توجه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في كلمة صريحة ومباشرة للبنانيين اثنى فيها على دور الجيش اللبناني قائلا انه في ثقافتنا وهو في صلب معادلتنا الذهبية الجيش والشعب والمقاومة فضباط وابناء الجيش اللبناني هم ابناء هذا الشعب ونحن ننتمي الى نفس الشعب، وهذه المؤسسة لن تقبل باي تحريض من هذا النوع. وفي ملف الحكومة، كشف سماحة السيد حسن نصرالله ان المقاومة ستلبي طلب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالمساعدة وهي قدمت أفكارا جديدة بهدف الوصول الى مكان مرض للرئيس عون والحريري حتى اذا توافقا أمكن تشكيل الحكومة مذكرا ان حزب الله لطالما قال ان رئيس الجمهورية هو شريك في تشكيل الحكومة وهذا موقف ليس حياديا.

ميوعة المسؤولين اللبنانيين

بموازاة ذلك، لم يسبق ان شهد لبنان ميوعة لدى المسؤولين اللبنانين في التعامل مع القضايا المصيرية كما يحصل اليوم حيث لا قرار حازما وحكيما حيال اي من الازمات التي تعصف بمؤسسات الدولة ولا موقف وطنيا صريحا حيال تعطيل الحكومة ولا خطة واضحة المعالم لمعالجة المستلزمات التي يحتاجها المواطن كالدواء والخبز والبنزين وغيرها من مواد اساسية. ذلك ان المسؤولين اللبنانيين يعذبون ويضطهدون ويدفنون المواطن اللبناني وهو حي بشتى الطرق والاساليب ومن ثم يتحايلون عليه ويجعلونه يدفع وحده ثمن الخطيئة التي قاموا بها من سرقة المال العام واستئثار واستغلال مرافق الدولة لمصالحهم . فما هي هذه الحالة السيئة التي وصل اليها الشعب اللبناني؟ ما يعيشه اليوم المواطن اللبناني هو الجحيم بحد ذاته لانه عندما يصل الدولارالى 16000 ليرة لبنانية في السوق السوداء دون اي مؤشر لاحتوائه وعندما يحرم المرضى من الادوية لامراضهم المزمنة وعندما يفقد الحليب للاطفال ويرفع الدعم عن المواد الغذائية فتحلق الاسعار الى مستوى لا يعود المواطن قادرا على تامين مستلزماته الاساسية وعندما تستغيث المستشفيات فيصبح وضعها مزريا يكون لبنان اصبح فعلا في الجحيم. ورغم كل هذه المآسي، لا يوجد مسؤول لبناني يتعامل مع الازمة اللبنانية على قدر مستوى خطورتها وفقا لاوساط مطلعة.

وهذه الميوعة اللبنانية تلاقيها ميوعة اوروبية في مقاربة الازمة اللبنانية حيث ان اللبناني ما ان يتأمل بان الدول الاوروبية ستأخذ تدابير لمعاقبة المسؤولين اللبنانيين منها تجميد حساباتهم في دولهم حتى يخيب ظنه من المسؤولين الاوروبيين الذين يتضح ان تصاريحهم كلام بكلام. بيد ان الدول الاوروبية تلوح بالعقوبات ولكن سرعان ما تتراجع عن تطبيقها وهذا امر اضعف من هيبتها وقرارها. وتقول مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى للديار ان اسباب الميوعة الاوروبية هو تحول الاتحاد الاوروبي في الاونة الاخيرة الى اتحاد لا يملك توجها واضحا وتخبطا في القرار السياسي اضافة الى عدم قدرته على ضبط سياسته وخير دليل على ذلك الفوضى التي احدثتها حركة السترات الصفراء ورغم ذلك لم يكن هناك قرار واضح في وقف هذه الحركة التي خربت كثيرا والحفاظ على استقرار البلاد. وترى المصادر الديبلوماسية ان السياسة الداخلية الاوروبية او الخارجية باتت تفتقد الى الحزم واتخاذ القرارات الصعبة اي نية لاحداث تغيير في بلدان لهم تأثير عليها. وبرحيل الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب ومجيء رئيس قريب للسياسة الاوروبية وهو الرئيس جو بايدن، لم تستفد الدول الاوروبية من هذا التغيير الذي اتى لصالحها ولم تستخدمه في اي اطار دولي. وعليه، بدت الدول الاوروبية ضعيفة الى حد ما في سياستها الخارجية وفقا للاوساط الدبلوماسية وظهر ان روسيا والولايات المتحدة هما الدولتان الوحيدتان اللتان فرضتا ميزان قوى في المنطقة.

تعاون فرنسي – اميركي للضغط على المسؤولين اللبنانيين

في غضون ذلك، برز تعاون فرنسي – اميركي ظهر من خلال اعلان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان خلال مؤتمر مع نظيره الاميركي انتوني بلينكن امس ان باريس وواشنطن ستتحركان معا للضغط على المسؤولين عن الازمة التي يغرق فيها لبنان منذ مدة. وقال لودريان في باريس: «نلاحظ معا المأساة التي يمكن ان تحصل في حال تفتت هذا البلد او زال» مضيفا «قررنا ان نتحرك معا للضغط على المسؤولين. نحن نعرفهم.» ومن جهته، اكد وزير الخارجية الاميركي على استعداد بلاده لمساعدة لبنان قائلا «لكننا نحن بحاجة إلى قيادة حقيقية في بيروت».

وفي نطاق متصل، هناك محاولة خارجية ايضا لحلحة الازمة اللبنانية وهي دعوة الفاتيكان لرؤساء الطوائف في لبنان للحوار حيث قال رئيس الجمهورية ان اللبنانيين يتطلعون بأمل وايجابية لاجتماع الفاتيكان الذي سيعقد في الاول من تموز المقبل. وتعليقا على هذه الجهود الخارجية لمساعدة لبنان، شددت اوساط سياسية ان كل هذه المساعي لن تؤد الى نتيجة طالما ان مقاربة الازمة اللبنانية ستكون من خلال المسؤولين الذين سببوا هذه الازمة قائلة : هل ستحرك دعوة الفاتيكان ضمائر المسؤولين اللبنانيين الذين هم «شياطين» باعوا انفسهم للمال وللسلطة وذلوا شعبهم؟

الخبير الاقتصادي نادر: استعادة الاموال المنهوبة تبدأ بوقف التهريب

بدوره ،قال الخبير الاقتصادي سامي نادر للديار ان استرجاع المال المنهوب يبدأ من خلال وقف التهريب لان هذا الامر يشكل ايضا نهبا لمال المواطن اللبناني. واشار الى ان رفع الدعم جزئيا عن البنزين لن يوقف الطوابير على محطات الوقود بما ان التهريب قائم وفرق السعر بين لبنان وبلدان اخرى حاصل وهذا الحل لن يمتص هذه الازمة محذرا انه في المستقبل القريب لن يكون هناك سيولة كافية حتى على 3900 ليرة لبنانية.

المشهد اللبناني اسود واقع دون مظلة والانهيار يتسارع ولا قعر لتخفيف الارتطام وبالتالي لا اشارة واحدة لوقف زوال لبنان ونزيفه عبر تشكيل الحكومة. ولبنان ينزف وممنوع ان يضمد جراحه وقيمة الودائع في المصارف فقدت 80% بسبب تفاقم الازمة وتحليق الدولار الى 16000 ليرة لبنانية. مظاهرات تشرين 2019 كانت من الطبقة الوسطى ومعظهم هاجروا وبالتالي الفقراء غير قادرين على القيام بثورة انما لبنان مقبل على تدهور الوضع الامني والفوضى الاجتماعية. واعتبر نادر ان الصراع الداخلي حاصل انما القرار الخارجي لتسيير الامور في لبنان لم «يصدر» بعد.

النائب جورج عطالله للديار: الحريري انهى كل المساعي لتشكيل الحكومة

من جهته، قال النائب في تكتل لبنان القوي جورج عطالله للديار بأن الرئيس المكلف سعد الحريري هو من انهى المسعى لتشكيل الحكومة بعدم اعطائه جوابا كان ينتظره الجميع منه بعد اللقاء الايجابي الذي حصل بين الوزير جبران باسيل والخليلين ومسؤول الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا مشيرا الى ان الحريري سافر منذ ذلك الحين ولا يرد على احد.

وكشف ان اللقاء الاخير الذي حصل بين باسيل والخليلين ووفيق صفا كان لقاء بناء وعمليا حيث وضعت خارطة الطريق للحكومة وكانوا متوافقين عليها. ولفت النائب جورج عطالله الى ان اوساط تيار المستقبل تشن هجوما سياسيا كلما عمل التيار الوطني الحر على التسهيل لملف الحكومة وفي الوقت ذاته شدد ان لا يحق لتيار المستقبل او لاي فريق اخر ان يشترط على التيار الوطني الحر منح الثقة مسبقا للحكومة في البرلمان علما ان هذه المسألة مرتبطة بكيفية تشكيل الحكومة واحترام دور رئيس الجمهورية كشريك في التاليف ضمن المعيار الواحد والميثاقية. اما من يتعامل مع رئيس الجمهورية على انه ان لا يحق له بهذا العدد من الوزراء عندها حتما سيكون لدى التيار الوطني الحر موقف متحفظ حول هذه الحكومة.

وردا على بعض التسريبات والتحليلات التي تهدف الى الاصطياد في الماء العكر وتروج ان التيار الوطني الحر يريد ابعاد حزب الله عن حركة امل، اكد النائب جورج عطالله للديار بان احدا في تكتل لبنان القوي واهم ان خلافا سيقع بين الثنائي الشيعي انما ما نريده ان يأخذ حزب الله في ملف الحكومة الموقف الصائب بما انه دائما مع الحق. واضاف عطالله ان اتفاق مار مخائيل الذي ابرمناه مع حزب الله اردنا ايضا ان نكرره مع اطراف لبنانية اخرى وعليه اقدمنا على مصالحة مع القوات اللبنانية واتفاق معراب كما ارسينا تفاهما مع الرئيس سعد الحريري الا ان الاخير هو من انقلب على العهد واستقال دون سابق انذار متخليا عن مسؤوليته واضعا البلد امام مصير مجهول. وهنا، اراد عطالله التذكير بالدور الذي كان العهد يلعبه في تخفيف التوتر بين حزب الله وتيار المستقبل حيث ان مسؤولي تيار المستقبل كانوا دوما يتهمون المقاومة وسوريا باغتيال الشهيد رفيق الحريري في حين ان العهد ورئيس التيارالوطني الحر عملا على نزع فتيل الفتنة وعلى تقليص نسبة الشرخ بين الطرفين.

اما عن علاقة التيار الوطني الحر بالمقاومة، أوضح النائب جورج عطالله ان اعظم دليل على ثقة الوطني الحر بالمقاومة هو قيام الوزير جبران باسيل بتفويض امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لانه الوسيط النزيه في موضوع الحكومة. انما في الوقت ذاته، اعتبر عطالله ان التفاهم الذي حصل بين الوطني الحر وحزب الله وتوج باتفاق مار مخائيل لا يعني ذوبان اي طرف وعلى مدار السنوات لم نتفق على كل المسائل مئة بالمئة وقد حصل تباين حول عدة مواضيع ولذلك دعا حزب الله والوطني الحر الى تشكيل لجان لتطوير هذا التفاهم. وفي هذا المسار، قال النائب عطالله ان اجواء الاجتماعات ايجابية وقابلة للتعاون والتنسيق بين الطرفين.

القوات اللبنانية: مؤتمر الفاتيكان يؤكد ان لبنان في عقله وقلبه

بدورها، اعتبرت القوات اللبنانية ان اهمية مؤتمر الفاتيكان هي ان لبنان في عقله وقلبه وهو معني بالازمة اللبنانية وبالتالي لا يريد ترك لبنان وحيدا. ويريد الفاتياكان توجيه رسالة للداخل وللخارج بانه مهتم بالموضوع اللبناني ولن يسمح باي مقايضة على حساب لبنان كما انه حريص على انقاذه لاسباب متعددة منها قول البابا يوحنا بولس الثاني ان لبنان رسالة ونموذج العيش المشترك كما ان لبنان يشكل اخر مساحة للمسيحيين في هذا الشرق وفقا لمصادر القوات اللبنانية. اضف الى ذلك، يشكل لبنان وطنا تفاعليا بين كل ابنائه ويريد الفاتيكان ابقاء هذا البلد على سيادته ونمطه ولذلك ترى القوات اللبنانية ان هذا المؤتمر الذي دعا له الفاتيكان له تأثير معنوي مهم خاصة على دول القرار.

اما حول الدور الاميركي والفرنسي حيال الازمة اللبنانية، رأت مصادر القوات اللبنانية ان باريس وواشنطن حريصتان على متابعة الشأن اللبناني الا ان هناك حدودا لهذا التأثير على الساحة اللبنانية. وعلى سبيل المثال، فرنسا قامت بجهود جبارة حيث زار رئيسها ايمانويل ماكرون بيروت بعد انفجار مرفا بيروت وبزيارة اخرى ايضا الى لبنان ومن خلال الموفدين الفرنسيين الذين اتوا الى البلد حيث وضعت فرنسا لبنان بندا اول في مرحلة من المراحل على روزنامتها الدولية الا ان النتائج بقيت محدودة لان الازمة في الداخل اكبر من ان تحل. اما الولايات المتحدة فقد لفتت مصادر القوات اللبنانية الى انها تعاملت مع الملف اللبناني الا ان اولوية واشنطن هي المفاوضات حول برنامج ايران النووي.

المجتمع الدولي لا يرى حاجة لتسوية في لبنان

في المقابل، لا ينظر المجتمع الدولي وفقا لاوساط سياسية مطلعة الى الاحداث التي تحصل في لبنان بانها تستدعي تسوية او حاجة لتدخل دولي مباشر على غرار اتفاق الطائف او اتفاق الدوحة حيث تعتبر الدول العظمى ان ازمة لبنان لا تنعكس سلبا على المنطقة ولم تحدث حتى اللحظة تداعيات سلبية وخيمة على اوضاع الدول المجاورة. اما لغاية هذا التاريخ، لا يبدو ان الولايات المتحدة ودول عظمى اخرى تريد تقديم اي تنازلات لايران على الساحة اللبنانية ولذلك لا تزال هذه الدول تتعامل ببرودة مع الاوضاع اللبنانية رغم تفاقمها داخليا.