عون سيدعو الى طاولة حوار …ولبنان على مشارف الانفجار الاقتصادي الكبير الاتحاد الاوروبي: عشرة ايام لتشكيل الحكومة والا العقوبات
نور نعمة -الديار
يشكل الاسبوعان المقبلان مرحلة مفصلية في مسار توجه الامور الى الحلحلة او المزيد من التدهور مع اقتراب تفجر الوضع ماليا واجتماعيا مع رفع الدعم. ويختصر المشهد اللبناني بثلاثية اساسية وهي اولا: العقوبات التي يلوح بها الاتحاد الاوروبي في حال عدم ولادة حكومة في نهاية شهر حزيران الحالي. ثانيا: الوضع المالي النقدي وثالثا : التوازنات الطائفية التي ارساها كل من الرئيسين عون والحريري حين حولا خلافاتهما الشخصية الى خلافات طائفية وعملاعلى حشد طائفتهما لتحقيق اهدافه.
ومن جانب الرئيس المكلف الذي اصبح على دراية بان عقوبات الاتحاد الاوروبي جدية هذه المرة، قالت اجواء مقربة منه انه سيعطي فرصة اخيرة لتأليف الحكومة في غضون عشرة ايام واذا استمرت العراقيل عندها سيعتذر. بيد ان الرئيس المكلف يعتبر انه استرد جزءا كبيرا من الشارع الاسلامي السني كونه لم يخضع لشروط الرئيس عون وبالتالي لا يريد ان يخسر هذا المكسب السياسي والطائفي ويتحمل عبء الوضع الاقتصادي المالي المتدهور عبر رفع الدعم والذي ستظهر تداعياته السلبية في الاسابيع المقبلة اكثر فاكثر.
من هنا،ينطلق الحريري وفقا للمصادر المقربة منه من قاعدتين : اما يشكل حكومة قادرة على مواجهة الوضع المتفجر عبر اختياره فريق عمل يتمكن من اتخاذ تدابير معينة تفرمل الانهيار وتمتص النقمة الشعبية الى حد ما. وبمعنى اخر، يريد اطلاق يده في عملية مواجهة الازمة المالية دون شروط من رئيس الجمهورية تحد من حريته في العمل .
اما القاعدة الثانية التي يرتكز عليها الحريري انه في حال رأى ان عليه استرضاء رئيس الجمهورية بما ان الاخير شريك في تاليف الحكومة ولاحقا عليه ان يتشاور معه في المسائل الاساسية عندها سيختارالحريري الاعتذار لانه لا يريد ان يتحمل الوضع المتفجر ماليا واقتصاديا وبالتالي اجتماعيا.
في المقابل، اكدت اوساط سياسية للديار ان الرئيس عون لن يقبل بتاتا العودة الى الماضي القريب حيث كان يتم اختيار الوزراء المسيحيين ضمن فريق رئيس الحكومة وبالتالي تابعين له بل يتمسك بمعادلة الورزاء المسيحيين الاقوياء اي الذين يمثلون المراجع المسيحية في البلاد على غرار الوزراء السنة والشيعة الذين يمثلون طوائفهم وليسوا تابعين لطوائف اخرى.
اما الجانب الايجابي الوحيد الذي حصل والذي شكل بارقة امل وسط هذا السواد الذي يهيمن على لبنان هو دعم الجيش اللبناني وتحصينه عبر المؤتمر الدولي الذي حشدت له فرنسا الخميس الماضي. وتقوية الجيش وتأمين كل مستلزماته يضمن الامن ويبعد الفوضى الخطيرة عن لبنان وبالتالي اظهرت فرنسا فعلا وقولا جديتها في الحفاظ على الكيان اللبناني في حين يتلهى مسؤولوه بخلافات لا تقدم ولا تؤخر بل تعمق الازمة اللبنانية على كل الاصعدة.
لماذا حذر قائد الجيش من الاوضاع الامنية خلال مؤتمر الدعم؟
وفي هذا السياق،التحذير الذي وجهه قائد الجيش جوزف عون خلال المؤتمر المخصص لدعم المؤسسة العسكرية اراد شرح الواقع وهو انه لولا مساعدة المجتمع الدولي لكان لبنان مهددا بشكل فعلي. اضافة الى ذلك،وجه القائد عون رسالة اخرى لاعضاء المؤتمر مفادها ان هذه المساعدات يجب ان تكون مستمرة ومتواصلة ولا تكون لمحطة واحدة بما ان لبنان منكوب اليوم على عدة مستويات. على هذا الاساس، يندرج تحذير عون في خانة التحديات الكبرى التي تواجهها المؤسسة العسكرية فالشعب اللبناني جائع وثائر ويمكن ان يلجأ الى العنف وبالتالي هناك سؤال يطرح نفسه: الى اي امكانية سيتمكن الجيش من ضبط الواقع الشعبي في ظل انقسامات سياسية وطائفية؟ وعليه،هناك ضغط على المؤسسات الامنية على المستوى الشعبي نتيجة الانهيار المالي وعلى المستوى السياسي نتيجة الانقسام.
الشعب اللبناني يدفع وحده ثمن فساد وفشل المسؤولين اللبنانيين
وفي وقت تتواصل الخلافات بين المسؤولين اللبنانين، اضحى ثابتا ان السلطة تتقصد قهر وظلم الناس بعد ان تقاعست عن القيام بادنى واجباتها تجاه شعبها. للاسف يحاول كل طرف شد العصب الطائفي والمذهبي واستغلال الناس في صراعاته على النفوذ والحصص في حين ان الجوع لا يميز بين طائفة واخرى والانهيار المالي لا يصيب طائفة دون اخرى والفقر لا يزداد عند شريحة معينة من الناس بل يطال الجميع.
وحده الشعب اللبناني يدفع ضريبة فشل المسؤولين اللبنانيين في ادارة البلاد واستمرارهم في التناحر على مسائل عدة الا هموم الناس وشجونها. واذا كان المواطن اللبناني يعاني اليوم من حالة اجتماعية ومعيشية مزرية، فهي نتيجة فساد وانانية الطبقة السياسية التي حكمت وتحكم لبنان.
من هنا، اعتبرت اوساط سياسية مطلعة انه لامر غريب عجيب ان تدعو السلطة الى مسيرات شعبية ومظاهرات وهي الممسكة بزمام الامور. وتابعت :هل هذا الامر كان ليحصل في دولة اخرى ام فقط هذه الامور تحصل في لبنان ؟
الاتحاد الاوروبي يعطي مهلة نهائية لتشكيل الحكومة قبل العقوبات
في غضون ذلك،كشفت مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى للديار ان هدف زيارة الممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والامن جوزيب بوريل إلى بيروت هو مصارحة المسؤولين اللبنانيين ان الاتحاد وضع مهلة نهائية وهي عشرة ايام لتشكيل حكومة وفي حال لم يحصل ذلك فان الاتحاد الاوروبي سيعلن عن فرض عقوبات على هؤلاء المسؤولين من ضمنهم الرئيس المكلف سعد الحريري.
ذلك ان الاتحاد الاوروبي بدأ بخطوات تهدف للضغط على المسؤولين اللبنانيين على غرار عدم منح التاشيرات للدخول الى الدول الاوروبية ولكن بعد مرور عشرة ايام اي في اخر شهر حزيران الحالي ستكون مقاربة الاتحاد الاوروبي لعدم ولادة حكومة في لبنان مقاربة مباشرة وقاسية.
مبادرة بري مستمرة والاتصالات نشطت في تهدئة الشارع
وحول مبادرة الرئيس بري، نقل عن اجواء عين التينة ان المبادرة مستمرة ولن يتوقف دولة الرئيس عنها الا ان لا تقدم بعد اللقاء الاخير الذي حصل بين باسيل والخليلين.
وفي هذا السياق، نشطت الاتصالات عشية اضراب الاتحاد العمالي لتفادي الانفجار في الشارع وهذا الجهد قام به حزب الله وخير دليل على ان التهدئة سادت في الشارع وان عدد المتظاهرين كان قليلا كما انه لم يقع اي اضطراب في الشارع. في الوقت ذاته، اعتبرت مصادر مطلعة ان ذلك لا يعني ان التهدئة استكملت بل يجب فتح الحوار مجددا لاستئناف مبادرة بري لان لا بديل عنها. والرئيس بري كرس حكومة ال24 وزيرا بعد ان كان الحريري متمسكا بال 18 وزيرا وهنا بري انتزع من الحريري مطلبا كان يريده عون. اضافة الى انه كرس صيغة ثمانية وزراء لكل طرف لاستبعاد الثلث المعطل وهذا مطلب الحريري . وعليه، كان بري متوازنا في مبادرته. ولكن رغم الخلاف على تسمية الوزيرين ومنح الثقة للحكومة، استمر بري بمبادرته الا ان بيان الحريري الذي رد على رئيس التيار الوطني الحر بان الاخير يريد تسمية الوزيرين اضافة الى ان قول الحريري في مقابلة لجريدة الشرق الاوسط : انا وبري في علاقة تكاملية مضيفا : «انا بري، وبري انا» اشعل العهد والوطني الحر حيث اعتبروا ان بري يحرض الحريري على عدم التراجع عن مطالبه.
ولكن في نهاية المطاف، اظهر الخلاف بين بيت الوسط وقصر بعبدا اضافة الى حرب البيانات بين العهد وعين التينة ان الثقة مفقودة بين عون والحريري فكيف سيتمكنان من التعاون لاحقا في مسائل وطنية واقتصادية اساسية اذا شكلت حكومة؟
جنبلاط : لا يمكن الاستمرار بهذه الحالة الانتظارية من قبل بعض المسؤولين
من جهته، جدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط دعوته الى التسوية معتبرا انه لا يمكن الاستمرار في هذه الحالة الانتظارية من قبل بعض المسؤولين وحالة البلاد تتراجع في كل يوم في غياب الحكومة. وتابع انه آن الاوان لجعل التسوية فوق كل اعتبار بعيدا عن الحسابات الشخصية الضيقة مشيرا الى ان مبدأ التسوية ليس بدعة بل اساس في الحياة وفي السياسة وتذكروا ان الحقد يقتل صاحبه اولا.
التيار الوطني الحر: مبادرة عون ستكون طاولة حوار للمصارحة بين المسؤولين
بدورها، قالت مصادر التيار الوطني الحر للديار ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا يمكنه ان يرى كل هذه العرقلة في ملف تأليف الحكومة ولا يأخذ موقفا من ذلك ويبادر الى مصارحة اللبنانيين عبر بيان ولكن للاسف اخذ الرئيس نبيه بري هذا البيان الى مكان آخر وكأنه يدافع فقط عن الرئيس المكلف سعد الحريري. واشارت هذه المصادر ان الرئيس عون استدرك وجود نية مبطنة الى ضرب دور رئيس الجمهورية في عملية تأليف الحكومة فضلا الى نية لتهميش دوره الوطني والمسيحي .
ووفقا لمصادر الوطني الحر، اعتبر عون ان هناك مخططا الى اعادة عقارب الساعة الى الوراء من ناحية تحكم هذه المنظومة لمنع اجراء اي اصلاح ولتهميش الدور المسيحي ليعود المواطن المسيحي تابعا كما كان حاصلا قبل عام 2005. بناء عليه، لن يقبل بحصول هذا المخطط وهذا ما ولد بين الرئاسة الاولى والثانية.
وكشفت مصادر الوطني الحر ان مبادرة عون هي دعوة الى طاولة حوار وليس لقطع الطريق على مبادرة بري حتى لو يعتبر ان الاخير طرف وليس وسيطا .والحوار يفتح مجالا اوسع للمصارحة بين المسؤولين واذا لم يلب الافرقاء الدعوة بالتالي سينكشف دورهم امام الراي العام بانهم لا يريدون حكومة ويريدون العرقلة. واضافت انه موقف رابح بكل الاحوال للرئيس عون.
وعن المبادرة الفرنسية ، رأت المصادر ان هذه المبادرة لم تحقق النتائج المرجوة انما العهد والتيار لا يزالان متمسكين بها ولكن في الوقت عينه اشارت الى ان الوطني الحر لا يتوقع نتائج ايجابية نظرا لعدم رغبة الحريري بتشكيل الحكومة.
وردا على سؤال عن ازدواجية موقف التيار الوطني الحر الذي يدعو الى تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري في حين يعلن انه لن يمنحها الثقة في البرلمان،اوضحت مصادر الوطني الحر ان المضي قدما بحكومة يرأسها الحريري ياتي خشية من انه في حال اعتذر الاخير لن يقبل باي شخصية سنية تكون بديلة لرئاسة مجلس الوزراء فضلا عن تمسك بري بالحريري بهذا القدر. اما عن عدم منح الثقة لحكومة الحريري، لفتت الى ان الاسباب الكامنة وراء هذا القرار هو عدم الثقة بان الحريري هو رجل الاصلاح بل هو رجل الامر الواقع بما ان معظم الكتل النيابية ايدت تكليفه لرئاسة الحكومة.
القوات اللبنانية: السجالات الحاصلة ليست صراع صلاحيات ولا طائفي بل صراع مكاسب
من جهتها ، اعتبرت مصادر القوات اللبنانية للديار ان دعم الجيش اللبناني والقوى الامنية يشكل الهم الاساسي لرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع وهو حريص في كل لقاءاته مع الديبلوماسيين على التركيز على نقطتين اساسيتين: اولا لجنة تقصي حقائق حول انفجار المرفأ وثانيا ضرورة دعم المؤسسة العسكرية والامنية في لبنان. ذلك ان القوات اللبنانية ترى ان الارضية الوحيدة التي نقف عليها هي الارضية الامنية في ظل الانهيار المالي الحاصل وغياب الاستقرار السياسي مشيرة الى ان اي اهتزاز امني سيؤدي حتما الى الفوضى وهذا امر مرفوض.
وردا عن اتهام البعض لجعجع باطلاق موقف شعبوي عبر توجيه اللوم لرئيس الجمهورية وحكومة تصريف الاعمال بعدم فعلهم اي شيء للجيش، اوضحت المصادر القواتية ان السلطة السياسية كان عليها تأمين مستلزمات المؤسسة العسكرية الا انها تقاعست عن واجباتها. واضافت ان الاشكالية الحاصلة بعدم تأليف الحكومة لا تبرر ان ينسحب التعطيل والعرقلة على كل شيء وان يصبح البلد في حالة نكبة مالية كارثية. وبالتالي ما قام به الجيش، كان يفترض ان تقوم به حكومة تصريف الاعمال من خلال اتصالات مع المجتمع الدولي لتوفير كل حاجة الجيش اللبناني. ذلك ان المجتمع الدولي يشترط منح مساعدات مالية للسلطة في حال شكلت حكومة اصلاحية ولكن الجيش خارج هذه المعادلة ولذلك حملت القوات رئيس الجمهورية وحكومة حسان دياب مسؤولية تراجع اوضاع الجيش اللبناني وعدم التحرك لنجدته. اضف الى ذلك، توجهت القوات بالشكر من فرنسا والدول التي ساهمت في دعم مسألة حيوية واظهرت اهتماما بمؤسسة ناجحة في لبنان وهي الجيش اللبناني. كما اعتبر جعجع ان المسؤولين المعنيين اليوم مستقيلون من ادوارهم المطلوبة على هذا المستوى.
اما عن السجالات الحاصلة اليوم بين عين التينة وقصر بعبدا ،اكدت المصادر القواتية ان كل ما يحصل اليوم لا علاقة له بصراع صلاحيات ولا بصراع طائفي بل الحقيقة هي ان هناك خلافا داخل فريق 8 اذار حول وجهات نظر مختلفة لها علاقة بالسلطة والنفوذ والمكاسب. ومن هنا، ترفض القوات اللبنانية التذرع على اي مستوى عدم تشكيل الحكومة لاسباب طائفية ولذلك نطالب دائما بانتخابات نيابية مبكرة لاعادة انتاج السلطة لان هذا الفريق لا يمكنه الا ان يفرز سجالات وانقسامات وهو غير مؤهل لاخراج لبنان من ازمته. واعربت المصادر القواتية عن اسفها ان يعيش المواطن اللبناني الجوع والفقر في حين لا تبادر السلطة الى تشكيل حكومة باسرع وقت ممكن لا بل تدخل في خلافات حول وزير بالناقص او وزير بالزائد.
البطاقة التمويلية : بري من اكثر المطالبين باقرارها
الى ذلك، لطالما طالب رئيس مجلس النواب نبيه بري من الحكومة الاسراع في ارسال مشروع قانون البطاقة التمويلية. ومنذ حوالي ثلاثة اسابيع ،ارسلت الحكومة مشروع القانون الى المجلس النيابي وفور وصوله الى دوائر المجلس دعا بري اللجان المشتركة للبدء في مناقشة هذا المشروع فضلا عن مشاريع اخرى.
وعليه، احال الرئيس بري المشروع الى اللجان واذ برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في اليوم الذي بعده يهاجم مجلس النواب ويتهمه على التعامل ببطء بالبطاقة التمويلية واقرارها وهذا ما استدعى رد الوزير السابق علي حسن خليل.