“شظايا” باسيل تطال الجميع… أنا وحدي على حقّ
اندريه قصاص- لبنان24-
يبدو أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل قرر الا يترك له “صاحبًا”. ففي مؤتمره الصحافي أمس لم يسلم أحد من مفاعيل “شظايا قذائفه” المباشرة وغير المباشرة. الجميع في نظره مخطئون. هو وحده على حق عندما إكتشف أن “أزمة التشكيل كشفت أزمات أخطر وأعمق”. وقال: “كشفت أزمة النظام والدستور والممارسة والنوايا، وهذا الأبشع، وكشفت أن معركة الدفاع عن الحقوق التي نقوم بها، ليست من باب المزايدة ولا العرقلة، بل من باب حماية وجودنا الحر”.
بهذا الكلام الذي يدغدغ مشاعر بيئته السياسية المسيحية حاول باسيل الهروب مرّة جديدة إلى الأمام. وبهذا الكلام الذي لا يقدّم ولا يؤخرّ في شيء بالنسبة إلى تسهيل قيام حكومة “مهمة” برئاسة الرئيس سعد الحريري، يكون رئيس “التيار البرتقالي” قد اثبت مرّة بعد مرّة أنه على علاقة متوترة بالجميع، “خصوصًأ أولئك الذين “يستعملون ضيقة الناس ليكسروننا ويستعينون كالعادة بالخارج، ويخيروننا بين جوع الناس وخسارة وجودنا السياسي… وطالما ناسنا صامدون، نحن صامدون”.
فالرئيس نبيه بري كانت له حصّة من كلام باسيل عندما “وصلت بكم ان تقولوا لرئيس الجمهورية: لا يحق لك بأن تسمي أي وزير، ولا كلمة لك بتسمية رئيس الحكومة، ولا يحق لكتلة تفوضك أن تسمي بإسمها كما انت تريد، ولا صوت لك في مجلس الوزراء، وينقص أن تقولوا له شغلة واحدة”.وسأل:”ترفضون وضع مهلة للوزير لتوقيع المرسوم، بينما رئيس الجمهورية ملزم بتوقيعه خلال 15 يوما والا يعتبر نافذا، أهكذا يكون الحفاظ على الطائف، ويكون النظام شغالا؟”
وهذا الأمر، وفق بعض المراقبين، سيعرقل الحلول التي لا تزال حتى هذه اللحظة ممكنة. إلا أن هذا لا يعني أن مبادرة الرئيس بري ستتأثر بهذا النوع الجديد من الكلام، الذي إعتاد عليه اللبنانيون، وهو لا يعدو كونه سوى وسيلة لإستعادة إستنهاض بيئته السياسية قبل سنة من الموعد الإفتراضي للإنتخابات النيابية المقبلة، بعدما تيّقن أن أرضيته لم تعد ثابتة تحت أقدامه، ولذلك لجأ إلى أسلوب قديم – جديد عندما أعاد التذكير بأنه هو من يعمل على إستعادة حقوق المسيحيين. وهنا تناول رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع عندما توجّه إليه بالقول:”هل تعتقد انّك تخفي جريمتك بسكوتك، اذا تحجّجت انّنا لا نقوم بمعركة حقوق، بل مصالح؟ لماذا لم تفعلها في الطائف خلال العام 1990، ولماذا لم تفعلها بالقانون الأرثوذكسي ولماذا لا تفعلها اليوم؟ أوانّك ملهي بإعمار القلعة من الخوات والـ”Fundraising” والمال السياسي وبيع الكرامة والحقوق؟”
أمّا حصّة الأسد من كلامه فكانت للرئيس الحريري، الذي قال له:”رئيس الحكومة يقوم بمداورة كاملة باستثناء وزارة واحدة هي المال، وكأنها صارت حقا مكتسبا. هذا وحده كاف ليسقط الطائف، ونحن لا نقبل به”.وسأل: “أي ردة فعل تنتظرون منا، عندما تستشهدون بالبابا والبطريرك لتكذبوا عليهما بالمناصفة، وتعودون لنا بالمثالثة المقنعة وبصيغة ثلاث ثمانات بالحكومة؟ المناصفة الفعلية هي 12 ب 12، ييسمونهم بالتوازي والتساوي المسيحيين والمسلمين، وليس 8 يسمونهم المسيحيين و 16، 8 ب 8 يسمونهم المسلمين… هذه مثالثة ومرفوضة”.
وفي محاولة لإعادة لحم ما إنكسر بينه وبين “حزب الله” أراد باسيل “الاستعانة بصديق هو سماحة السيد حسن نصرالله، لا بل اكثر، أريده حكما وأئتمنه على الموضوع. أنا لا اسلم أمري ومن أمثل الى السيد حسن بل ائتمنه على الحقوق. هو يعرف اننا مستهدفون، وكل ما يحصل هو للنيل منا، ويعرف اننا تنازلنا بموضوع الحكومة عن أمور كثيرة. يا سيد حسن، اعرف انك لا تخذل الحق. انا جبران باسيل، من دون أن أحملك اي عبء، أقبل بما تقبل به انت لنفسك. هذا آخر كلام لي بالحكومة”.
ورأت بعض المصادر التي تعتبر نفسها أنها تعرف خفايا الأمور أن هذا الكلام لن يمرّ مرور الكرام بالنسبة إلى “حزب الله”، الذي أصبح، على ما يبدو، في مكان آخر، وأن “الإستعانة بصديق” لا تكون إستنسابية أو وفق ما تمليه بعض الظروف الإستثنائية. فالصديق بالنسبة إلى الحزب هو صديق في وقت الضيق كما هو صديق في أوقات الرخاء. ورأت أن محاولة باسيل بدقّ أسفين في العلاقة المتينة القائمة بين السيد حسن نصرالله والرئيس بري هو من رابع المستحيلات، وقد تكون السماء أقرب له من تحقيق هذه الغاية.
على أي حال فإن ما بين تصريح باسيل وتصريح الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل فرقًا كبيرًا. وقد يكون الأول تهرّبًا من مسؤولية ما قاله الثاني.