“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
قالت أوساط كنسية، عشية انعقاد الإجتماع الذي كان دعا إليه البابا فرنسيس الأول للمرجعيات الروحية والكنسية في الفاتيكان، هو نوع من سينودس مصغّر، ويهدف منه الكرسي الرسولي إلى توجيه رسالة لجميع المسيحيين بأن لبنان غير متروك لقدره ولمصيره، وبأن الفاتيكان يولي لبنان والقضية اللبنانية، الأهمية اللازمة، خصوصاً وأن البابا فرنسيس يؤكد في كل مناسبة ومحطة، أن الكرسي الرسولي يتابع بدقة الأوضاع في لبنان، وهو يخشى على هذا البلد الصغير وعلى مصيره، ولذلك، أراد اللقاء مع المرجعيات ورؤساء الطوائف المسيحية، من أجل التأكيد للمسيحيين، بأنه يتابع الأوضاع المعيشية والإقتصادية والمالية والسياسية، بدقّة كبيرة، كما أنه يخشى من هجرة واسعة للمسيحيين بسبب الظروف المالية السيئة للغاية، خصوصاً وأن كل حركات الهجرة في لبنان وفي العالم، حصلت على الدوام في البلدان التي كانت تعاني ظروفاً مأساوية على المستويات الإجتماعية والإقتصادية والمالية، وبالتالي، فقد أراد البابا فرنسيس، ومن خلال لقاء الفاتيكان، توجيه الرسائل في أكثر من اتجاه:
ـ الرسالة الأولى، من أجل إبقاء المسيحيين في أرضهم وعدم الهجرة، بل على العكس التشبّث بوطنهم، وعدم تركه رغم الظروف الصعبة.
ـ الرسالة الثانية، هي من أجل أن يكون لدى المسيحيين الأمل بأنهم غير متروكين لقدرهم ومصيرهم الغامض، وبأن الفاتيكان يتابع عن كثب قضيتهم، وهو أكثر من حريص على بقائهم ووجودهم ودورهم في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط.
ـ الرسالة الثالثة، من أجل وحدة الموقف بين كل المسيحيين أولاً، على أن يمهّد ذلك لوحدة موقف وطني بين كل الطوائف، في مقاربة الشؤون اللبنانية الوطنية.
ـ الرسالة الرابعة، وهي موجّهة للمجتمع الدولي، وتحديداً إلى الأسرة الدولية، وبشكل خاص الولايات المتحدة الأميركية، وذلك، من أجل القول أن الفاتيكان لن يسمح بأن يكون لبنان لقمة سائغة على أي طاولة مفاوضات يمكن أن يتقرّر فيها مسائل لا علاقة لها بسيادة لبنان واستقلاله. وبالتالي، فإن الكرسي الرسولي، لن يسمح بأي مقايضة على حساب لبنان والقضية اللبنانية، ودور لبنان التاريخي والدور اللبناني في التعايش المسيحي ـ الإسلامي، ودور لبنان النموذجي على مستوى الرسالة.
ـ الرسالة الخامسة، هي باتجاه الدول الإقليمية، للقول أن الفاتيكان لن يتهاون مع إبقاء لبنان ساحة مستباحة لبعض القوى التي لا تتعامل معه كدولة مستقلة.
ـ الرسالة السادسة، موجّهة لجميع القوى في لبنان، للقول بأن الفاتيكان حريص على جميع اللبنانيين، ولا يميّز بين المسيحيين والمسلمين، كما أنه حريص على هذا النموذج، وعلى هذه اللبننة بالتعايش، ولكنه أيضاً لن يتهاون مع كل من يضرب مفهوم الدولة، ويواصل في سياساته ضرب هذا النموذج اللبناني.
وبالتالي، تشير الأوساط الكنسية نفسها، أن هذه الرسائل وغيرها، ستشكّل منطلقاً أساسياً في اللقاء الذي يعتبره الفاتيكان محطة فاصلة، لأن ما قبله هو غير ما بعده، وذلك، على أساس أنه سيشكّل رسالة واضحة المعالم إلى الجميع، كون الفاتيكان، واعتباراً من الأول من تموز، سيطلق الضوء الأخضر لبداية تحرّكه، ورسم مرحلة جديدة، كما أنه سيضع الخطوط الحمراء في وجه أي محاولة لقضم لبنان أو التعدّي عليه، أو المقايضة تحت إسم لبنان، وبالتالي، الدفع نحو إنهاء القضية اللبنانية. وتؤكد الأوساط، أن لقاء الفاتيكان المقبل، قد يشكل بداية لبحث ما سبق وأن طرحه البطريرك الماروني بشارة الراعي لجهة ضرورة عقد مؤتمر دولي حول لبنان، خصوصاً وأن البابا فرنسيس يريد توجيه رسالة إلى كل أفراد المجتمع الدولي، لأن الفاتيكان هو الأحرص على لبنان ومصيره ومصير كافة أبنائه من مسيحيين ومسلمين.