المصدر: مجلة الدراسات الإقلیمیة
إن معالجة الظروف السائدة في الكیان الإسرائيلي على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية یمكن أن تفسر الاتجاهات المستقبلیة علی صعید زوال هذا الكیان. لفهم هذه الاتجاهات، يجدر النظر في التحديات والأزمات التي يواجهها هذا الكیان على الرغم من عدم إمكانية إبداء رأي مطلق حول مستقبله؛ لكن هناك شواهد تدل علی الظروف غیر المواتية والمزلزلة للإسرائيليين علی صعید النظام الدولي مما يؤمل أن يتحقق وأن يتخلص العالم الإسلامي من هذا الكيان.
وتشير النتائج إلى أن أهم الأزمات التي يواجهها كيان الاحتلال في السنوات الخمس والعشرين المقبلة علی الصعيد الوطني وفقا للإحصائيات الديمغرافية هو انعدام الأمن الداخلي والفجوات الاجتماعية وتأثیرها على التضامن الوطني. أما على المستوى الإقليمي، فتشمل ممارسات محور المقاومة والحركات الإسلامية والصحوة الإسلامية، وعلى المستوى الدولي تشمل توسیع الجبهة المعادية للصهيونية ورد فعل المنظمات الدولية والمشاكل القانونية.
تظهر النتائج إلى أن مصدر الأزمة في المجتمع الاسرائيلي الذي يسكن فلسطين المحتلة يعود إلى التراجع الديمغرافي للاحتلال، وفي ظل هذه الظروف سیتجه الكیان نحو الزوال في الـ 25 عاما المقبلة.
الترجمة الكاملة للمقال:
أُنشأ الكیان الصهيوني من خلال الدعم المستمر من الغرب والجهود الحثيثة لبريطانيا بعد الإطاحة بالخلافة العثمانية، واستمر وفق اتفاقية سايكس بيكو مع نقل حاکمیة فلسطين إلى بريطانيا عام 1923. خلال تلك الفترة، تمكن الاستعمار القديم، عن طريق الخداع؛ بنقل يهود أوروبا إلى هذه الأرض، مما فتح الطریق تدريجياً أمام هجرة اليهود إلی فلسطين المحتلة، وأخيراً، في عام 1948 وبدعم من الأمم المتحدة تم إعلان عن الاعتراف بـ”دولة إسرائيل” رسیماً في الساحة الدولية.
مع تشكیل الكیان الصهيوني غير القانوني، بدأت الدول العربية، حرباً مع المحتلين، رداً على إعلان الاعتراف بالكیان الصهیوني، لکن سرعان ما أن هُزِموا خلال أربع حروب وذلك بتدخل من الغرب ودعمه.
بعد تلك الهزائم، وتحت تأثير القوى العالمية، توجهت الدول العربية، نحو التسوية مع المحتلين الصهاينة، وتحولت مصر من كونها عرابة النضال مع الكیان الصهيوني المحتل، إلى خانة المطبعین القدامى معه.
منذ ذلك الحين، دخلت الخلافات بين الدول العربية حول التسوية مع الكیان الصهیوني حقبة جديدة، نتج عنها انتفاضة الدول العربية وتشكيل وحدات عسكرية داخل وخارج الكيان الصهيوني، والتي توجت بالثورة الإسلامية في إیران وتشكيل محور المقاومة. علی أي حال أصبح تواجد اليهود في فلسطين المحتلة قضية العالم الإسلامي، وحل هذه القضية من أهم قضایا المسلمين. كما أصبحت تصرفات الكيان الصهيوني السلوكية والعملیة ضد الشعب الفلسطيني المضطهد من أهم أمور المجتمع الإسلامي وحتى المجتمع الدولي.
لذلك فإن شرح الظروف السائدة في فلسطين المحتلة، بهدف تحليل آخر التطورات في البلاد من أجل رسم خارطة طريق للتغلب على الأزمات، التي تواجه الجالية المسلمة والتحالف ضد الصهاینة المحتلین؛ هي خطوة ضرورية يجب أخذها في الاعتبار.
إن بیانات قائد الثورة فیما یخص الكیان المحتل وزواله خلال الـ 25 عامًا القادمة، تشير إلى أهمية النظر إلی قضية الكیان الصهيوني وحل هذه المعضلة في العالم الإسلامي، خاصة في منطقة غرب آسيا.
الأوضاع في فلسطين المحتلة
يمكن النظر إلى الظروف السائدة في فلسطين المحتلة من خلال ثلاث جهات؛ وطنية وإقليمية ودولية.
علی الصعيد الوطني، تاريخيا، كان لجغرافية فلسطين المحتلة، تأثير على أمن فلسطين حيث لم یكن لهذه الأرض، عمق استراتيجي، ويبلغ عرضها عند أرفع نقطة حوالي 15 كم. بالإضافة إلی وقوع معظم الأحياء السكنية، وحتى الموارد العسكرية وقواعدها، في مرمی الدول العربية من الشمال إلى الجنوب، وبالتالي فهي معرضة للخطر للغاية. بحيث یأتي معظم الخطر من جانب مرتفعات الجولان في سوريا وجنوب لبنان. من هنا، قام الكیان الصهيوني، وبدعم من القوى الاستعمارية مثل بريطانيا والولايات المتحدة، باستخدام أسوأ الأساليب اللإنسانیة ضد الفلسطینین. وإلی جانب المواجهات العسكرية مع سكان عرب المناطق المحتلة بما في ذلك الضفة الغربیة ومرتفعات الجولان وغزة، وفرض العقوبات الاقتصادية والسیاسیة، قام بجهود كبيرة لتحقيق شعار “أرض دون شعب، لشعب دون أرض”.
علی الصعید الإقليمي، یواجه الكیان الصهیوني مشاكل خطيرة بسبب ردود فعل العرب والمسلمين على استمرار الاحتلال، وغالبا ما قضى الكيان كل هذه السنوات في ساحات الحروب والصراع مع الفلسطینین. كما واجه الكیان الصهیوني مشاكل عدة مع العرب بعد الحرب عام 1948، خلال ثلاث حروب عارمة أخرى في أعوام 1956 و1967 و1973، یلیها انطلاقة انتفاضة فلسطین.
إن زیادة ردود الفعل الإیرانیة على الممارسات التعسفیة للاحتلال والإجراءات اللإنسانية بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة أدت إلی ردود الفعل الإقليمية ضد الحكام الصهاینة في الأراضي المحتلة، حیث توجت بتشكيل جبهة المقاومة، التي أصبحت على مر السنين القضية الهامة والمنشغلة لدی الکیان الصهيوني.
على الصعيد الدولي، تبلورت ردود الفعل ضد الكيان الصهيوني على جبهتين.
الجبهة الأولى عملت لدعم الكيان الصهيوني، حیث تمحورت حول المؤيدين الغربیين للكیان الذي تقوده الولايات المتحدة؛ بما أن الهدف الرئيسي للمؤیدین کان على ما يبدو محاولة الحفاظ على أمن الكیان. لكن ما هو وراء هذا الجهد کان الاعتماد على الموارد المالية للوبي اليهودي.
الجبهة الثانية هي ردود فعل المؤسسات والمنظمات الدولية ضد الإجراءات اللإنسانیة للكیان المحتل، فیما یخص عملیات توسیع المستوطنات الهیودیة؛ حیث کان هناك ردود أفعال للأمم المتحدة بدفعات عدیدة في عام 2016 على الإجراءات المناهضة للإنسانية والتوسعية للكیان الصهیوني.
أزمات الكیان المحتل في محیطه الوطني
منذ إعلان وجود دولة ما تسمی بـ “إسرائيل” في فلسطين المحتلة، واجه الكیان الصهيوني عدة أزمات علی مستوی محیطه الوطني، والتي لم ينجح في القضاء علیها بعد مضي 70 عامًا من تاریخ تأسسیه وعلی ما یبدو أنها ستتكثف بالنظر إلی المسارات الراهنة. فيما يلي بعض أهم الأزمات التي واجهها هذا الكیان على المستوى الوطني.
إن المشكلة الرئيسية لبقاء هذا الکیان هي التغيرات الديموغرافية لليهود في فلسطين المحتلة. في هذا الصدد، لا يوجد أي موقع إحصائي رسمي، حول أرقام عدد السكان اليهود القاطنین في الأراضي المحتلة، ويبدو أن هذه المسألة بقيت في حالة من الغموض بدعم من اللوبي اليهودي. في هذا الصدد يمكن اعتبار التركيبة السكانية اليهودية في عدة مجالات:
أ- الإحصائيات المنشورة على المواقع:
هناك إحصائيات عديدة في مواقع مختلفة، حیث يهيمن عليها في الغالب اللوبي اليهودي ويشير إلى عدد اليهود القاطنين في فلسطين المحتلة، مما يظهر إحصائيات متساوية بين اليهود القاطنين والعرب المسلمين في هذه المنطقة.
تُظهر هذه الإحصائية أن عدد السكان المسلمين، بما في ذلك غزة والضفة الغربية، يقدر بنحو تسعة ملايين شخص (غزة 4.5، الضفة الغربية 2.5، والأراضي المحتلة 2 مليون). وبحسب هذه المواقع يبلغ عدد سكان تل أبيب حوالي 3 ملايين نسمة وحيفا مليونين والقدس الشرقية مليون نسمة وباقي الأراضي المحتلة حوالي 2 مليون نسمة.
وبحسب المواقع نفسه، فإن النمو السكاني یبلغ بنحو 1.5، ومتوسط العمر المتوقع 82 سنة، ومعدل الخصوبة 2.6، ویبلغ عدد السكان القاطنین في الأراضي المحتلة 75٪ من اليهود والباقي من العرب؛ وبالتالي يمكن تقدير عدد السكان اليهود القاطنین في الأراضي المحتلة بحوالي 6 ملايين.
ومع افتراض صحة هذه الإحصائيات التي قدمتها مواقع رسمیة صهیونية، فإن نسبة السكان المسلمين مقارنة بالیهود تبلغ 9 في مقابل 6. ولكن وفقًا لإحصاءات غير رسمية، فإن عدد السكان اليهود في فلسطين المحتلة بين عامي 1990 و1995 كان حوالي 3.5 وفي عام 2016، يعني بعد مضي 25 عامًا، قُدرت بنحو 5 ملايين. فيما كانت هذه الفرضية صحيحة، فإنها تشير إلى أن عدد السكان اليهود في فلسطين المحتلة في العقدين الماضيين وصلت إلى ما لا يقل عن ثلث السكان المسلمين الفلسطينيين.
إن أحد المواقع التي حددت العدد الدقيق للمهاجرين اليهود سنويًا هو موقع الهجرة اليهودية، حیث سجل العدد الدقيق لـلهجرة الیهود، 2967820 شخصًا بین عام 1948 إلى 2004.
فيما قدر عدد السكان بنحو 500000 نسمة قبل عام 1948، فيمكن القول إن أوضاع سكان الیهود الدیموغرافي كانت حوالي 3.5 مليون نسمة في عام 2004، وبالنظر إلى انخفاض الهجرة إلى فلسطين المحتلة، يمكن القول إن الإحصاءات الحالية لعدد السكان اليهود هي أقل من 4.5 مليون، خلافا لما روي في احصاءات المواقع التابعة للوبي اليهودي.
في كلتا الحالتين (الرسمية وغير الرسمية)، تظهر الإحصائيات أن الكيان المحتل للقدس یتوجه تلقائیا نحو انخفاض موارده البشریة وفي النهایة إلی کارثة انعدام القوی البشریة. كما أن هذه الإحصائية لا تأخذ بعين الاعتبار المهجرين الفلسطينيين واللاجئين في الدول المجاورة، وهي المشكلة الخطيرة الأخرى التي یواجهها الكیان الصهیوني. حيث یعیش في بلدان مثل الأردن وسوريا ومصر، ما لا يقل عن 5 إلى 6 ملايين فلسطيني، مما يعني أن عدد السكان الفلسطينيين المحتمل يقدر بنحو 15 مليون شخصا.
ب- الإحصاءات الديموغرافية في نظرة القادة اليهود:
لقد حظيت الظروف الديموغرافية غير المواتية للكیان الصهیوني بانتباه كبير لدی القادة اليهود في السنوات الأخيرة، ومن خلال عقد اجتماعات ودراسات شاملة، حاولوا حل هذه المشكلة بطريقة ما. حيث قال “عاموس يادلين” رئيس مركز دراسات الأمن القومي التابع للكيان الصهيوني، في إشارة إلى التهديد الذي يمثله تواجد الفلسطينيين في الدول المحيطة بفلسطين، إنه “على إسرائيل وبدعم من المجمتع الدولي، الانتباه إلی ثبات الوضع الإنساني في المناطق الحدودية مع إسرائيل؛ لأنه بإمکان ملايين الفلسطينيين المقیمین فی هذه الدول أن یهددوا أمن إسرائيل”.
ج- الإحصاءات الديموغرافية حسب وثائق الكیان الصهیوني:
حسب الوثائق الوطنية للكیان الصهيوني، إن اول دائرة تهديدات هذا الیان، یصب في خانة الفلسطينيين القاطنين في الأراضي المحتلة.
وهذا الأمر هو نوع من الاعتراف من قبل الكیان المحتل بالظروف غير المواتية والتهديد الأمني الخطير الذي يشكله تزايد السكان المسلمين ضد اليهود القاطنین فی فلسطين المحتلة، ووفقًا للاعتقاد اليهودي بأن الشخص اليهودي هو من یولد من أم یهودیة، فمن المتوقع أن ينخفض عدد السكان اليهود ليس فقط في فلسطين، بل في جميع أنحاء العالم مما یؤثر بشكل طبيعي على وتیرة هجرة اليهود إلى فلسطين المحتلة وسيقلل من عدد المهاجرين إلى هذه الأرض.
د- الإحصاء الدیمغرافي والهجرة إلى فلسطين المحتلة:
کانت مسألة الهجرة إلى فلسطين المحتلة مصدر قلق دائم للكیان الصهیوني والقادة اليهود. قال “بن غوريون”، أول رئيس للكیان، إن “الهجرة إلى فلسطين هي التي تضمن بقاء أمن إسرائيل”. إن سياسة الهجرة لها أيضًا مكانة مهمة في الفكر اليهودي الديني، ولهذا السبب كانت الهجرة دائمًا قضية يهودية. منذ تواجد البريطانيین في فلسطين عام 1917 حتى 1975، بلغ عدد المهاجرين 1.5 مليون نسمة. وفي الفترة من 1975 إلى 1985، عندما طرحت قضية السلام بين العرب والكیان الصهیوني، هاجر 1.5 مليون شخص آخر، إلى فلسطین المحتلة. ولكن بعد انتفاضة عام 1982، انخفض مستوی معدلات الهجرة حیث بلغت في السنوات العشر التالية، یعني عام 1995 نصف عدد العقد السابق.
بالتالي فإن المشكلة الرئيسية للكيان الصهيوني هو موضوع السكان اليهود في فلسطين المحتلة، والجهود المبذولة لحل هذه القضية، حيث ستكون غير قابلة للحل بسبب انعدام الأمن الداخلي الناجم عن أعمال الفلسطينيين ضد اليهود.. فهذه القضية المهمة دفعت الكيان الصهيوني إلى تقييم للحلول بأي شكل من الأشكال من أجل إیجاد الأمن الداخلي، ومن أهم الحلول في هذا الصدد هو حل الدولتین. إن حل الدولتین في الواقع هو بمثابة هامش أمان للكيان على الأقل لمواجهة التهديدات التي یشکلها الفلسطينيين لبعض الوقت.
الانقسام الاجتماعي في فلسطين المحتلة
منذ عام 1948، حینما استقر يهود أوروبا ویهود البلدان الآسيوية والأفريقية في فلسطين المحتلة، تسببت هجرة اليهود من مختلف الجنسيات إلی فلسطین المحتلة بعدم التصاق الهوية الیهودیة بهم. لهذا السبب، كانت البنی التحیة السكانية هشةً دائمًا في الأراضي المحتلة.
وظهرت هذه القضية كواحدة من أهم الشروخ الاجتماعية للمجتمع اليهودي في الأراضي المحتلة بين اليهود القاطنین في الأراضي المحتلة بحیث تُترك معظم الوظائف والمسؤوليات الاستراتيجية في الأراضي المحتلة للأوروبيين، ويعمل اليهود الآسيويون والأفارقة في الغالب في وظائف منخفضة المستوى.
وقد بقیت هذه القضية على وضعها منذ احتلال فلسطين، ولهذا السبب فإن اليهود في الدول غير الأوروبية، مع علمهم بذلك، يرفضون الهجرة إلى فلسطين المحتلة كما في السنوات السابقة، الأمر الذي كان له تأثير كبير في خفض عدد السكان اليهود في الأراضي الفلسطينية.
أدى هذا الوضع، إلى نوع من الهشاشة في المجتمع اليهودي القاطن في فلسطين المحتلة. وقد دفعت هذه الهشاشة الديموغرافية، العديد من المفكرين السياسيين إلى اعتبار فلسطين المحتلة مكانًا لتجمع المجموعات المتناقضة ثقافيًا وحضاريًا والمتباعدة عن بعضها البعض.
جعلت هذه الظروف، التضامن القومي، کذلك هشاً للغایة بين اليهود القاطنین في فلسطین المحتلة. والسبب الرئيسي في ذلك، هو أن المجتمع اليهودي هو أساسًا مجتمع مصطنع تم تشکیله من خلال القوى الاستعمارية. وبالتالي، يمكن القول إن البنية التحتية للمجتمع اليهودي في الكیان الصهیوني كانت هشة للغایة بسبب وجود مجتمع متعدد الأعراق والأقوام مما أدی إلی خلق أزمة دیمغرافیة ناجمة عن عدم الانسجام.
انعدام الأمن في فلسطين المحتلة
من القضایا المهمة الأخری التي تهدد الكيان الصهيوني داخليا هي قضية انعدام الأمن في البيئة الداخلية لفلسطين المحتلة. كانت تداعيات حروب الدورات الأربعة وفیما بعد الانتفاضة وقیام الفلسطینیین ضد الصهاینة المحتلین، السبب الرئيسي لانعدام الأمن لليهود القاطنین في الأراضي المحتلة وبسبب مشاهدة هذا الوضع، کان اليهود الآخرون برفضون الهجرة إلی فلسطین المحتلة، مما أدی إلی انخفاض عدد المهاجرین الیهود بعد الانتفاضة في فلسطین المحتلة.
کان للشباب الفلسطيني دورًا رئیسياً في انعدام الأمن في المجتمع اليهودي. ومما لا شك فيه أن الأساس في مقاومة الشعب الفلسطیني، بحيث يبدو أن معظمها في طور تشكیل جیل من الشباب الفلسطيني الحماسي ضد الکیان الصهيوني بحيث أن تنبؤات قائد الثورة حول التغيير الجيلي للفلسطينيين (3/12/95)؛ هي واحدة من أعمق النظريات حول فكرة الشباب الفلسطيني حیال الكیان الصهیوني. عندما قال وفي إشارته إلى زوال الكيان الصهيوني: إن الجيل الحالي من الفلسطينيين سيرى الهزيمة الحاسمة للكیان الصهیوني”، وربما کان من القلة الذين يعتقدون أن جیل الشباب الفلسطيني سيقفون ضد الكیان الصهیوني ويتحدون الكيان الغاشم بشكل صارم. وبالنظر الی نسبة النمو التي تساوي 3.1٪ من الجیل الشباب، كما ان العدد السکاني للشاب الفلسطیني آخذة بالتكاثر في کل یوم بالنظر إلی تكاثر نسبة الولادات في فلسطين. في حین زادت رغبة الشباب الفلسطینیین للنضال من أجل استعادة أراضيه، والعیش بالكرامة مقارنة بالإحصاءات السكانیة السابقة.
إن تشكيل كتائب شهداء الأقصى والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومشاركتهم في ساحات النضال وما شابه ذلك، تعد من أهم أعمال الشباب الفلسطيني في محاربة الكیان الصهيوني.
یهدف الكیان الصهیوني من وراء التغلب علی هذه القضية وإحلال الأمن في فلسطين المحتلة، وخاصة السیطرة علی مناطق المسلمين، إلی تغيير التركيبة السكانية من خلال آلیة استيطان الاستراتيجية.
ولقد کان استمرار عملیات بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967، لمتابعة هذا الهدف ولهذا السبب یعارض الکیان الصهیوني بدء أي عمل أو خطوة لمنع استمرار عملیات الاستيطان، ویعتبر أي مفاوضات في هذا الصدد، تجاوزًا لخطوط الأحمر.
کانت جهود البناء للجدار الفاصل في الضفة الغربية منذ عام 1992، بارتفاع 3 إلى 8 أمتار بایعاز من “إسحاق رابین”، حيث تم تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق ج، ب، أ بهدف زیادة السيطرة علی مناطق المسلمین، وضم القدس الشرقية إلى الأراضي المحتلة، کلها مواضیع استخدمها الكيان الصهيوني لمواجهة انعدام الأمن الناجم عن ممارسات الفلسطينيين.
في الواقع، يرى نتنياهو، إن بناء المستوطنات ساعد في بقائه وقوة نفوذه في المناطق العربیة. وبحسب قوله إن الانسحاب كان خطوة إلى الوراء، وكلما انسحبنا من مناطق مختلفة، بما في ذلك جنوب لبنان وغزة، واجهنا ازدیاد قوة حزب الله وحماس، لذلك نرفض تقديم أي تنازلات للفلسطينيين العرب والمناطق العربیة وکذلك اي مفاوضات بهذا الشأن ونؤکد على استمرار تواجدنا في هذه المناطق.
الاختلافات داخل الكیان الصهيوني
تعتبر الاختلافات من حيث الأفكار الصهيونية وما بعد الصهيونية داخل المجتمع الإسرائيلي من أهم أسباب انهيار الصهيونية في النظام الدولي. “الصهيونية “هي الخطاب التقليدي الذي سجل في تاريخها بأنها کانت الرائدة قبل وما بعد تأسيس الكيان الصهيوني عام (1948). والخطاب الآخر هو، في الواقع، نتيجة الاختلافات الأيديولوجية داخل المجتمع الصهيوني التي ظهرت في الثقافة السياسية الإسرائيلية في شكل “ما بعد الصهيونية”.
إن “الصهيونية” حركة جماهيرية لها جذورها الخاصة بنیوياً، استعمارياً، غربياً، خارجياً وسياسياً. تتغذى هذه الحركة علی أساس النهج اليميني الراديكالي القائم على الاستيطان (الغيتو) ولديها استراتيجية توسيع الاستيطان؛ وضم الضفة الغربية للأراضي المحتلة ورفض المفاوضات مع الفلسطينيين حيث نتنياهو هو محور هذه الأفكار حالیاً.
تم الإشارة إلى هذا الطيف أيضًا تحت عنوان “الصهيونية الجديدة “في السنوات الأخيرة حیث تعارض أي انسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967. وتدعو إلى الضم الرسمي للضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة، ولا تؤمن بالتفاوض ولا تلتزم بالاتفاقيات؛ وترفض قرارات الأمم المتحدة بشأن اللاجئين الفلسطينيين وتسعى إلى الاستيطان والشمولية، لا سيما فیما یتعلق بالقدس، وتؤمن بطرد العرب عام 1948 وعدم تواجد الأحزاب العربية في الكنيست والمجالات السياسية الأخرى، وتعتبر الأمن مقابل الصلح هو المحور الأساسي (وليس الأرض مقابل السلام).
في مقابل هذا التیار هناك تیار “ما بعد الصهيونية”. إنه تيار فكري وحلمه تحويل إسرائيل اليوم من دولة- قومية، أيديولوجية ومرکزة علی الدیانة وأمنیة، إلى دولة قومية مؤسسية ومدنية وسياسية بأفكار يسارية. يتم تتويج المنهج النظري لهذا التیار عندما يتم التقليل من المخاوف الأمنية والأيديولوجية الصهيونية في مجالات مثل الهجرة اليهودية، واستقرار الأراضي المحتلة، ودعم الحكومات الأجنبية القوية. ما بعد الصهيونية هي حركة فكرية وأكاديمية. ومن الأمور المحوریة لهذا التیار هو الإيمان بضرورة الانتقال من التفرد، والتمركز علی الدين ومحور القومیة.
من أهم المظاهر الاجتماعية والسياسية للصهیونیة الجدیدة في المجتمع الصهيوني هي: المقاومة في مواجهة سياسة تهويد القدس، زيادة تكلفة استمرار قانون العودة وبناء المستوطنات، ازدیاد الدعم القانوني والأخلاقي لخطة تشكيل الدولة الفلسطينية المستقلة. أساس هذا التیار یتمرکز في الولايات المتحدة وفي منظمة G-Street. (إن نفوذ اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة مؤثرة لدرجة إلی أنهم شكلوا في الأيام الأولى لإدارة أوباما لوبيًا جديدًا يسمى ” G-street” وذلك لإظهار مدی قدرتهم لمواجهة الحكومة الأمريكية. حلقة “جي ستريت” مخصصة لليهود الذين عارضوا تصرفات حكومة نتنياهو اليمينية التي كانت نشطة للغاية في عهد أوباما.)
أزمات الكيان المحتل للقدس في محيطه الإقلیمي
بنیت العلاقات بين إيران والكیان المحتل عام 1949 وأثناء رئاسة “ساعد مراغه اي” رئیس الوزراء ذالك الوقت. اعترفت ایران بشكل واقعي” de facto” بالكیان الصهیونی وبقيت هذه العلاقات على حالها حتى عام 1969، وفي نهایة هذا العقد (50 م)، أقامت ایران علاقاتها الرسمية مع الكیان الصهیوني وأصبحت من أحد الداعمين الرئيسيين للكیان الصهیوني المحتل. ومع ذلك، لم يتجاوز الاعتراف بالكیان الصهیوني مرحلة de facto. (أي الاعتراف المؤقت من أجل إقامة علاقات سياسية منخفضة المستوى، وفي هذا النوع من العلاقات، لا يمكن للبلدين تبادل السفراء أو التوقيع على اتفاقيات ثنائية).
ومع انتصار الثورة الإسلامية، ومنذ البدایة أصبحت العلاقات ما بین الطرفین عدائیة وإيران قطعت علاقاتها مع الكیان الصهیوني، وأصبح نظام الجمهورية الإسلامیة، تهديدًا خطيرًا لبقاء الكیان الصیهوني المحتل للقدس.
ووصفت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، الكیان المحتل ولأسباب مختلفة منها طبيعته العدوانية واحتلاله لأرض فلسطين، بأنه وهمي، وطالبت بعودة الفلسطينيين إلى وطنهم وإدارة فلسطین من قبل المسلمين.
إذًا الكیان الصهیوني المحتل القدس يعتبر الجمهوریة الإسلامية الإیرانیة أهم تهديد لاستمرار بقاء وعلیه بذل قصارى جهده للإطاحة بالنظام الإسلامي في إيران وبدعم من الغرب. في هذا الصدد يمكن النظر إلى تداعيات التوتر بين إيران والکیان الاحتلال من عدة زوايا:
– خلقت الثورة الإسلامية الإيرانية موجة جديدة من النضال ضد ممارسات الكیان الحاكم في فلسطين المحتلة وإيقاظ جيل الشاب في المنطقة ضد الكیان الصهیوني الغاصب ومحاولة الكیان الصهیوني بكل الوسائل الممکنة تحويل الأنظار من “التهديد الصهیوني في المنطقة” إلی “التهديد الإيراني في المنطقة”.
– من وجهة نظر الكیان، تعتبر الجمهوریة الإسلامية الإيرانية الرافضة الوحیدة لعملية التطبیع مع العرب، بينما يؤثر على شعوب ودول المنطقة، ویحاول تقديم نظام الجمهورية الإسلامية الإیرانیة كعنصر محوري في معارضة إحلال السلام العالمي، ومن خلال إظهاره بأنه مضطهد، یحاول تقديم الفكر اليهودي بأنه إصلاحي.
– يعتقد الکیان الصهيوني إن ایران، وبسبب نفوذها الكبير في المنطقة، بإستطاعتها توجیه التهدید الجدي العسکري من خلال استخدام کل قوتها ضد الحلقات الأمنیة للکیان الصهیوني ولهذا السبب تعتبر ایران التهديد الأول للکیان الصهیوني.
– يحاول الصهاينة، ولا سیما اللوبي الصهیوني “إيباك” في الولايات المتحدة، من خلال متابعة خطر إيران في الولايات المتحدة والنظام الدولي، تضخیم الممارسات ضد إيران بشدة. ويعتقد مسؤولي الکیان أن العلاقات الأمريكية الإيرانية ستقلص بطبيعة الحال، الدور الاستراتيجي لکیان الاحتلال في المنطقة بالنسبة للغرب.
– أعلن الكيان الصهیوني بعد الهزيمة المذلة له في حرب الـ 33 يومًا، في عام 2006 بأنه تلقى الهجمات من جانب حزب الله بما كان لدیه من ایران ومازال يتلقاه منها ولهذا السبب، قدم إيران على أنها الراعي الرئيسي للإرهاب، واستخدم الکیان المحتل كل قواه في المحافل الدولية لتقديم إيران كعامل رئیسي في عدم الثبات في المنطقة. ومع تشدید مؤشرات تهديد الکیان الصهیوني ضد إيران والتهدید بالعمل العسكري ضد الجمهورية الإسلامیة، أعلنت قيادة الثورة الإسلامية ایضاً إنه مقابل الهجوم المباشر للكیان الصهيوني، ستهاجم إيران كذلك الکیان الصهیوني بشكل مباشر.
يبدو أنه بعد بیانات قائد الثورة الإسلامية، تم التوجه نحو التغيير في استراتيجية الكیان الصهيوني من مقولة الهجوم الصارم ضد إيران إلی تدمیر العقبة الاستراتيجية الإيرانية في العراق وسوريا وحزب الله في لبنان على التوالي، ووضع قيادة الحروب الأهلية في العراق وسوريا من 2010 وما بعد، علی سلم الأولویات باستخدام المجموعات السلفية التكفيرية بهدف زعزعة أمن البلدين، وتقويض قوة حزب الله وإيران، ومحاولة توسيع الصراعات في المنطقة، بما في ذلك اليمن والبحرين وذلك من أجل توفير أمن الکیان الصهیوني.
مع توسیع رقعة الصراعات في المنطقة، زاد من مستوى التوقعات من إيران كداعمة رئيسية للشعب الفلسطيني ومحور المقاومة، وخصصت إيران، جزءا من قدراتها لمحاربة انتشار الفكر السلفي التكفيري والدفاع عن الأمن في العراق وسوريا وكذلك حل القضية اليمنية، حیث اثارت ردود الفعل الجادة للكیان الصهيوني. بالإضافة إلى وجود البعد السياسي الاقتصادي لإیران في بعض دول الجوار، بما في ذلك العراق وأفغانستان، فإن تأثيراتها على تطورات المنطقة؛ قد وضع القوة العسكرية الإيرانية في وجه الكیان الصهیوني المحتل وحلفائه وداعمیه.
ربما حتی حرب 33 یوم التي قام الكیان الصهیوني ضد حزب الله لبنان، لم يؤمن أحد أو أي دولة بالقوة العسكرية الإیرانیة ولا سیما في قدرتها علی بناء الصواریخ، لكن بعد ذلك اعترف الجميع بقدرات إيران الصاروخية، حيث تم تغییر مصیر الحرب. وقد تتوج هذا الاعتراف، على لسان” يوسي بيتس”، رئيسة قسم التحقيقات الاستراتيجية في وحدة المخابرات العسكرية الإسرائيلية. عندما قالت”: إلی جانب سوریا حیث تم تجهیزها بصواريخ إيرانية متطورة، فإن حزب الله اللبناني کذلك مجهزٌ حالیاً بنفس الصواریخ وقادر على استهداف جمیع انحاء الكیان الصهیوني، حتى من أعماق الأراضي اللبنانية.
وعلی أي حال، فإن تغییر المسارات الإقلیمیة والنفوذ المتزايد لإيران في مختلف المجالات السياسية والعسكرية أصبح مصدر قلقٍ للغرب وداعمي الكيان الصهيوني المحتل. وفي صدد محاولة دحر هذا النفوذ، كان هدف الکیان، التحرك نحو اشتعال الحرب الأيديولوجية في المنطقة. حیث یمهد الطریق لتحویل الأنظار من خطر الكيان الصهيوني علی المنطقة نحو الحروب الأهلية في العالم الإسلامي. مع ذلك أن حكمة وتدبیر إيران في المنطقة لحل هذه القضية وإنهاء الخلافات الأيديولوجية، تكونت في المطالبة بزوال الكیان الصهیوني المحتل، وبالنظرإلی أن الخطر الرئيسي للكیان هو دور إيران في المنطقة، بالتالي علي ایران واستراتيجيتها المبادرة والعمل لتنظيم التیار المعادي للکیان الصهیوني.
مما لا شك فيه أن أهم ما يهدد بقاء وجود الكیان الصهیوني المحتل هو فعالية المقاومة المتمحورة حول إيران، من قبل حزب الله وسوريا، التي جعلت أمن الكیان الصهيوني في مرمى الخطر. لهذا السبب، بذل الكيان قصارى جهده لإحباط هذا المحور بأي طريقة ممكنة.
یعتبر الاحتلال الصهیوني ان حزب الله لبنان، هو الأداة الرئيسية لإیران لزوال الكیان الصهيوني، لذلك فإنه يعتبر من أولی مهامه، القضاء علی حزب الله كعقبة استراتيجية لإيران وبعد هزیمة المواجهه العسکریة مع حزب الله، بذل الکیان الصهيوني جهوداً کثیفة لقطع علاقات حزب الله مع المسؤولين اللبنانیین ثم السوریین حیث بلغت ذروتها مع اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
خلال هذه السنوات، استُخدم الإرهاب كأداة مهمة من قبل الكیان الصهیوني المحتل وحاول تقديم حزب الله كعامل للإرهاب وإيران الراعية الرئيسية له.
في هذا الصدد، إن جميع مراكز الأبحاث الأمريكية والإسرائيلية تقريبًا تعتبر إن تحالف إيران وحزب الله تمثل تهديدًا كبيرًا للكیان الصهیوني المحتل للقدس وتؤكد على احتواء قدراتهما، وفق ما أشاره كيسنجر في مؤتمر هرتسليا في عام 2016.
أن إظهار هكذا ردود فعل، یظهر مدی اعتراف العدو بقدرة ایران فی المنطقة وتأثیرها اللافت علی حزب الله لبنان وعلى الرغم من فشل الجهود المبذولة لاختراق هذا التحالف بدعم من الجماعات التكفيرية، إلا أنه لم یكتب النجاح للغرب والكیان الصهیوني حتى الآن، ويبدو أن ردود الفعل العالمية على ممارسات الكيان الصهيوني كونه الداعم الرئيسي للجماعات الإرهابية في طور المتزاید وإصبح الكيان الصهيوني في وضع هش في جميع اقصی نقاط العالم.
الحكومة السورية هي حلقة صلة في محور المقاومة بين إيران وحزب الله اللبناني، على عكس الحكام العرب الآخرين الذين دخلوا في عملية المصالحة مع العدو، حيث واصلت سوريا مقاومة احتلال الكيان الصهيوني. يبدو أن احتلال هضبة الجولان كجزء لا يتجزأ من الأراضي السورية يعتبر أحد الأسباب الرئيسية للمقاومة ضد الكيان الصهيوني، ولم يتنازل الشعب السوري بقيادة أي شخص آخر كذلك غیر بشار الأسد عن أرضه.
في هذا السیاق، إن نضال حزب الله في حرب الـ 33 يومًا ومن ثم دعمه المستمر لحركة حماس في غزة، لا سیما في الحرب الـ 22 يومًا و8 أيام بين عامي 2006 و2010، یشكل القلق الرئیسي لدی الكیان الصهیوني المحتل من استمرار العمل العسكري ضده.
علی أي حال إن انعدام الأمن وخوف اليهود من ذلك داخل المجتمع اليهودي له التأثير المباشر على عدد اليهود الذين يهاجرون إلى فلسطين المحتلة، واستمرار هذه العملية يشكل تهديدًا خطيرًا للكيان الصهيوني.
كان أول تأثير لانتصار الثورة الإسلامية في إيران دخول الإسلاميين إلى المعادلة الفلسطينية ومواجهتم الكيان الصهيوني. وتشكلت حركة الجهاد الإسلامي التي أصبحت من عام 1981 إلى 1986 من رواد الثورة الإسلامية في مواجهة الكیان الصهيوني وفي عام 1986 بدأت الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
بعد مرور ستة أيام من اندلاع الانتفاضة الأولى وتزايد مسارات الحرکات الإسلامیة، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن انطلاقها حرکة “حماس” لمواجهة الكیان الصهیوني المتغرطس. إذن دعمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية حماس وغيرها من المجموعات الجهادية الفلسطينية والمقاومة في فلسطين، وأعلنت عن تشكیلها” التیار المقاوم” في مقابل “التیار المساوم”، بحیث اصبح يمثل التهديد الأكثر أهمیة للکیان الصهيوني. في ظل هذه الظروف، يبدو أن الاتجاه المتنامي للحركات الإسلامية مع وجود نضال الشباب الفلسطيني ضد الکیان الصهيوني سيصبح أكثر وضوحًا في المستقبل، ومع انتشار حالة انعدام الأمن في فلسطين، فإن عملية زوال الکیان ستتخذ منحیً صعودیاً.
كان انطلاق الصحوة الإسلامية في عام 2011 یمثل الانذار المقلق للغاية بالنسبة للكیان الصهيوني وفي سياق هذا الصدد قال نتنیاهو: “لم يعد بإمكاننا التفاوض مع الفلسطينيين”. وهذا الاحتمال لم یعد ممكناً مع وجود ایران واسلامیة المنطقة بعد الربيع العربي وأضاف: “إن الربيع العربي لم یحسن وضع المنطقه فحسب، بل زاد الوضع سوءاً في الاماکن المختلفة. وأضاف: “نحن نؤيد إقامة الديمقراطية في المنطقة لكن لا یوجد ضمان ألا تحكم أنظمة مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية المنطقة من جراء الربيع العربي بدل الأنظمة الحالیة”.
تدل هذه الحالات على أن الصحوة الإسلامية هي القضية المقلقة للغاية بالنسبة للكیان الصهيوني ويقرب من تحقيق شعار زوال الكیان الصهیوني للإمام الخميني. ربما دخلت الصحوة الإسلامية في الوقت الحاضر فترة من النسیان والصمت. لكن التجربة تدل على أن هذا الصمت لن يدوم طويلاً، وقد اعترف الكیان الصهيوني بذلك، ولهذا السبب وضع جهوده لزعزعة النظام الأيديولوجي للمنطقة من خلال دعم الجماعات السلفية التكفيرية على جدول الأعمال حتى يتمكن على الأقل من تأخير ذلك الهدف.
المحيط الدولي والكیان الصهیوني المحتل للقدس الشریف
واجهت ممارسات الكیان الصهیوني علی الصعيد الوطني وداخل الأراضي المحتلة ضد الشعب الفلسطين المظلوم، وكذلك أعماله العسكرية والإرهابية في المنطقة، ردود فعل المجتمع الدولي وذلك رغم جهود حلفائه، نری أن العالم يتجه تدريجياً نحو مواجهة الكیان الصهیوني.
إن الداعمين الرئيسيين للكیان الصهيوني حاولوا دائمًا الدفاع عن ممارسات هذا الکیان الغاشم من خلال اللجوء إلی الأمم المتحدة، الأمر الذي جعل من الصعب معارضة ممارسات الکیان الصهیوني المحتل، بشكل قانوني. إلا أنه وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن منحی المعارضة العالمية للکیان الصهیوني لارتکاب جرائمه في قتل الأطفال الفلسطينيين والشعب العزل آخذة نحو التصعید.
إن أعمال الكیان الصهیوني الحالیة تمت بالطريقة نفسها في الماضي، وربما کانت أسوأ؛ ولكن هذه القضایا بسبب عدم إنتشارها ونقص تكنولوجیا المعلوماتیة، لم تصل إلی مسمع العالم؛ لكن في الوضع الحالي، وبالنظر إلى سرعة نقل المعلومات والوصول الجماعي إلى التطورات العالمية، فإن نظام الاحتلال لم يكون على هامش الأمن كما كان في الماضي.
انتشار الفكر المعادي للصهيونية
إن الاحتجاجات العالمية في يوم القدس العالمي هي رمز واضح لانتشار الأخبار والمعلومات عن جرائم الكیان الصهيوني بحق الشعب الفلسطیني المظلوم، وحتى صرخة الاحتجاج على جرائم الکیان الصهيوني والدفاع عن الشعب الفلسطیني المظلوم قد زادت في الدول الأوربیة المتقدمة. وعندما أعلنت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة” یوم القدس” كل عام من آخر جمعة من شهر رمضان، دفاعًا عن الشعب الفلسطيني المظلوم، کان قلة من الناس یعتقدون أن هذا اليوم سيصبح رمزًا عالميًا ضد الجرائم اللإنسانية للکیان الصهیوني. ومع توسیع واستمرار الصراعات الداخلية والإقليمية للکیان، وتأثيرها على سكان الیهود في الأراضي المحتلة، اشتدت الهجرة القسریة للهیود من الأراضي الفلسطینیة إلی خارج الكیان.
أدت الممارسات التوسعية للكیان الصهیوني المحتل إلی زيادة رد فعل المسؤولين الأمريكيين وأصبحت نظرة الرؤساء الأمريكيين ومعارضة بعض مراكز الأبحاث الأمريكية فیما یخص تکلفة دعم الکیان الصهیونی، تحديًا يهوديًا رئيسيًا في فلسطين المحتلة، مما رافق في بعض الحالات رد فعل الولایات المتحدة، کحليف رئيسي للکیان الصهیوني.
یبدو أن الأسباب الرئيسية لرد فعل الولايات المتحدة على حكومة نتنياهو اليمينية والمتطرفة ملحوظة علی صعید المجالات التالية:
-إن الولايات المتحدة بسبب التكلفة العالية في العراق ليست على استعداد لتحمل تكلفة أخرى في المنطقة.
-تعتقد الولايات المتحدة أن ممارسات نتنياهو تضع العالم الإسلامي كله في مواجهتها.
-تحاول الولايات المتحدة عبر “جي ستريت” منع الزوال الكامل للکیان المحتل للقدس الشریف.
– تحاول الولايات المتحدة تحويل قضية الکیان الصهيوني المحتل للقدس الشریف من مستوى عالمي الى مستوی اقليمي.
-تحاول الولايات المتحدة لعب دور الشرطي العالمي في حل الصراع العربي الاسرائيلى.
إذن إن موضوع أمیرکا هو حل القضية الفلسطينية والتعهد بالوعد الأمني للکیان الصهیوني المحتل إزاء دعم الشبكة الرأسمالية الصهيونية، حیث كانت أكثر وضوحا خلال فترة الديمقراطیین، ومحاولة أوباما من بدایة حکمه کانت متمحورة حول هذه القضية.
وكانت قضية بناء المستوطنات الصهيونية مشکلة دائمة للولايات المتحدة حیث عارضتها في مناسبات مختلفة، وبلغت ذروتها لأول مرة في عام 2016، عندما صوتت لصالح قرار الأمم المتحدة في معارضته استمرار عملیات بناء المستوطنات ووجهت ضربة قوية للکیان الصهيوني.
ومع مجيء ترامب إلی البیت الأبیض، كان نهج ترامب تجاه فلسطين بأن المفاوضات يجب أن تتم بشكل ثنائي بين الفلسطينيين والکیان الصهیوني المحتل ومن خلال ذلك تغيير نظرة نتنياهو تجاه ترامب حیث کان نتنیاهو من اليهود المتطرفين، وقد عارض أي تفاوض مع الفلسطينيين بتدخل خارجي، وعندما أثار ترامب القضية رحب بها بشدة.
المشاكل القانونية للكیان الصهيوني
تتجلى ذروة هذه المشكلة في تبني قرار الأمم المتحدة المناهضة للكیان الصهیوني المحتل. ومن أهم المشاكل التي تواجه الكيان الصهیوني تأکیده على استمرار السياسة التوسعية، والتي رافقتها ردود فعل الأمم المتحدة.
تم تحديد الأراضي الواقعة تحت سيطرة الكیان الصهیوني المحتل للقدس في عام 1948. لكن الكيان الصهيوني مع احتلاله الأراضي الفلسطينية في حرب 1967 أحدث تغييراً جدياً في المناطق التي يسيطر عليها الفلسطينيون واليهود، وازدادت مشاکل الصهاینة مع تأکیدهم على استمرار احتلالهم لفلسطین.
لمواجهة الكیان الصهیوني المحتل للقدس، لا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة مع التخطيط السليم. ومن أجل ذلك وبناءّ على خطابات قائد الثورة فيما يتعلق بزوال الكيان الصهيوني خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة، يجدر النظر فيما يلي:
إن أهم خطوة هي تحديد السیاقات لإسقاط الکیان الصهيوني. لذلك، من الضروري معرفة السیاقات. وبهذه الطريقة يجب الانتباه إلى محورين، هل هناك شروط حالية للعمل ضد الکیان المحتل، وإذا كان الأمر كذلك، ما هي آلیة الحل وكيف ينبغي تنفيذه؟ وفیما لو لم يكن الأمر كذلك، كيف يجب توفير السیاقات وكيف ينبغي استخدامها؟ يبدو أن الظروف جاهزة حالیاً لكنها بحاجة إلى الحکمة والتدبیر. للقيام بذلك يجدر النظر إلى المحاور التالية:
على الصعيد الوطني: حسب خطابات قائد الثورة الإسلامیة، فإن تسليح الضفة الغربية، ودعم الفصائل الفلسطينية المناضلة، یعتبران السبب الرئيسي لتفكك الکیان الصهيوني من الداخل، والذي ينبغي اعتباره کأحد السيناريوهات الرئيسية. بالإضافة إلى ذلک، إن الاستثمار علی صعید التحركات الداخلية من خلال تنفيذ الإجراءات الاستخبارية، يمكن أن يكون خطوة مهمة للإنزلاق نحو الأزمة الداخلية لهذا الکیان والإطاحة به.
على المستوى الإقليمي: الاستثمار علی صعید العوامل الخارجية المؤثرة وخاصة تعزيز محور المقاومة والدفاع عن سوريا وحزب الله في لبنان من خلال نقل الأسلحة والتسهيلات إلى محور المقاومة وفي نفس الوقت دعمهما على المستوى الدولي عن طريق لعب دورا مهم.
علی المستوی الدولي: تفعيل المجموعات المناهضة للحرب في أوروبا والولايات المتحدة، إلى جانب تقدم شكوی ضد جرائم القادة الیهود في محكمة الجنايات الدولية، کإحدی طرق الحلول التي يجب النظر فيها. بالإضافة إلى هذا الإجراء، من الضروري المراقبة المستمرة للتطورات الداخلية للکیان الصهيوني بهدف إدارة التيار المعادي له.