“ليبانون ديبايت”- علي الحسيني
في موازاة المباحثات النووية التي تخوضها الولايات المتحدة الأميركية مع إيران في فيينا، وما يتخلّلها من “إيجابيات” بدأت تظهر في سماء العلاقة الخلفيّة بين الجهتين، ثمّة في مكان آخر في هذا العالم، نقطة رصد ومتابعة ومحلّ اهتمام تقوم به المُخابرات الأميركية من خلال فريق خاص، إسمها المعابر غير الشرعية في لبنان، والتي يبدو أنها فعلاً بدأت تُقلق راحة الأميركيين، مما اضطرّهم للحضور على وجه السرعة، للإطلاع عن قرب على كل ما يجري عند هذه المعابر، خصوصاً تلك التي يستخدمها “حزب الله” لنقل سلاحه وعتاده.
في المعلومات الأمنية، أن فريقاً من المُخابرات الأميركية كان وصل إلى بيروت منذ نحو أسبوعين، في مُهمة استطلاع تتعلّق بحركة التهريب عبر المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا، سواء بمجهود شخصي من هذا الفريق، أو من خلال أشخاص لبنانيين موثوق بهم يعملون لصالح المُخابرات الأميركية. وبحسب المعلومات، فإن عمل الفريق ينقسم إلى قسمين: الأوّل له علاقة بعمليات تهريب البضائع على أنواعها من لبنان إلى سوريا، والثاني يتعلّق بحركة عبور الصواريخ التي تمدّ بها إيران “حزب الله”، والتي تدخل لبنان من مناطق شرق منطقة الهرمل.
من نافل القول، أن الخلافات والإنقسامات السياسية في لبنان، هي التي أوصلت البلد إلى هذا الوضع المأزوم من كافة الجوانب، بالإضافة إلى عدم قدرة الدولة على وضع حدّ للفلتان الحاصل في ما يخصّ عمليات التهريب من لبنان إلى الخارج، والتي باتت تحصل في الآونة الأخيرة، على مرأى من أعين الدولة والأجهزة الأمنية، وكل ذلك جعل هذه المساحات الحدودية المُشتركة بين لبنان وسوريا مُجدّداً، محلّ أنظار المخابرات الأميركية إنطلاقاً من “عوكر”. وفي هذا المجال، يتّهم مقرّبون من “حزب الله”، أحزاباً وشخصيّات لبنانية بمساعدة “الأميركي” في عملية “التجسّس”، سواء من خلال فتح النّار على سلاح “الحزب” وعلى دوره السياسي، أو من خلال تسهيل مهمّات المخابرات الأميركية في عملية جمع معلومات، تتعلّق بأمن “المقاومة” لصالح إسرائيل.
بدا لافتاً خلال الأيام الماضية، تواصل السفارة الأميركية في لبنان، مع عدد من الأجهزة الأمنية اللبنانية لمعرفة تفاصيل إضافية حول مواقع بعض المعابر التي يتم التهريب عبرها وأنواع البضائع المهرّبة والإستفسار حول معابر يستخدمها “حزب الله” في عمليات نقل الأسلحة. واللافت، أنه من ضمن الإستفسارات، جرى التطرّق إلى معبري “إبش” الذي يصل بين بلدة القصر اللبنانية الحدودية والقصير السورية، وآخر يمتد من جرود بلدة النبي شيت إلى مدينة الزبداني غرب دمشق.
في السياق، تُشير مصادر مُقرّبة من “الحزب”، إلى “وجود مساعي أميركية قديمة ـ جديدة لكشف خرائط تتعلّق بمعابر سرّية يستخدمها “الحزب” في عملية نقل العتاد والأسلحة التي تصله من الخارج، وهذا أمر معروف للقاصي والداني، وحتّى أن “حزب الله” لم ينكره، وبالتالي، فإن معركة الأميركي الإستخباراتية، تأتي في سياق تقديم المعلومات لحليفه الإسرائيلي العاجز، حتّى الساعة، عن توفير أي معلومة تتعلّق بكيفية طرق الإمدادات التي تصل من الخارج ل”المقاومة” في لبنان. وهذا، بالطبع يدّل على أن المعابر هذه، هي بمثابة سلاح أساسي لدى الحزب وينطبق عليها من سرّية ما ينطبق على أي سلاح أخر يمتلكه.
وبحسب المصادر نفسها، “فإن الجولات أو الزيارات الأمنية التي تقوم بها السفارة الأميركية في لبنان لمناطق حدودية بين الحين والآخر تحت ذريعة العمل الإجتماعي أو الخدماتي، هي أمور مكشوفة، وآخرها ما يستعدّ له الفريق الإستخباراتي الموجود اليوم في “عوكر” من تجميع معلومات عبر أحزاب وسياسيين وزملاء للولايات المتحدة، بالإضافة إلى مُمارسة العديد من الضغوط المعنوية والمادية على بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية، من أجل تقديم بعض المعلومات حول واقع “حزب الله” في المناطق الحدودية وأماكن انتشاره، مع ما يُمكن تحصيله من معلومات تتعلّق بمنظومة الصواريخ التي يمتلكها.
أمّا بالنسبة إلى خصوم “الحزب” في لبنان، فهناك اعتقاد بالنسبة إليهم بأن عجز الدولة اللبنانية عن القيام بدورها في ما يتعلّق بعمليات التهريب، والتي تُشكّل نسبة مرتفعة من العجز في خزينة الدولة، بالإضافة إلى السلاح الذي يتدفّق بشكل مُستمّر إلى لبنان من دون أي رقابة، ولا حتّى وجود أي اعتبار للأجهزة الأمنية، هو الذي يدفع الدول المسؤولة عن دعم الجيش وتثبيت دور الدولة على الأرض، للقيام بمساعدة هذا البلد الذي يُشارف على الإنهيار، في ظلّ إمعان “الحزب” بمنع تأليف حكومة وإصراره وربطه مصيرنا بمصير المفاوضات النووية”.