إيران.
(*) النص مترجم عن موقع T-MAGAZINE