يبدو أن ارتفاع سعر صرف الدولار لن يلجمه أي تعميم مصرفي أو منصة صرف رسمية أو أي خطوة تتخذها السلطة النقدية الكبرى في البلاد، المصرف المركزي.
الاثنين الفائت افادت مصادر صحفية ان أكثر من صرّاف ومُشارك في عمليات المضاربة على العملة الوطنيّة صرح ان «الارتفاع الأخير للدولار يعود للطلب الكبير على العملة «الخضراء» من قبل صرّافين مُحدَّدين ومعروفين بالأسماء، واللافت هو أنّهم دائماً يطلبون الدولار بأسعار أعلى من سعر السوق، على الرغم من أنّ الدولار مُتوافر في السوق السوداء ولا شح في العرض».
ولم يستَبعد الصرّافون أنّ «يكون هذا الارتفاع الوهمي للدولار وراءه جهات وأسباب سياسيّة، فهل سبب الارتفاع هو سياسي كما يشاع، أم أن السبب هو نقدي بحت؟
في وقت تؤكّد الخبيرة ليال منصور أن سعر الدولار «بلا سقف» ما دام لا توجد اصلاحات حقيقية وفي ظلّ تعلّق اللبناني بحبال الهواء والإدمان على الدولار.
وفي هذا السياق تواصلت الديار مع رئيس حركة «المستقلون» الخبير الاقتصادي الدكتور رازي الحاج الذي أوضح أن المناكفات السياسية قد تؤدي دورا في رفع سعر الصرف ولكن لمدة مؤقتة وقصيرة كما حصل بين نهاري الجمعة والاثنين عندما أطلق الرئيس بري مبادرته وجوبهت بالعوائق، كان هناك محاولة لمفاقمة الأوضاع عبر رفع سعر صرف الدولار بشكل سريع بهدف الضغط على الأطراف السياسية الأخرى كي تلين بشكل أسرع، ولكن عاد الحاج وشدد على أنه لا السبب ولا الحل سياسي في هذا الملف انما هو إصلاحي بحت.
الحاج أكد أن شرط نجاح المنصة الرسمية هو أن يكون لدى البنك المركزي القدرة على التدخل في سوق القطع عندما يكون الطلب مرتفعا على الدولار، ولأن البنك المركزي احتياطه هو من العملة الصعبة فقط وكونه لم يتبق سوى الاحتياطي الإلزامي الذي هو فعلياً ١٥٪ من ودائع المواطنين، لم تتمكن هذه المنصة من تأدية دورها المرتجى. من جهة أخرى اعتبر الحاج ان خلفيات إنشاء هذه المنصة كانت هي بمعظمها للأشخاص الذين يريدون شراء الدولار لأسباب معينة كالتجار مثلاً الذين كانوا يستحصلون على الدولارات من المصرف المركزي نفسه عندما كان الدعم ما زال نافذ المفعول، والان ومع زوال الدعم وعدم قدرة المنصة على تلبية احتياجات هؤلاء، ازداد وارتفع الطلب على الدولار في السوق مقابل عرض منخفض جداً.
الحاج الذي أكد فشل المنصة، استنكر خطأ تثبيتها لسعر الصرف على ١٢٠٠٠ ليرة لبنانية مقابل كل دولار اميركي، الأمر الذي منع سعر الصرف في السوق السوداء من أن ينخفض تحت هذا الرقم ودفع الناس دفعاً إلى الاعتماد على السوق السوداء لتصريف دولاراتهم عوضاً عن المصارف أو المنصة.
الحاج اعتبر أن ما يزيد خطورة الوضع أن المعنيين بالشأن الاقتصادي والنقدي والمالي يعلمون جيداً أن مرور الوقت دون إصلاحات وخطة للتعافي الإقتصادي، ودون حكومة لتفاوض صندوق النقد الدولي، فإن نزف العملة الصعبة من لبنان مستمر. أكبر مثال على ذلك كان تعميم مصرف لبنان رقم ١٥٨ الذي أجبر المصرف على دفع ٤٠٠$ من الإحتياطي الذي كونته لدى المصارف المراسلة، بينما سوف يقوم هو بدفع ال٤٠٠$ الأخرى على سعر منصة صيرفة، وبالتالي حتى يتمكن من دفعها على سعر المنصة، فإنه يقوم بالمقابل بوضع اليد على ما يقارب مليارا وخمسين مليون دولار من ودائع المواطنين ما يعني تخفيض الإحتياطي الإلزامي من ١٥٪ إلى ١٤٪.
الحاج إعتبر أن هذا المبلغ سوف يقوم المصرف المركزي بالتصرف به وبسداد فواتير كان قد تأخر عن دفعها (كالمستلزمات الطبية وغيرها من فواتير التجار من الطحين وغيره والفيول والبنزين لمؤسسة كهرباء لبنان). بمعنى أخر، خسر الاحتياط مليار دولار، وإذا ما إستمر الحال على ما هو عليه فإن الشهر القادم سوف يقوم المصرف بتخفيض إضافي للاحتياط ويستمر في ذلك وصولاً إلى نفاده.
الحاج اعتبر أن استراتيجية المصرف النقدية حالياً تتسبب بزيادة العرض على العملة اللبنانية وازدياد في المضاربة على العملة الصعبة وفي التضخم، مقابل ارتفاع أكثر وأكثر لسعر الدولار، أي أن خلاصة ما يقوم به المصرف من إجراءات تصب في مصلحة ارتفاع سعر الصرف وليس للجمه أو تخفيضه، خصوصاً مع غياب أي إجراء لامتصاص السيولة الفائضة من العملة الوطنية في السوق.
المصدر: الديار