نون -اللواء
الغليان الشعبي الذي بدأ يظهر في الشوارع وفي مختلف المناطق، يُنذر بقرب إنفجار الغضب الشعبي الجارف، وما يجره من تداعيات أمنية، ومضاعفات في نشر الفوضى، وتعميم مناخات الإحباط واليأس، وما قد تؤدي إليه من إنهيارات اجتماعية وأخلاقية.
استمرار تجاهل الحكام لمعاناة الناس، وإنكار ظاهرة الفقر المتنامية، وعدم الإهتمام بفلتان الأسعار الجنوني وما يسببه من جوع لعشرات الآلاف من العائلات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، يزيد نقمة الناس على «الحكام الأصنام»، ويهدد بخروج الأوضاع في البلد عن السيطرة، والإنزلاق الى مرحلة الإرتطام الكبير.
لا يُعقل أن يصل التدهور الشامل إلى هذه الإنهيارات المتتالية، وتبقى المنظومة الحاكمة تدور في فراغ السلطة العاجزة والفاشلة في تجاوز مصالحها الفئوية والشخصية، وتُسهل ولادة حكومة قادرة على وقف الإنحدار، وعدم وصول البلاد والعباد إلى مهاوي السقوط الكبير.
ماذا ينفع المعرقلين، سواء كانوا من فريق رئيس الجمهورية أو غيره من الظاهرين والمستترين، إذا خسروا البلد والناس ولم يربحوا معركة تأليف الحكومة العتيدة، بالأكثرية التي يسعون لها زوراً وبهتاناً؟
كيف يستطيع «العهد القوي» أن يكمل ولايته في ظل هذا الإنهيار الشامل، ومع عدم وجود حكومة بمستوى التحديات التي تطوق البلد؟
هل يضمن أهل القرار أن يبقى الحل ممكناً بعد كل هذه التعقيدات اليومية التي تدفع الأمور إلى مزيد من التدهور والإنهيار، من دون إتخاذ أية خطوة جدية على طريق المعالجات الفاعلة؟
خطوتان جديدتان أكدتا الفشل الذريع للسلطة المتسلطة في التصدي لمضاعفات الأزمات المتناسلة: الأولى ظهرت في هذا التأخير الفاضح لإقرار قانون «الكابيتال كونترول» بعد أكثر من سنة على بدء الإنهيار المالي، فضلاً عن النواقص العديدة في القانون الحالي. الثانية كشفتها مناقشات البطاقة التموينية في مجلس النواب، والتي أدت إلى مسخ البطاقة وقيمتها الفعلية، حيث تم تخفيض قيمتها للمرة الثالثة، وأصبحت ٩٣ دولارا أميركيا فقط، كما تم اختصار عدد المستفيدين من ٧٥٠ ألف عائلة إلى ٢٩٣ ألف عائلة تقريباً.
فهل تتحرك «نخوة» الإنقاذ عند الذين يتصرفون بمقدرات البلد، وكأنهم صمٌ بكمٌ وعميان، قبل فوات الأوان؟