الاستثمار الأجنبي المباشر في لبنان يزيح عن قطاع الإنتاج إلى العقار!
ذو الفقار قبيسي-اللواء
سجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في لبنان أو ما يسمّى FDI Foreign Direct Investment إرتفاعا من 1,4 مليار دولار خلال الـ٩ أشهر من العام ٢٠١٩ الى 2,5 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام ٢٠٢٠، وبما يوحي بازدياد الثقة الأجنبية بالاستثمار في الاقتصاد اللبناني، الأمر الذي يتمناه كل مواطن لا سيما في هذه الأوضاع الشحيحة بالمال والاستثمارات سواء من الداخل أو من الخارج.
لكن نظرة تحليلية تكشف أن هذا النوع من الاستثمارات لم يتجه الى قطاعات منتجة في الصناعة أو الزراعة أو السياحة أو الخدمات التي تخلق فرص عمل وتزيد في الناتج الاجمالي، وإنما اتجه في الجزء الأكبر منه الى العقار، بواسطة نقل أرصدة من حسابات في مصارف لبنان غير مقيمة Non Resident Accounts لشراء عقارات. أي انها انتقلت من وديعة داخل لبنان الى عقار داخل لبنان.
صحيح ان تعريف صندوق النقد الدولي للاستثمارات الأجنبية غير المباشرة يشمل الاستثمار في العقار، لكن هذا التعريف يفترض ان الاستثمار في العقار كما في العديد من دول العالم سيخضع لضرائب عالية جدا تصل أحيانا الى ما بين ٤٠ و٥٠% من حصيلة الفارق بين سعر الشراء الأساسي وسعر البيع اللاحق، أو ما يسمّى بالضريبة على التحسين العقاري أو الـCapital Gain Tax المطبقة في الغرب، وهي الضريبة المتعثرة في لبنان حتى الآن. كما ان إدخال صندوق النقد الدولي لشراء الأجنبي للعقار من ضمن تصنيف الاستثمارات الأجنبية المباشرة، يفترض ان هذا الشراء سيتم عبر دفق مالي جديد الى البلد الذي يقع فيه العقار. في حين ان ما يحصل الآن في لبنان هو نقل أموال حساب مصرفي غير مقيم – في الداخل الى عقار في الداخل!! هربا من التضخم الحاصل في الأسعار وفي القيمة الشرائية وزيادة كميات النقد المتداول بالليرة اللبنانية التي تدفعها المصارف لأصحاب هذه الحسابات مقابل ودائعهم لديها بالدولار. وهذا ما يفسر بالطبع ازدياد الطلب على العقار في لبنان برغم المحنة الاقتصادية والمالية والنقدية الحالية. والاحصاءات الأخيرة عن حركة القطاع العقاري تدل على ذلك حيث سجل مجموع عمليات البيع العقارية خلال ٥ أشهر من هذا العام ارتفاعا بمعدل ٥٩% من ١٨٨٧٧ عملية الى ٣٠٠١٤ عملية. وارتفعت قيمة المبيعات العقارية خلال الفترة نفسها بمعدل 21,8% من 3,72 مليار دولار الى 4.53 مليار دولار. وكانت نسبة الارتفاع الأعلى في قيمة المبيعات في بيروت بمعدل ٢٥% التي بلغت خلال ٥ أشهر من هذا العام 1,13 مليار دولار وبعبدا 21,3% 966,5 مليون دولار والمتن 14,6% ٦٦٢ مليون دولار وكسروان 12,2% ٥٥٣ مليون دولار، والجنوب 10,7% ٤٨٣ مليون دولار والنبطية النسبة الأقل 42,3 مليون دولار.
وفي حين شهد مجموع عمليات البيع هبوطا في بيروت خلال ٥ أشهر من هذا العام بنسبة 19,3 والمتن ٢%، شهد مجموع عمليات البيع ارتفاعا في الشمال بنسبة 103% وزحلة ٩٥% مع ارتفاع بين ٧٠ و٦٦% و٥٩% و٤٠% على التوالي في بعبدا والنبطية والجنوب وكسروان.