«مؤتمر الجنوب»: لمعارضة سياسية في وجه المنظومة
عمّار نعمة -اللواء
حاول الحاضرون في «مؤتمر الجنوب» الأحد ان يخرجوا بما هو جديد عن ما هو مختلف عن مجرد إلقاء الخطابات النظرية التي درجت عليها أغلب المؤتمرات في البلاد ومنها الكثير في إطار مجموعات الانتفاضة الشعبية، والتي لم تقدم حتى خارطة طريق جديّة توحد المؤتمرين وراء هدف عمليّ.
بعد تحضيرات كثيرة ومحاولات سبقت حتى تاريخ 17 تشرين المفصلي الذي صاغ التحركات في إطار جديد اتخذت الساحات طابعا له، وقبل أشهر من الانتخابات النيابية المقررة بعد أقل من عام اذا ما صفت النيات، أقامت شخصيات ومجموعات جنوبية مؤتمرها المنتظر في فندق «لا فيتا» في النبطية الفوقا. ويبدو الارتياح حاضرا وسط المنظمين الذين لبّت كل المجموعات والشخصيات في حراك الجنوب الدعوة التي وجهت إليهم، باستثناء الجبهة التي شكلها حزب «الكتائب» وطبعا قوى السلطة التي لم توجه لهم الدعوة أصلا.
جلسات المؤتمر التي تخطت الساعات الست ركزت على محاور ثلاثة أساسية بدءا بالورقة السياسية التي تم نقاشها ومن ضمنها تم تناول مسألة الانتخابات. ثم الهيكيلة التنظيمية المستقبلية التي تلحظ اللجان والنظام الداخلي والتي ستبحث الحلول عبر أخصائيين. والركن الثالث يتمثل في مقاربة القضايا التي تهم الجنوبيين اقتصاديا وبيئيا واجتماعيا ومسائل مثل الصحة والتربية وقضية التعديات وغيرها..
يؤكد المنظمون ان الفكرة الاساسية تتمثل في اجراء نقاش حيّ وتقديم المحاورين ما هو جديد للمنظمين وليس العكس وهو ما يضاف على مسودة قائمة تتم الاضافة عليها. والمشاركون هم عبارة عن تجمع افراد ينتمون الى احزاب ومستقلين وهي أحزاب ومجموعات كـ«الحزب الشيوعي» و«التنظيم الشعبي الناصري» و«مواطنون ومواطنات في دولة» وحزب «سبعة» و«منتشرين» و«حزب الكتلة الوطنية» و«المرصد الشعبي لمحاربة الفساد» يشكلون ما يشبه الائتلاف أو الجبهة.
يعلم الجميع ان الانتخابات تمثل الهدف الاكبر وسيكون هناك لجنة مختصة بها، لكن في اطار ديمقراطي كما يؤكد المنظمون وهو امر سيسقط نفسه على اعضاء اللجنة الرئيسية التي ستشكل لهذا الامر والتي ستختار المرشحين..
المقاومة «الوطنية» ورقة قوة
وكان من الملاحظ ان الاختلافات التي حصلت سابقا وتناولت تحديدا موضوع سلاح «حزب الله» لم تتخذ سمة الخلاف الكبير ذلك ان الاتفاق كان على ان السلاح يشكل «مشكلة معقدة»، وتقرر ان الامر لا يعالج بالافكار المتطرفة، بل ان «العدو الاسرائيلي» الذي أُجمع على هويته، يجب ان يتم التجهيز له عبر مقاومة غير طائفية. وصحيح ان المقاومة قد حررت الارض، لكن الجانب المذهبي فيها يجب ان يُحل من دون الاستغناء عنها كورقة قوة، مع فتح المجال لحلول مختلفة في المستقبل عن ما هو سارٍ حاليا.
قضية المقاومة هي التي دفعت جبهة «الكتائب» الحراكية الى عدم الانضمام الى المؤتمرين ولو حضورا فقط، برغم توجيه الدعوة إليها، فهي صوّبت على المؤتمرين لاعتبارها اياهم قريبين من «حزب الله» ويدورون في فلكه، بينما يتجنب الحاضرون استدراجهم الى سجالات ويكررون موقفهم المعارض للمنظومة كاملة، وثمة من يعتبر ان تلك الاتهامات هي لتحييد الجبهة المُشكلة وفي النهاية الرأي العام هو من سيحكم، ويريد المنظمون من الآخرين الانضمام إليهم وتشكيل الاطار الوطني المأمول البديل عن المنظومة الحاكمة، الهدف المشترك للجميع.
والحال ان تلك الجهات السياسية والناشطة في الحراك كانت انضمت الى دعوة المؤسسين للمؤتمر وهم حسان الزين وهشام مروة وحاتم حلاوي ونزار رمال ومعهم رائد عطايا العضو في «الحزب الشيوعي»، الجهة التي قررت الانفتاح على المجتمع المدني والمستقلين، بعد احتفاظها بمسافة عن الجميع في المراحل الاولى للانتفاضة، من دون إلزام الحزب لنفسه بتحالفات معينة.
وفي المرحلة المقبلة سيُقسم الحاضرون أنفسهم على الساحات وستصاغ التوصيات في هذه الاثناء لتشكيل معارضة مدنية تمارس السياسة في الجنوب في إطار منظم وليس عبر اراء متعددة وخطابات متباعدة، والهدف ايلاء القضايا الجنوبية الاولوية حيث المشاكل الحياتية وهي أصلاً قضايا لبنانية عامة ليست مقتصرة على منطقة بعينها.
والواقع ان البعض اعترض على مصطلح «المعارضة» كونه يعتبر سلبيا، لكن الغالبية في ارجاء المؤتمر اعتبرت ان لا بأس بوقعه السلبي، فالجنوب في حاجة الى معارضة كهذه توجه الى كل المنظومة بما فيها الاحزاب في الجنوب التي لا تقتصر على ثنائي «حزب الله» وحركة «امل» بل هناك «تيار المستقبل» و»التيار الوطني الحر» ناهيك عن «القومي» و»البعث» وغيرهم..