الحدث

بيان رئاسة الجمهورية صبٌ للزيت على نار الحكومة!


اندريه قصاص-لبنان24

يحتار اللبنانيون أي جهة سياسية تنطق بالحقيقة ، وهم حجر بين شاقوفين. الجميع يتحدّثون عن الدستور ويعتبرون أن ما يقولونه في ما خصّ تشكيل الحكومة هو الصواب فيما ما يقوله الآخرون هو الخطأ بعينه. فبين هذا وذاك ضاع اللبنانيون، وهم الذين “يأكلون” العصي فيما المسؤولون يتولون مهمة العدّ وكأن أمور البلد ماشية على “التك برّن”.

قرأنا بالأمس بيانًا صادرًا عن المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية، وفيه أنه “وفيما يبدي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كل استعداد وتجاوب لتسهيل هذه المهمة، تطالعنا من حين الى آخر تصريحات ومواقف من مرجعيات مختلفة تتدخل في عملية التأليف، متجاهلة قصداً او عفواً ما نصّ عليه الدستور من آلية من الواجب اتباعها لتشكيل الحكومة، والتي تختصر بضرورة الاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف المعنيين حصرياً بعملية التأليف وإصدار المراسيم”.

وأعتبرت بعض المصادر أن هذا البيان جاء ردًّا على بياني المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وحركة “امل”، اللذين تحدّثا عن أنماط جديدة تُتبع في عملية تشكيل الحكومة، وكذلك ردًّا غير مباشر على مبادرة الرئيس بري، الذي أكدّ مجدّدًا أنه مستمرّ في مهمته الإنقاذية حتى آخر نفس. وهذا الأمر أزعج الدوائر الرئاسية، التي تعتبر أن وقوف رئيس مجلس النواب في صفّ الرئيس المكّلف سعد الحريري أفقد هذه المبادرة أهمّ مقوماتها، الا وهي ضرورة وقوف الوسيط، أيًّا يكن، على مسافة واحدة من الجميع، وأن يكون محايدًا بالمعنى الإيجابي وليس طرفًا كما هي الحال مع الرئيس بري، خصوصًا بعدما كشف معاونه النائب علي حسن خليل نواياه تجاه رئيس “التيار الوطني الحر” عندما إتهمه بأنه هو من يعرقل التركيبة الحكومية من خلال الشروط التعجيزية التي يحاول فرضها.

وأستغربت مصادر سياسية مراقبة ما تضمّنه البيان الرئاسي لجهة ما فيه من تناقضات ولاسيما عندما تحدّث عن “تجاوب رئاسة الجمهورية مع الكثير من الطروحات التي قدمت لها لتحقيق ولادة طبيعية للحكومة، وتغاضت عن الكثير من الإساءات والتجاوزات والاستهداف المباشر لها ولصلاحيات رئيس الجمهورية”. وأكدت هذه المصادر أن ثمة بونًا شاسعًا بين الشعارات الطنانة والكلام المعسول وبين الأفعال على الأرض، وما فيها من تناقض واضح بين الواقع والخيال.
وفيما يلجأ الجميع إلى الدستور لتأكيد مواقفهم كان لافتًا ما أسماه البيان الرئاسي بـ”الزخم المصطنع”، الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف تشكيل الحكومة، ليتساءل: “هل ما يصدر من مواقف وتدخلات تعيق عملية التأليف يخدم مصلحة اللبنانيين الغارقين في أزمة معيشية واقتصادية لا سابق لها، ويحقق حاجاتهم الانسانية والاجتماعية الملحة، والتي لا حلول جدية لها، إلا من خلال حكومة انقاذية جديدة؟”
في الظاهر فإن هذا البيان، ودائمًا في رأي المصادر المراقبة، يدخل في خانة العرقلة وليس الحلحلة، وهو بمثابة صبّ الزيت على نار الحكومة، وهو صوّب سهامه أيضًا في إتجاه مبادرة الرئيس بري، على رغم أنه لم يسمّه بالإسم. ومن المرجّح أن يثير هذا البيان الكثير من ردود الفعل في الأوساط التي تحمّل النائب باسيل وفريقه مسؤولية تعطيل إمكانية اي حلّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى