ماذا ينفع باسيل إذا ربح “حزب الله” وخسر المسيحيين؟
اندريه قصاص-لبنان 24
يُفترض أن يكون رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل قد إستشار المقربين منه حول استنجاده بـ”صديقه” السيد حسن نصرالله بالنسبة إلى إئتمانه على حقوق المسيحيين في حربه غير المعلنة على الرئيس نبيه بري في ما خصّ الوضع الحكومي.
ووفقًا لما هو متّبع فإن إستشارة باسيل للمقربين منه جاءت على شاكلة التبليغ أكثر مما اخذت طابعًا إستشاريًا. فمن طلب من وزرائه في حكومة ما قبل حكومة حسان دياب توقيع إستقالاتهم قبل المباشرة بمهامهم الوزارية، على أن تكون سارية في مهلة مئة يوم، لا يدخل في حساباته كثيرًا رأي من هنا أو فكرة من هناك، مع العلم أن الدائرة الصغرى المحيطة به لم تعتد أن تخرج عن “بيت الطاعة”، وهي عادة تبصم له على “العميانة” ولا تخالف له رأيًا.
بالتأكيد لو أن باسيل إستشار غير “الزقيفة” لكانت النصيحة أتته بالعدول عن الفكرة، وذلك لما فيها من مفاعيل سلبية على وضعية “التيار” على الساحة المسيحية، وبالأخص بعد تراجع شعبية رئيسه في شكل دراماتيكي منذ السابع عشر من تشرين الأول حتى اليوم، مع ما حملته الإنتفاضة الشعبية من شعارات كانت بمعظمها موجهة ضده.
إلا أن حسابات حقل باسيل، وفق المنطق، لا تنطبق على حسابات بيدر الواقع السائد على الساحة المسيحية. فهو أصرّ على السير بما يمكن أن يشكّل إستفزازًا لكثيرين من المسيحيين، الذين يُعتبرون محايدين، وهم كانوا إلى جانب “التيار” في الإنتخابات النيابية الأخيرة، فضلًا عن تأثير هذا القرار على بعض المحازبين الذين يُقال أنهم بدأوا في الآونة الأخيرة يفكّرون في مراجعة حساباتهم بعد التدهور الخطير الذي أصاب في الصميم معيشة اللبنانيين.
فحسابات باسيل في علاقته مع “حزب الله” إستراتيجية، وهو أراد أن يتسعيد ثقة “حارة حريك” به بعدما فقد الكثير من مقوماتها في الآونة الاخيرة، لأنه يدرك تمامًا أنه لم يبق له لا صديق ولا حليف، وأنه لو فقد آخر “صديق” له تُقفل في وجهه كل الأبواب، سواء في الربيع المقبل أو في خريف العام 2022.
ولأن حسابات باسيل الشخصية فوق كل إعتبار فضّل السير بما رأه ملائمًا أكثر لوضعيته الخاصة، على رغم أنه سمع كلامًا من بعض الذين لا يصنفّون في خانة “مسّيحي الجوخ”، ومفاده أنه إذا وضع كل بيضه في سلّة “حزب الله” قد يصل في نهاية المطاف إلى خسارة كبيرة في القاعدة المسيحية، ولاسيما في قاعدته الحزبية التي لا ترى مصلحة مطلقة في التحالف مع الحزب، الذي له حساباته الخاصة، والتي لا تنسجم ربما مع بعض الطروحات السيادية التي يطالب بها البعض، على رغم تأييدهم عمل المقاومة في ردع إسرائيل وردّ إعتداءاتها.
ولذلك جاءت إستعانة باسيل ب”صديقه” حين قال “أنا لا اسلم أمري ومن أمثل الى السيد حسن بل ائتمنه على الحقوق. هو يعرف اننا مستهدفون، وكل ما يحصل هو للنيل منا، ويعرف اننا تنازلنا بموضوع الحكومة عن أمور كثيرة. يا سيد حسن، اعرف انك لا تخذل الحق. انا جبران باسيل، من دون أن أحملك اي عبء، أقبل بما تقبل به انت لنفسك. هذا آخر كلام لي بالحكومة”.
وعن هذه الجملة الإعتراضية “أنا لا اسلم أمري ومن أمثل الى السيد حسن بل ائتمنه على الحقوق”، تقول مصادر قريبة من “ميرنا الشالوحي” إن باسيل أراد من خلالها إظهار نفسه بأنه سيد نفسه وقراره، وأن لا أحد قادر على أن يمون عليه في الأمور غير المقتنع بها، فيما رأى فيها آخرون بأنها تأتي في سياق “عدّة الشغل”، وأن لدى “حزب الله” قابلية على هضم هكذا كلام، خصوصًا إذا تيقّن من خلال إعادة الحرارة إلى الإتصالات المتوقفة بقرار من الحزب، أن نوايا رئيس “التيار” صادقة، وهو بالتالي سيبني على الشيء مقتضاه، بما يتناسب مع مبادرة الرئيس بري وليس العكس.
“فماذا ينفع باسيل إذا ربح “حزب الله” وخسر المسيحيين؟”
هذا ما يقوله بعض المغالين.