إليكم ما نشرته تلغراف البريطانية عن الإقتصاد اللبناني؟

المصدر : الجزيرة نت

أدى التضخم المتفشي إلى تفاقم التفاوت الاقتصادي، باستثناء أولئك الذين يستطيعون الحصول على الدولارات.

وفي مقال نشرته صحيفة تلغراف (telegraph) البريطانية، قال الكاتب كامبل ماكدارميد إن النقص الحاد في العملات الأجنبية في بلد تُستورد فيه 80% من السلع أدى إلى تخلي حتى المصارف المرخصة عن السعر الرسمي للدولار، الذي بلغ 1515 ليرة.

وذكر الكاتب أن الليرة بلغت أدنى مستوياتها خلال الأسبوع الماضي، حيث وصلت إلى 15 ألفا و300 ليرة مقابل الدولار الواحد؛ مما أدى إلى تفاقم المصاعب بالنسبة لمعظم الناس، وتوفير ربح مفاجئ لأولئك الذين باستطاعتهم الحصول على العملات الأجنبية. وعموما، أصبح التفاوت المتفاقم جانبا من جوانب الحياة في هذه الدولة المتوسطية، التي تُعرف بأسلوب الحياة الباهظ الذي تتبعه نخبتها.

وأوضح الكاتب أن وجبة المأكولات البحرية بلغت حوالي 20 دولارا أميركيا للشخص الواحد في مطعم محلي على شاطئ البحر، وفي الآونة الأخيرة، لم تحتو قائمة الطعام في أحد المطاعم المعروفة في شارع بدارو على شطيرة اللحم البقري المشوي. وفي هذا الصدد، قال المالك سامي -واصفا معاناة اقتناء لحوم البقر- “نحن نشتري اللحوم كما لو أنها صفقة مخدرات”.

انهيار كبير

وبالتزامن مع انخفاض الاحتياطات الأجنبية، تعد السلع المتبقية المدعومة قليلة، ورغم عدم جفاف مضخات الوقود تماما، فإنه لا مفر من الانتظار ساعة في محطات الوقود، حتى بالنسبة لأولئك العائدين من عطلة استجمام بعيدة خلال نهاية الأسبوع، ومع التوتر السائد، يبدو أن رجال الشرطة الذين أصبحت رواتبهم لا تتجاوز 100 دولار شهريا عاجزون عن التصدي للشجار الذي ينشب في الطابور، وفق الصحيفة البريطانية.

فضلا عن ذلك، يعني نقص الوقود أن شركات المولدات لم تعد تزود الكهرباء على مدار الساعة طوال الأسبوع، ولعُقود من الزمن لم يكن تزويد التيار الكهربائي منتظما، وحتى وقت قريب كان موردو الطاقة من القطاع الخاص يغطون العجز بالنسبة لأولئك الذين كانوا قادرين على الدفع، وفي الوقت الراهن، مع عدم وجود كهرباء خلال معظم الليل لا يمكن للمرء تشغيل مروحة، ناهيك عن مكيف الهواء.

في الواقع -كما يضيف التقرير- يعد ذلك مجرد دليل بسيط لما سيتحمله معظم اللبنانيين خلال الصيف الذي يلوح في الأفق، وعند السؤال عن النسبة المئوية للسكان الذين يحصلون على إمدادات منتظمة من الدولارات الجديدة، أجاب ناجي بدقة غريبة: “حوالي 12%”.

ومن حسن حظ ناجي، السائق الذي يعمل لصالح منظمة غير حكومية أجنبية، أنه احتفظ بمعظم راتبه بالدولار، حتى في ظل الإجازات التي قدمها له صاحب عمله أثناء الجائحة.

وفي هذا السياق، قال ناجي إنه يكسب في غضون شهر واحد أكثر مما يكسبه شقيقه الطبيب خلال عام من العمل في مستشفى خاص.

وأفاد الكاتب بأنه حتى وإن كنت تملك المال، فلا يزال التزود ببعض السلع شحيحا. وفي فبراير/شباط الماضي، سعت الأسر القلقة إلى الحصول على الأكسجين المعبأ في زجاجات من السوق السوداء، حيث عولج المرضى المصابون بفيروس كورونا في سياراتهم خارج المستشفيات المكتظة، وفي الوقت الراهن أصبح يُطلب من الأصدقاء والزملاء العائدين من الخارج إحضار الأدوية المفقودة معهم.

تحت خط الفقر

يعيش رسميا أكثر من نصف السكان حاليا تحت خط الفقر، حيث يزداد هذا الرقم سوءا بسرعة، من جانبه حذر البنك الدولي هذا الشهر من أن معاناة لبنان تعد واحدة من أشد الأزمات التي شهدها العالم منذ منتصف القرن 19.

كما أشار المختصون إلى أن انكماش الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 40% يرتبط عادة بالصراعات أو بالحروب، وأضاف المختصون أن هناك حذرا متزايدا من المحفزات المحتملة التي من شأنها أن تؤدي إلى اندلاع الاضطرابات الاجتماعية.

وبالنظر إلى تاريخ الحرب الأهلية في لبنان، ينبغي أن تدق هذه التحذيرات ناقوس الخطر، حتى بالنسبة للنخبة الأكثر انعزالا في البلاد.

في المقابل -يقول الكاتب- حالت الخلافات السياسية دون تشكيل حكومة جديدة منذ استقالة رئيس الوزراء السابق حسان دياب، بعد أيام من الانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت الصيف الماضي، وأسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص.

وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت فرنسا تنظيمها حملة لجمع التبرعات لصالح الجيش اللبناني، الذي يعد من بين المؤسسات التي نأت بنفسها عن الانقسامات الطائفية في البلاد. من جانبه، حذر قائد الجيش الجنرال جوزيف عون -في خطاب ألقاه في مارس/آذار الماضي- من أن الجنود “يعانون ويشعرون بالجوع مثل بقية المواطنين”.

وأفاد البنك الدولي بأنه مع إصرار المؤسسات المالية الدولية والحكومات الأجنبية على ضرورة القيام بالإصلاحات المنهجية قبل تطبيق خطط الإنقاذ، ليست هناك نقطة تحول واضحة تبدو في الأفق.

 

Exit mobile version