«استياء» اميركي ــ اوروبي من باسيل والحريري : «الثنائي الشيعي» يدير البلد! واشنطن لن تمنح «اسرائيل» «الضوء الاخضر» لمواجهة عسكرية مع حزب الله الحكومة في «الثلاجة».. «التيار» يواصل هجومه «وصمت» في حارة حريك ؟
ابراهيم ناصر الدين-الديار
نجحت الطبقة السياسية الحاكمة بتحويل لبنان الى دولة «متسولة» دون ان يرف لاحد منها «جفن»،»طوابير الذل» مستمرة على محطات الوقود،غلاء الاسعار دون رقيب او حسيب، الليرة تفقد كل يوم ما تبقى من قيمتها، «التسول» وصل الى حليب الاطفال المفقود وادوية الامراض المزمنة، بعد اعلان الكويت إرسال «مساعدات» الى بيروت قريبا.. انه واقع يدعو الى «الخجل» في بلد يشعر المواطنون انهم متروكون لقدرهم «التعيس»، فيما الجدل حول «جنس الملائكة» مستمر، وتقاذف المسؤوليات محتدم، والصراع على الصلاحيات يخفي حقيقة المعركة على الحصص في دولة تحولت الى «جثة» هامدة. الرئيس المكلف سعد الحريري وضب حقائبه وغادر الى الامارات، محتجزا «ورقة» التكليف الى حين يكون الاعتذار مجديا في معاركه الصغيرة مع منافسيه في «الشارع» السني، اما «مناورة» رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل ومحاولة «التذاكي» من خلال رمي «كرة النار» الى حضن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله فلم تحرك «المياه الراكدة» حكوميا، ولم تدفع الحزب الى «رفع المتاريس» مع «عين التينة»، وربما «الصمت» كان ابلغ جواب على اعلان باسيل «دفن» مبادرة الرئيس نبيه بري، فيما اثار موقفه «حفيظة» الولايات المتحدة الاميركية التي سبق وابلغت الحريري استياءها من وضع «بيضه» في «سلة» رئيس مجلس النواب، وهو امر تتوافق عليه مع المواقف الاوروبية غير المرتاحة لتنصيب رئيسي اكبر تكتلين سني ومسيحي، «الثنائي الشيعي» كآمر ناهي في الحياة السياسية اللبنانية، واذا كانت الادارة الاميركية ترفض منح اسرائيل «الضوء الاخضر» للتصعيد على الجبهة الجنوبية، الا انها ليست مرتاحة لمسار الامور على الساحة اللبنانية التي تضع ثقلها «لتقليم» اظافر حزب الله فيما تتظهر قدرته على الامساك «بخيوط اللعبة».!
«استياء» اميركي من باسيل؟
وفي هذا السياق، ابدت واشنطن انزعاجها من خطوة رئيس تكتل «لبنان القوي» جبران باسيل، بتفويض الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مهمة حسم الملف الحكومي، والاستياء ليس مرده الاتهامات لباسيل بمنح نصرالله «ورقة» الدفاع عن حقوق المسيحيين،لانه بحسب التقييم الاولي للسفارة في عوكر، لا قناعة بان الخلاف الداخلي يتعلق بحقوق المسيحيين، وانما صراع على السلطة، وقد نقل احد نواب تكتل لبنان القوي عن السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا، تاكيدها ان «المناورة» السياسية لباسيل لم تكن موفقة وهي تزيد من عمق التازم في العلاقة مع واشنطن، لانها تؤكد «ارتهان»التيار السياسي المؤيد لرئيس الجمهورية لحزب الله وسياساته «المعادية» للولايات المتحدة الاميركية.
شيا «تعاتب» الحريري
ووفقا للمعلومات، كانت السفيرة الاميركية، قد اثارت مع الرئيس المكلف سعد الحريري قبل ايام اعتراض بلادها على تسليم «اوراقه» كاملة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ولفتت الى ان واشنطن لا ترى «عين التينة» الا جزءا مكملا لنفوذ حزب الله في لبنان، ومنح الحزب تلك المكانة تعني حكما التسليم بمنحه الكلمة الفصل في الشان الحكومي وتجعل منه للمرة الاولى المتحكم بقرارات مفصلية لا تخص دائرته الطائفية، وهو امر لا يتناسب مع السياسية الاميركية المهتمة بتقليص نفوذ الحزب. في المقابل كان رد الحريري واضحا وشفافا، فحاول الفصل بين طبيعة علاقته مع بري وحزب الله، معتبرا ان «ربط النزاع» مع الحزب تفرضه الضرورات وليس خيارا، بينما العلاقة مع رئيس المجلس تحكمها مصالح سياسية مشتركة لمواجهة الهجمة لالغاء دوره من قبل العهد وفريقه السياسي، لكنه اقر بان موقف «الثنائي الشيعي» الداعم له حكوميا، ليس مناورة، وحزب الله في هذا السياق مقتنع بضرورة الابقاء على استراتيجية خفض التوتر السني-الشيعي.
«تشنج» اوروبي
وفي هذا السياق، لم تكن الاصداء في السفارتين الفرنسية والبريطانية اقل «تشنجا»، فالمشهد العام على الساحة اللبنانية بات مثيرا «للريبة» بحسب مصدر دبلوماسي غربي، اكد لاحدى المرجعيات اللبنانية انه ليس مشهدا «صحيا» ان يقوم رئيس اكبر كتلة مسيحية، ورئيس اكبر كتلة سنية في البرلمان اللبناني بتسليم «مفاتيح» الحل والربط «للثنائي الشيعي»، وهو ما يكرس سطوة هذا الفريق على الحياة السياسية اللبنانية، فيما يدور الاخرون في «فلكه»، وسط متغيرات اقليمية تسمح لهذا الفريق بصياغة مستقبل لبنان بعدما باتت كل الاطراف «مستسلمة» وضعيفة، وهو امر لا يمكن التغاضي عنه. مع العلم ان الدبلوماسي الاوروبي اقر بان الاتحاد الاوروبي لا يملك ادوات التاثير في ظل عدم رغبة واشنطن في بلورة استراتيجة جديدة خاصة بلبنان، حيث لا تزال غير مكترثة بما يحدث هنا!
«خلاف» اميركي اسرائيلي؟
وفي سياق متصل، جاء أعلان جيش العدو الإسرائيلي عن اجندة رئيس الأركان أفيف كوخافي، الذي توجه السبت إلى واشنطن للاجتماع مع مسؤولين أميركيين، فاضافة الى ملف غزة، والبرنامج النووي الإيراني، ملف حزب الله على «طاولة» المباحثات حيث تجري نقاشات حول جهود الحزب لإعادة التسلح، وعواقب تهديد الصواريخ الدقيقة على المواقع الحيوية في اسرائيل.
ضبط «التهور»
هذه الزيارة التي تم تأجيلها ثلاث مرات، لن تترك اي تاثير على قرار الادارة الاميركية بالعودة الى الاتفاق النووي الايراني، وكذلك لن تغير من وجهة نظر واشنطن بضرورة الابتعاد عن التصعيد العسكري في الشرق الاوسط الذي تعد العدة لمغادرته، كما تقول اوساط دبلوماسية في بيروت، فواشنطن بدات سحب بطاريات صواريخ «الباتريوت» من السعودية، فيما تستكمل خروجها من افغانستان، ووفقا لوسائل الاعلام الاسرائيلية تم منع الإسرائيليين من التحدث مع نظرائهم الأميركيين عن الاتفاق النووي الجديد الآخذ في التبلور مع إيران، بعد قرار بايدن بالعودة إلى الاتفاق، الا ان واشنطن تريد رفع مستوى التنسيق مع الاسرائيليين في إطار المعركة التي تخوضها بين حربين ضد ايران وحلفائها في المنطقة كي لا تخرج الامور عن السيطرة.
لا «ضوء اخضر» للتصعيد جنوبا!
واذا كانت إسرائيل ترى بأن عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات الدولية عن إيران ستزيد ثقة طهران بنفسها وستمكنها من ضخ المزيد من الأموال لحلفائها، فان ادارة بايدن لن تمنح الحكومة الاسرائيلية الجديدة «الضوء الاخضر» لافتعال تصعيد لا يمكن السيطرة عليه في المنطقة، فهي بحسب صحيفة «هارتس» الاسرائيلية ستمنح الجيش الإسرائيلي القدرة على تجديد مخزون سلاحه سواء صواريخ وقنابل لسلاح الجو، او صواريخ اعتراضية لأنظمة القبة الحديدية بعد استخدامها الواسع في الحرب مع غزة، دون العودة الى فتح مواجهة جديدة، ولهذا أعطى رئيس الأركان توجيهاته لضباط الجيش بتسريع الاستعداد لاحتمال حصول عملية عسكرية أخرى في قطاع غزة في حالة استمرار التصعيد، لكن يبدو ان الجيش الاسرائيلي غير متحمس لهذا الاحتمال وكذلك مسألة الدخول في مواجهة مفتوحة مع حزب الله فهي تبقى بعيدة عن جدول الاعمال الاميركي، حيث ترغب واشنطن «بتقليم اظافر» الحزب بعيدا عن الدفع بالحدود الشمالية نحو الاشتعال لان «شظاياها» لن تبقى محدودة جغرافيا.
الحكومة في «الثلاجة»
وفي انتظار قرارات الاتحاد الاوروبي حيث سيبت في مصير العقوبات، بعد تقرير المفوض الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، لا جديد حكوميا على الرغم من الحديث عن محاولات لاحياء الاتصالات بعيدا عن الاضواء، ويبقى الجمود يظلل الحركة الحكومية التي وضعت في «ثلاجة» الانتظار على الرغم من تاكيد رئيس الجمهورية ميشال عون، أن لا يأس من وصول المبادرات إلى حل مع وجود العقلاء، شرط عدم المساس بالدستور وبالصلاحيات التي اناطها بالسلطات الدستورية، وعلى رأسها مقام رئاسة الجمهورية..فضلت «عين التينة» تجاهل كلام باسيل واتهاماته، باعتبار انها لا تستاهل اي رد، في المقابل اكد المكتب السياسي لحركة أمل التمسك بالدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وطالب بتطبيقهما دون استنسابية ولا انتقائية، ودعا الى الابتعاد عن الانانيات والمصالح الشخصية باتجاه مصلحة الوطن ومستقبله وأمنه وإستقراره، مؤكدا أن المدخل الأساس هو الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ وفق مندرجات وعناوين مبادرة الرئيس نبيه بري للبدء بتلمس الحلول لإنهاء الواقع المأزوم بعيداً عن المهاترات لأن المواطن اللبناني ينوء تحت أعباء الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية المتردية إلى درجة الانهيار». وشدد «على ضرورة أن يقوم وزراء حكومة تصريف الاعمال بمهامهم دون تردد بما يؤمن رعاية المواطنين في هذه الازمة العميقة التي تمس حياتهم ومستقبلهم، كما القيام بالإجراءات اللازمة لضرب عمليات الاحتكار المنظم من قبل الشركات التي تستنزف قدرات المواطن على تأمين مستلزماته.
دياب على خط» السجالات»
من جهته دخل رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب على خط السجالات، وصدر عن مكتبه الاعلامي بيان اكد فيه أن بعض العاجزين سياسياً يحاولون الاختباء خلف قنابل دخانية، ويرمون أثقال عجزهم على حكومة تصريف الأعمال، عبر عناوين «التعويم» و»التفعيل»، و»دفعها إلى مخالفة الدستور»واكد ان رئاسة الحكومة «لن تتقاعس عن القيام بأقصى جهدها في تخفيف وطأة الأزمة، وفي تسيير أعمال الدولة، وتصريف الأعمال بأعلى درجة، على أمل أن تتحمل القوى السياسية مسؤولياتها في الإسراع بتشكيل حكومة جديدة، حتى لا يطول عبور النفق المظلم»، معتبراً أنه «لا يمكن لعاقل الإقتناع والتسليم بهذا العجز السياسي وبانقطاع الحوار المجدي بين المعنيين، وبتعطيل كل المخارج التي تؤدّي إلى إيجاد تسوية لتشكيل حكومة
«ثوابت» حزب الله
من جهتها اكدت مصادر مقربة من حزب الله أن استراتيجيته لم تتبدل بعد كلام باسيل، وبعيدا عن محاكمة النويا، الثابتة الوحيدة، ان كلام رئيس تكتل لبنان القوي لم ولن يؤدي الى اشتباك بين «الثنائي الشيعي»، فحزب الله يصر على ان لا حل للأزمة الحكومية إلا بلقاء يجمع الرئيسين عون والحريري، ولا يمكن تشكيل حكومة الا بالتفاهم والحفاظ على مبدأ الشراكة، وسيستمر الجهد في هذا الاطار لتذليل العقبات، ولا يوجد حتى الان الا مبادرة الرئيس بري كارضية صالحة يمكن الولوج منها لتحقيق التسوية.
استمرار هجوم «التيار» على الحزب؟
وفيما يواصل حزب الله احترام قواعد تحالفه مع التيار الوطني الحر، ويصر على ابقاء اي ملاحظات في «الغرف المغلقة»، واصل «التيار» انتقاداته الممنهجة ضد الحزب، وفي هذا السياق، اعتبر عضو تكتل لبنان القوي سيمون أبي رميا أن كثيرين من اللبنانيين يلومون حزب الله لأنهم يعتبرون أنه امتداد للنفوذ الإيراني، وقال:» أكذب إن قلت أن لا علاقة بين حزب الله وإيران، لكن رهاننا كان على أن يتلبنن حزب الله لكن برأيي لم يتلبنن! وردًّا على سؤال عما إذا كان حزب الله يحمي التهريب على الحدود، قال ابي رميا «هناك اتهامات واضحة بهذا الموضوع ونحن نعرف أنه يملك حضورًا ميدانيًّا أي أن بإمكانه أن يساهم بمنع التهريب. وانطلاقًا من هذه الملاحظات وصلنا مع الحزب إلى تراكم سلبي بكثير من المحطات وباتت هناك حاجة لجلسة نجري فيها عملية تقييم».
انطباعات بوريل «سيئة»
تجدر الاشارة الى ان الممثل الأعلى للشؤون السياسية الخارجية والأمنية جوزيب بوريل في جولته على القيادات اللبنانية لم يحمل معه أي أفكار جديدة في الشان الحكومي، لكنه خرج بانطباعات سيئة بعدما استمع الى وجهات نظر عون وبري والحريري، الذين تقاذفوا تهمة التعطيل فرئيس الجمهورية أكد تمسكه بالمبادرة الفرنسية وإصراره على تشكيل الحكومة، رافضاً مطالبته بالثلث الضامن من الوزراء، غامزاً في الوقت نفسه من قناة الرئيس المكلف بذريعة إصراره الالتفاف على المعايير الدستورية لتشكيل الحكومة، وأيضاً من رئيس المجلس، متهماً إياه بالانحياز للأخير، مما يصعب عليه القيام بدور الوسيط لتسويق مبادرته، في المقابل سمع كلاما مغايرا في «عين التينة» «وبيت الوسط» واتهما عون بالسعي للحصول على الثلث الضامن في الحكومة من خلال التشدد في تسمية الوزيرين المسيحيين.وكان لافتا محاولة الحريري التفلت من العقوبات الاوروبية بعدما اسمع بوريل كلاما عن عدم جواز مساواة من يسهل بالمعرقلين، ولفت الى انه ملتزم تشكيل حكومة مهمة، لكنه ابلغ المبعوث الاوروبي انه لن يبقى كذلك الى ما لا نهاية، وسيضطر الى الاعتذار في الوقت المناسب!
«اشتباك» قضائي «ملتبس»!
في هذا الوقت، لا يزال الاشتباك السياسي يترك تداعياته على الجسم القضائي، فقد دخلت المواجهة مرحلة جديدة من التصعيد، بعد خبر «ملتبس» عن احالة النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون على هيئة التفتيش القضائي، لمنعها المحامي العام الإستئنافي القاضي سامر ليشع رفع الأختام عن شركة مكتف لتحويل الأموال، وقبل نفي مدعي عام التمييز للخبر، صعدت القاضية عون موقفها، واتهمت عويدات بعدم رغبته بمحاربة الفساد، واشارت الى انها تقدمت بشكوى ضده للمخالفات التي ارتكبها بتوزيع الأعمال في دائرتها خلافًا لصراحة المادة ٢ وبوقفها عن العمل وتجريدها من صلاحياتها عن طريق منع الاجهزة الأمنية من مخابرتها، وقالت ان ذلك حصل» لاني فتحت ملفات فساد لا يريد حضرة مدعي عام التمييز فتحها لانه كان قد حفظها سابقًا وبالتالي هو يعطّل مرسوم التشكيلات لهذه الجهة وهذا موقف خطير جدا وقد تقدمت بشكوى ضده أمام التفتيش دون ان يحرّك التفتيش ساكنًا ويستدعيه فمن يجب احالته على التفتيش هو مدعي عام التمييز لا انا».