مرت ذكرى جريمة قاعدة “سبايكر” هذا العام، ثقيلة على العراقيين الذين استذكروا أحبائهم ال 1700 شهيد، الذين قتلوا فقط لأجل هويتهم المذهبية. وقد اقترف هذه الجريمة مقاتلي تنظيم داعش، بالتعاون مع مقاتلي حزب البعث المنحل، في 12 حزيران 2014، حينما شنوا هجوماً على قاعدة تدريب الضباط “سبايكر”، التي تقع في تكريت محافظة صلاح الدين. مع أنه قبل وقوع المجزرة، كان يتواجد في القاعدة ما بين 5 إلى 10 آلاف تلميذ ضابط.
تورط ضباط المعسكر!!
فبحسب أوثق الروايات عن المجزرة، فإن بعض كبار ضباط المعسكر أمروا الطلاب بالحصول على إجازة راحة لمدة 15 يومًا، على أن يذهبوا إلى عائلاتهم وهم يرتدون الملابس المدنية. وشهد العديد ممن نجا من المجزرة فيما بعد، أن كبار ضباط المعسكر أجبروهم على مغادرة المعسكر. حيث أفاد أحد الناجين “حسن خليل”، والذي تمكن من الفرار متظاهرا بأنه ميت، واضعاً نفسه تحت جثة أخرى، بأن كبار ضباط المعسكر هم سبب القتل، بعد أن أجبروهم على المغادرة، عبر نفق أكدوا لهم بأنه محمي بواسطة رجال القبائل. مضيفاً أن هؤلاء الضباط قد طلبوا من الطلاب عدم ارتداء الزي الرسمي، معلقاً بالقول: “لقد باعونا لداعش”.
لكن الحكومة العراقية والتلفزيون الوطني دحضوا هذه القصة، عبر القول بأن الطلاب شقوا طريقهم للخروج من المعسكرات، بعد أن أرسل الجيش بالفعل قوات خاصة إلى منطقة المعسكرات الخطرة لتأمينها، وبعد أن تم تحذيرهم سلفاً من عدم المغادرة.
ماذا عن دور سبعاوي التكريتي
وبينما كان الطلاب يسيرون على الطريق السريع، بحثًا عن حافلة تقلهم إلى بغداد، توقفت حافلتان بالقرب منهم، يتواجد في داخلها 10 مسلحين. وكان “أيمن سبعاوي إبراهيم”، نجل سبعاوي إبراهيم التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام حسين، هو الذي يقود إحدى الحافلات. ثم وصلت عدة حافلات أخرى على متنها مقاتلي تنظيم داعش إلى المنطقة، وقاموا باختطاف الطلاب تحت تهديد السلاح، ومن ثم تم نقلهم إلى منطقة القصور الرئيسية في تكريت.
جريمة حرب
وقد صرح أحد المدراء في منظمة “هيومن رايتس ووتش” العالمية، أن الصور ولقطات الأقمار الصناعية من تكريت، قدمت أدلة قوية على حصول جريمة حرب مروعة في القصور الرئاسية السابقة. فقد أظهرت الصور مقاتلو داعش الملثمون، وهم يربطون الطلاب العسكريين ويحملونهم في الشاحنات، إضافة لصور أخرى أظهرت مقاتلي داعش وهم يقتلون العشرات من الطلاب ببنادق هجومية وهم مستلقون. فيما أظهرت بعض مقاطع الفيديو الدعائية لداعش، مقاتلين تابعين للتنظيم، وهم يطلقون النار على مئات الرجال المصطفين في مقابر جماعية في الصحراء.
بالمقابل هناك الكثير من الناجين الذين زيفوا موتهم، عبر تغطية أنفسهم بالدماء وقيامهم بالهروب ليلاً.
تحقيقات وأرقام
أفادت الحكومة العراقية إن 57 من أعضاء حزب البعث، شاركوا في ارتكاب الجريمة. وعلى الرغم من أن الصور ومقاطع الفيديو، أظهرت أن المسلحين ينتمون الى داعش، إلا أن الحكومة صرحت بأن كل هؤلاء المسلحين ينتمون لحزب البعث.
وفي نيسان 2015، أي بعد انتصار الحشد الشعبي والجيش العراقي على تنظيم داعش في تكريت، تم العثور على مقابر جماعية تحتوي على بعض الطلاب القتلى، وبدأت عملية انتشال الجثث المتحللة.
وفي آب 2016، أُعدمت السلطات العراقية 36 رجلاً شنقًا، بناءً على دورهم في المجزرة. وبعدها بأيام قليلة في أيلول 2016، عثرت كتائب الإمام علي (ع) على ثلاث مقابر جماعية تحتوي على رفات أكثر من 30 شخصًا قتلوا في المجزرة.
وفي آب 2017، حُكم على 27 شخصًا بالإعدام لتورطهم في المجزرة، بينما أُطلق سراح 25 آخرين لعدم كفاية الأدلة.
تحويل مكان المجزرة إلى متحف للذاكرة
هذا وقد زار رئيس الوزراء العراقي الكاظمي اليوم موقع “المجزرة، كاشفاً عن مشروع لتحويل مكان الجريمة إلى متحف للذاكرة، بهدف تخليد وتمجيد تضحيات العراقيين، وللتأكيد على تلاحمهم.
وأضاف الكاظمي خلال زيارته بأن هذا المكان شهد إحدى أبشع المجازر، التي يندى لها جبين الإنسانية. مضيفاً بأن الدماء البريئة التي سقطت في هذا الموقع، قد أيقظت الوجدان العراقي عند كل أطياف الشعب، وشكلت هذه الدماء دافعاً لإنجاز النصر الكبير، الذي حققه العراقيون أمام أعتى قوة إرهابية.
ومن ناحية أخرى، أكد الكاظمي على أن الفساد وسوء الإدارة والسياسات الخاطئة، هي أسباب هذه المآسي، موضحاً أن وحدة العراقيين ومؤسساتهم وانتماءهم الوطني، هو ما سيمنع تكرار مثل هذه المجازر مستقبلاً.
الخنادق