كتاب خاص الى النائب السابق نبيل نقولا
د.علي رباح – باحث سياسي
الاختلاف امرٌ طبيعي، وقد يكون ضرورة للوصول الى افضل الافكار الممكنة، وأنجعها، واكثرها ابداعاً، ورسالتك الى سماحة الامين العام وللمقاومة، تلقفناها ببالغ الايجابية، حيث التمسنا لك العذر، بأنك تنطلق من نوايا مخلصة تجاه الوطن ولن نقول اكثر من ذلك، حتى لا يتهمنا البعض بأننا نخون من اختلف معنا في الرؤية والاهداف والاستراتيجيا، ولكن وبكل الاحوال الايام تكشف ما نجهله جميعاً، وعسى أن يكون خيراً.
وان كنت من الذين يعتبرون اننا كلنا نخطئ ونصيب، ولكن ليس من طلب الحق فأخطأ، كمن طلب الباطل فأصاب، وان تراكم الانجازات يعفو عن بعض السلبيات والتي قد تكون اسبابها موضوعية في جزء منها، وغير مقصودة في جزء آخر، وغير مقدور عليها في مكان ما، لعلة تزاحم الاولويات، وهذا ما يميزنا عن الكثيرين، الذين لا يعرفون الا الرقمين 0 و 1 في مقاربة الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فإما يحصل ما يعتقدون ويريدون واما لا يحصل شيء مهما كلف الامر من نتائج.
وبكل الاحوال، فإني وتأكيداً على التماسي العذر لك، ولن اتهمك بالرضوخ والانهزام اما الضغط الاميركي، وهذا امر اصبح طبيعياً في بلد تغلغلت فيه الدولة العميقة الاميركية، التي ليس لديها محرمات في عملية استقطاب الشخصيات، بالترغيب والترهيب، ويمكنكم الاطلاع على استراتيجياتها وتكتيكاتها من خلال كتبهم، فاسألوا سكوت ريلر وجون بيركنز ونعومي كلاين وغيرهم من الاسماء، ينبؤكم كم تقهقر من “الشنبات” في الكثير من دول العالم التي وقفت بوجه الامبرياليسم.
اود القول لك ما يلي:
· قبل ان تتهم غيرك، لا بد أن تقوم بمراجعة نقدية لما قمت به انت وتيارك، مع الملاحظة الى اننا نرى في مواقفك مواقف شخصية لا تمثل التيار الذي نحترمه، وليس من المنطق ان تقوم بتبرئة نفسك وتعظيم ذاتك على حساب غيرك، عبر القاء التهم وتوزيع الادانات.
· حزب الله حليفكم ، هذا صحيح، ولكن ليس اداةً بيدك، حتى تقرر رؤيته واستراتيجياته وأولوياته واداءه، وهو الذي يقرر هذه الامور، بناءاً على تحليل وتقييم موضوعيين للظواهر، ولا اعتقد ان هذا الحزب الذي اعيا اسرائيل وحلفاءها، غير قادر على تبيان اللقطة الاستراتيجية التي يمكن الانطلاق منها.
· ان المنظومة اللبنانية بكلها وكلكلها تعاني من فساد واهتراء، والسيناريوهات المفترضة لمعالجة الامر تكون عبر الآتي، فإما ان نلجأ الى القضاء وقد لجأنا، وهو يعاني نفس ازمة الكيان، وإما ان نقدم نماذج نقطوية عبر معالجة مكامن الفساد في ادارات نستلمها وهي وإن لن تقارب القضية الكبرى، ولكنها نقاط مضيئة متفرقة، وإما نذهب جميعاً الى مؤتمر تأسيسي وهذا ما دعى اليه سماحة السيد حسن ولم يلق اي صدى ايجابي بل اتهمنا بما هو غير صحيح، وإما ان نقوم بانقلاب على كل المنظومة الفاسدة، وهي في خصومنا وبعض حلفائنا، ولست ادري ما سيترتب على هذا الانقلاب، ولكني استطيع ان اقول انها لن تكون اقل من حرب داخلية شعواء، تتدخل فيها قوى الهيمنة والاستعمار لدعم كل من هو ضدنا ولو كان “ستين فاسد”.
· نحن لم ننشء النظام الطائفي، وهو موجود منذ القدم، أقله منذ عهد القائمقاميتين، وقد طالبنا مراراً وتكراراً بالدولة العادلة القوية التي تتخطى الطوائف ولكن ليس وفق الاجندة الاميركية، وقلنا اننا متدينون، وهذا شرف لنا، ولكننا لسنا طائفيين، نتكامل مع الآخر ونتعاون معه، بشرط ان يحمل لواء رفعة هذا البلد وعزته والعداء لاسرائيل، وحتى انشاء هذه الدولة، لن نكون سبباً في اي حرب واقتتال في اي بيت من بيوت الطوائف، بدءاً من طائفتنا.
· حتى تنجح الثورة على الفساد في لبنان حضرة النائب، يجب ان تكون في عهدة كل الشعب وليس عند فئة خاصة، تجتمع عليها كل قوى الظلام، لتنقض عليها عند اي فرصة حتى لو كانت لمحاربة الفساد. فوعي هذا الشعب لم يصل الى المستوى الخلاّق والجمعي ليتفلت من القيود الطائفية والزعيمية لأجل قضية بمستوى وطن.
· وأخيراً نحن لم ولن نغطِ اي فاسد مهما كان، وعندما تقررون جميعاً ومعكم كل الناس، وبشكلٍ جدي بعيداً عن حفلات الزجل التي اعتدنا عليها، ستجدوننا معكم وندعمكم، والى حينها فلن نألُ جهداً للحفاظ على اهلنا وشعبنا بما أمكن، كما ضحينا لأجلهم الدماء فسترخص التضحيات الاقل ..
ودمتم سالمين