المصدر : درج
للتعافي من هذه الأزمة التاريخية، على لبنان تنفيذ سلسلة من الإجراءات على المدى القصير والمتوسط والطويل، من أجل تحقيق الاستقرار النقدي. من شأن هذا الاستقرار أن يوقف العجز المزدوج الذي تعاني منه البلاد، ويحجّم من الخسائر في الاحتياطيات الخارجية، ويخفض من حالة اللايقين في التعاملات الاقتصادية؛ وبالتالي يؤدي إلى تحفيز الأداء الاقتصادي على المدى الطويل. وإذا اقترن ذلك بعملية إعادة هيكلة للديون، وإعادة هيكلة القطاع المالي مع إجراء إصلاحات مالية، فيمكن للبنان أن ينجح في الانتقال من اقتصاد ريعي قائم على الخدمات إلى نموذج اقتصادي منفتح وتنافسي، تحكمه وتحركه تعريفات جمركية منخفضة ونظام مرن في تحديد سعر الصرف مع قطاع صادرات ديناميكي.
وذلك يتطلّب إجراءات عاجلة وفورية يمكن تنفيذها في إطار زمني لا يتجاوز 6 أشهر منها:
توحيد أسعار صرف العملات الأجنبية، بمساعدة تقنية من صندوق النقد الدولي، وذلك من خلال انشاء منصة صرف أجنبي تتمتع بالشفافية والسيولة والكفاءة لدرجة تسمح لأسعار الصرف بالاستجابة لقوى السوق. ولا بد من تقليل دور مصرف لبنان في صنع السوق، وخفض هذا الدور لينحصر في إدارة التقلّبات.
الحد من الاستخدام غير الفعال لاحتياطيات النقد الأجنبي، وذلك من خلال:
إصدار قانون لضبط وتنظيم رأس المال، بما يتماشى مع توصيات صندوق النقد الدولي، من أجل الحد من تدفق رأس المال الأجنبي إلى خارج البلاد، مع ضمان معاملة المُودعين بشكل عادل ومتساوٍ وإنهاء الانتهاكات والتجاوزات المتواصلة.
التحوُّل تدريجياً عن برنامج دعم السلع بالعملات الأجنبية الحالي، واستبداله بالتحويلات النقدية المباشرة إلى الأسر كخطوة أولى. ففي دراسة أعدَّها البنك الدوليّ، وُجد أن التحوُّل إلى برنامج تحويلات نقدية ذي تغطية واسعة (يشمل 80% من السكان) سيكون أكثر كفاءة وفعالية. من شأن هذا البرنامج أن يحسن ميزان المدفوعات اللبناني، وأن يمدد بفعالية الفترة الزمنية المتبقية قبل استنفاد احتياطي مصرف لبنان، وأن يسهم في تخفيف الآثار على الطبقتَين الفقيرة والوسطى في لبنان. علاوة على ذلك، فسوف يساعد أيضاً في خفض التكاليف التي يتكبدها احتياطي النقد الأجنبي في مصرف لبنان بنسبة تزيد على أكثر من 50%. وبعد ذلك، فإن أي برامج جديدة للدعم لا بد أن تشمل مخططاً شاملاً للحماية الاجتماعية يُدرَج في الموازنة المالية السنوية.
استعادة السيطرة على وجه السرعة على المعروض النقدي والحد من طباعة النقود من خلال:
إلغاء التعميم الأساسي للمصارف رقم 151 الصادر عن مصرف لبنان، الذي يعوض الدولار اللبناني (لولار) من خلال طباعة المزيد من النقود بالليرة اللبنانية. ولتحقيق هذه الغاية بنجاح، يتعين على حكومة لبنان ومصرف لبنان والبنوك، عبر إجراء سلسلة من المفاوضات، الاتفاقُ على توزيع واضح وعادل للخسائر الإجمالية التي تكبدتها الكيانات اللبنانية، والتي تقدر بنحو 241 تريليون ليرة لبنانية،7 مع تبنّي سياسة عامة أساسية تهدف إلى حماية المودعين إلى أقصى حد ممكن.
تحسين كفاءة الإنفاق العام وتحصيل الإيرادات الضريبية، فضلاً عن توفير الحيز المالي اللازم لوضع خطة ملائمة للحماية الاجتماعية. ولا بد من خفض العجز المالي نظراً إلى أن الطريقة الوحيدة لتمويله ومواصلة دفع أجور موظفي القطاع العام هي طباعة النقود. ولتحقيق هذه الغاية، ينبغي وضع أهداف واضحة للحد من حجم القطاع العام ولزيادة إنتاجيته، بما في ذلك القيام بهذا من خلال إخضاع قطاع الخدمة المدنية للمراجعة من قبل مؤسسة دولية مستقلة ووضع خطة شاملة للإصلاح الضريبي.