ألان سركيس-نداء الوطن
يواصل رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل هجومه في كل الإتجاهات، معتبراً أنه بهذا الأسلوب “يستعيد” شعبية قد فُقدت.
لم يكن الحدث كلام باسيل يوم الأحد والردود والردود المضادة مع “القوات اللبنانية”، بل إن ما ميّز هذا اليوم هو كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي سبق كلام باسيل، إذ صوّب البطريرك الماروني سهامه باتجاه السلاح غير الشرعي معتبراً أن الجيش اللبناني وحده المسؤول عن سيادة لبنان، في وقت إستنجد باسيل بالأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من أجل تحصيل مكاسب وضعها تحت إطار “إستعادة حقوق المسيحيين”.
أما الضربة الثانية، فقد وجّهها الراعي لباسيل وأفرغ حرب الصلاحيات من مضمونها. فالبطريرك الذي يرى الناس تُذلّ كل يوم وتدفع فاتورة التعطيل أكّد أن المشكلة اليوم ليست في قلّة الصلاحيات بل في قلّة المسؤوليات، وبذلك يكون قد صوّب على كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري وباسيل.
إذاً، فقدَ باسيل أهم غطاء مسيحي في معركته التي يسعى من خلالها إلى تثبيت نفوذه في الحكم واستعادة مجد قد غاب، فالبطريركية المارونية تعتبر أن كل معارك الصلاحيات هي معارك دونكيشوتية يخوضها حكّام يفتقدون إلى الحدّ الأدنى من المسؤولية، ويدمّرون البلد من أجل تحصيل شعبية والحفاظ على مصالحهم الخاصة.
والغريب في هجومات باسيل و”التيار الوطني الحرّ”، هو فتْح ملفات الحرب والتصويب على “القوات اللبنانية”، ويراهن في هذا الهجوم على شدّ عصب مفقود أو أقلّه إستعطاف شريحة أساسية من جيل “منتخِبي” لوائح “التيار الوطني الحرّ” في إنتخابات 2005 و2009، إثر التخويف من عودة الحرب والتذكير بالتجاوزات التي كانت تحصل.
وتُشدّد مصادر “قواتية” على أن باسيل تجاوز كل منطق وعقل، خصوصاً وأن كل الألاعيب القديمة سقطت والناس منحت “القوات” في جبل لبنان كتلة من 6 نواب في آخر إنتخابات، والأهم من هذا كلّه أن الجميع تجاوز لغة الحرب، وقسماً كبيراً يعلم أنه لولا وقوف أحزاب “الجبهة اللبنانية” لما كان بقي شيء إسمه كيان لبناني، في حين أن المعركة اليوم واضحة جداً، وهناك عهد يُصنّف على أنه من أفشل العهود ويتسبّب بالتعطيل والإنهيار والعتمة، وبالتالي فإن كل محاولات فتح دفاتر الماضي والنعي بالخراب ونبش القبور لن تؤتي ثمارها، لأن الناس تريد الإنقاذ لا إستمرار الفاسدين، فالشعب همّه اللحظة الحالية لا العودة أكثر من 31 سنة إلى الوراء.
وأمام عتب باسيل على بكركي و”القوات” في عدم مساندته لمعاركه مع الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والقول أنه يخوض معركة إستعادة صلاحيات رئيس الجمهورية، فإن بنشعي التي تُعتبر من الخط الإستراتيجي وتلتقي مع “التيار الوطني الحرّ” في دعم سلاح “حزب الله” ونظام الأسد، هي الأخيرة لا تساند باسيل لأنه لم يرحمها، بل على العكس ترى أن التجييش المذهبيّ وكل تلك الخطابات الرنّانة تهدف إلى شدّ عصب الجمهور واستنهاض شعبية طارت، بسبب سوء إدارة الحكم ولا دخل لها لا من قريب ولا من بعيد بما يُسمى “حقوق المسيحيين”.
وإذا كان تيار “المردة” داعماً لإتفاق “الطائف” إلا أنه يشدّد على أن ليس هذا الإتفاق من سلب حقوق المسيحيين وأضرّ بهم، بل إن سياسات العماد ميشال عون عندما كان رئيساً للحكومة الإنتقالية بين عامَي 1988 و1990 ومن ثمّ عندما أصبح رئيساً للجمهورية عام 2016، هي من ضربت الوجود المسيحي، وحصلت أكبر موجات هجرة وتهجير للمسيحيين عندما تسلّم الفريق نفسه مقاليد الحكم.