اليوم، وبعد عشرين سنة، يجتمع بايدن وبوتين، في جنيف، بصفتهما رئيسيْن، في لقاء يستبعد الخبراء أن يؤدي إلى اختراقات وإن كان سيشمل مروحة واسعة من الملفات. وكما يكتب مايكل هيرش في مجلة “فورين بوليسي”، فإنّ الخبراء ينظرون بحذر إلى القمة المرتقبة بعد ساعات متوقعين “سلاماً بارداً في أحسن الأحوال”.
مايكل هالتزل، المتخصص في الشؤون الأوروبية والروسية، الذي حضر لقاء تشرين الثاني 2001، يقول إنّ بايدن بدأ يشكك مذاك في إمكانية التوصل إلى توافق حقيقي مع روسيا حول القيم المشتركة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان. أمّا اليوم، فنظراً إلى تركيز بايدن على صعود الصين وعلى الأجندة الداخلية، فيريد فريقه بناء “علاقة أكثر استقراراً وقابلية للتنبؤ مع روسيا“، بحسب تصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين. وعلى الرغم من أنّ هذا الخطاب يعكس، إلى حدّ ما، ما تعبّر موسكو عنه، التي قال وزير خارجيتها سيرغي لافروف “مهتمون بتطبيع العلاقات”، يؤكد هيرش أنّ إرساء “سلام بارد” يمثّل أقصى ما يمكن بايدن أن يأمل تحقيقه على المدى المنطور. ويربط الخبراء، وفقاً لهيرش، بين هذا السلام هذا والتعاون المشترك، على مستوى إدارة تداعيات التدخل الروسي في سوريا، ومعاهدة “نيوستارت” والبرنامج النووي الإيراني والتغير المناخي، وربما ما يطلق عليه الخبراء “قواعد الطريق الصارمة” بهدف الحد من الحرب الإلكترونية وهجمات برامج الفدية، وغيرها من الملفات.
العقبة الأكبر
وفي تحليلهم لوضع العلاقات الأميركية-الروسية الراهن، يتحدّث الخبراء عن “العقبة الأكبر” بالنسبة إلى الجانبيْن، فيوضحون أنّ “التعنت” يؤتي ثماره سياسياً في الداخل. فمن جهته، يرى الخبير والأستاذ في جامعة “كولومبيا”، تيموثي فراي، أنّ “الثقة ببوتين تتراجع والاقتصاد في حالة ركود”، متوقعاً في هذا الإطار اتجاه الرئيس الروسي إلى “إضفاء طابع شخصي على القمة وإعطاء انطباع بوجود صراع ثنائي ومباشر مع بايدن بهدف تعزيز الرسالة القائلة إنّ بوتين هو الذي يبقي روسيا قوية حقاً”. من جانبه، يتعرّض بايدن لهجوم جمهوري على خلفية قراره إعفاء شركة تبني خط “نورد ستريم 2” من العقوبات الأميركية. كذلك، تُعبتر الكيمياء بين بايدن وبوتين “مفقودة”، لا سيما بعدما قال بايدن، رداً على سؤال صحافي، بالقول إنّه يعتقد أنّ بوتين “قاتل”.
إيران أيضاً
يعتبر هيرش في مقالته أنّ موسكو استفزت واشنطن الأسبوع الفائت، فبالتزامن بلوغ مفاوضات فيينا مرحلة حرجة، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تقريراً قالت فيه إنّ روسيا تستعد لتزويد إيران بنظام أقمار صناعية متطور من شأنه تمكين إيران من تعقّب الأهداف العسكرية الإقليمية.
تدهور العلاقات
في مؤتمر صحافي سبَقَ قمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، قال بايدن إنّه يتفق مع بوتين على أنّ العلاقات الثنائية في أدنى مستوياتها، متحدثاً بإبهام حول “استعداده” تطوير “عقيدة استراتيجية” للعمل مع روسيا. وتعليقاً على هذا التصريح، يبدي جوزف ناي الأستاذ في جامعة “هارفارد” والديبلوماسي الأميركي البارز السابق تشاؤمه، إذ يقول: “لا أعتقد أنّ ثمة ثقة كافية تتيح حصول اتفاق رسمي قيّم، يمكن إجراء نقاشات توضح خطوط الطرفيْن الحمراء”.
واشنطن: قمة بايدن وبوتين قد تستمر 4 أو 5 ساعات ولن تشمل مأدبة غداء
ذكرت الإدارة الأميركية أمس، أن قمة بايدن-بوتين المرتقبة، يتوقع أن تستمر 4 أو 5 ساعات من دون أن يتخللها مأدبة غداء.
وأوضح مسؤول في إدارة بايدن لدى هبوط طائرته الرئاسية في جنيف أمس أنّ المحادثات ستبدأ بحضور ضيق حيث سيشارك فيها فضلا عن بايدن وبوتين وزيرا الخارجية بلينكين ولافروف. وسبق أن أعلن يوري أوشاكوف، نائب الرئيس الروسي، أن المحادثات يتوقع أن تركز على بحث “القضايا التي تمثل مباعث إزعاج مشترك في العلاقات الثنائية”، موضحاً أن الزعيمين سيناقشان مواضيع الاستقرار الاستراتيجي ومكافحة جائحة عدوى فيروس كورونا “كوفيد-19” والجريمة السيبرانية والملفات الإقليمية مثل الأزمة الأوكرانية والأوضاع في الشرق الأوسط والنزاع الأذربيجاني الأرمني في قره باغ.