“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
بعد غياب طويل عن مسرح العمليّات الأمنية وابتعاده عن ضوء الإهتزازات التي كانت رافقته لسنوات طويلة بعدما توزّعت بين الداخل والحدود، عاد لبنان مُجدّداً إلى دائرة الإهتمام الأمني بكافة جوانبه، مصحوباً بأوضاع متعدّدة تُنذر بما هو أسوأ مما يحصل اليوم على الصعيدين الإجتماعي والإقتصادي، حيث بدا لافتاً الإهتمام الخارجي بهذا الجانب، بالإضافة إلى تحذير قائد الجيش جوزف عون من خطورة الوضع الحالي، وخشية انعكاسه على المؤسّسة العسكرية.
في ظلّ الوضع الحالي المُقلق، والذي زادت تعقيداته وخطورته بعد نسف المساعي الهادفة إلى تأليف حكومة اختصاصيين تنتشل البلاد من واقعها المُزري، بدأت الأحاديث داخل الغرف السياسية والأمنية تتفاعل حول المجهول الذي ينتظر لبنان في المرحلة المُقبلة. وربّما ما جاء على لسان قائد الجيش من أنّ “استمرار تدهور الوضع الإقتصادي والمالي في لبنان سيؤدي حتماً إلى انهيار المؤسّسات، ومن ضمنها المؤسّسة العسكرية، وبالتالي، فإن البلد بأكمله سيكون مكشوفاً أمنياً”، إنّما يدل على هشاشة الوضع الحالي وسط غياب المظلّة السياسية، ممّا قد يؤدي إلى انقلاب المشهد الحالي، وربّما العودة بالبلد إلى مرحلة الإستهداف المتعدّد الأوجه.
كل هذه المخاوف والتحذيرات الداخلية، عبّرت عنها أيضاً باريس من خلال عضو لجنة الدفاع الفرنسية النائب الفرنسي غويندال رويار، التي أكدت أن “لبنان عاد هدفاً لعمليات تنظيم داعش، ولم يعد مجرّد قاعدة لوجستية لهذا التنظيم الإرهابيّ”. كل هذا، يؤكد أن التحذيرات التي كانت أطلقتها الأجهزة الأمنية اللبنانية في منتصف الأزمة الإقتصادية، من عودة موجة الإغتيالات كانت في محلّها، وأن محاولات التقليل من شأنها على يد مجموعات من السياسيين، كانت بهدف رفع مسؤولية الإنهيار الحاصل عن أنفسهم ،وعدم تحميلهم مسؤولية الفلتان الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى، من حصوله.
المُلاحظ، أنه خلال اليومين الماضيين، زادت نسبة التخوّف من العودة بلبنان إلى مرحلة كان يُستخدم فيها، صندوق بريد أمني في لعبة الرسائل السياسية داخلياً وخارجياً، وذلك من خلال القذائف الصاروخية التي عُثر عليها في مناطق في العاصمة بيروت. وهذا وحده كفيل باستشعار الخطر الذي قد يُرفق المرحلة المُقبلة في حال بقي الوضع السياسي والمعيشي، على النحو الذي هو عليه اليوم. هذا بالإضافة إلى التهديدات التي يُطلقها القادة الإسرائيليون ضد لبنان بين الحين والآخر، والتي يتوعّدون فيها، بشّل قدرته العسكرية والأمنية والإقتصادية، بشكل كٌلّي.
في هذا السياق، يُبدي وزير الداخلية الأسبق مروان شربل، “تخوّفه ليس من حرب أهلية لبنانية، كون هذا الشيء بالنسبة إليه غير متوفّر في الوقت الحالي، إنّما من أحداث عنف داخلية وارتفاع نسبة الجرائم نتيجة الوضع المعيشي، مما قد يؤدي حتماً إلى فلتان أمني على صعيد البلد كلّه. لذلك، فإن المطلوب إيجاد مخرج سريع يؤدي إلى تشكيل الحكومة، وإّلا فإن لبنان مُعرّض اليوم لاهتزاز أمني داخلي يُمكن أن يبدأ من محطّات الوقود، لكن لا نعرف أين سينتهي”.
ويُشير شربل إلى أن “الفوضى أخطر بكثير من الحروب، إذ أن الأخيرة يوجد فيها عدو أو خصوم معلومي الهوية، لكن الفوضى سيتخلّلها أعمال قتل وسلب وثأر، وعندها سيُصبح لبنان مفتوحاً على جميع الإحتمالات. لذلك، يبقى الرهان الأوّل والأخير في هذا المجال، على المؤسّسات الأمنية، وتحديداً الجيش اللبناني، والذي يمرّ اليوم بأصعب الظروف نتيجة الوضع السياسي والإقتصادي. ولذا، يجب التنبّه بقوّة، من زجّ الجيش في أي مواجهة مع تحركّات الشارع المطلبية، وبالتالي، على السياسيين اللبنانيين أن يعلموا جيّداً، بأن نزاعاتهم، ستؤدي في مكان ما، إلى أمور كثيرة نحن اليوم في غنى عنها”.