حسن فحص|المدن
من المفترض ان تشهد الايام القليلة المقبلة، وبعد الانتهاء من الجولة الثالثة والاخيرة من المناظرات التلفزيونية بين مرشحي الانتخابات الرئاسية الايرانية، ان ينطلق سباق من نوع جديد، عنوانه اعلان انسحاب عدد من المرشحين لصالح مرشح اخر يعتبر أوفر حظاً وأكثر انسجاماً مع الجهة او القوى السياسية الداعمة له.
وفي هذا الاطار، مع وجود اعتقاد شبه قطعي بان ابراهيم رئيسي هو المرشح الاساس الممثل للتيار المحافظ والنظام، لذلك قد يكون سباق او بازار الانسحابات من بين مرشحي هذا التيار، والانظار تتجه الى مرشحين هما علي رضا زاكاني ومير حسين قاضي زاده هاشمي بالمبادرة للاعلان عن انسحابهما لصالح رئيسي، وفي هذه الحال، لن يكون امام سعيد جليلي المرشح الثالث من التيار المحافظ سوى القبول بهذا الانحياز والذهاب الى خيار اعلان انسحابه ايضا من السباق لصالح رئيسي.
وهنا من المتوقع ان يتمرد المرشح الرابع المحسوب على القوى المحافظة الجنرال محسن رضائي على موجة الانسحابات لصالح رئيسي، معلنا تمسكه بحقه في الاستمرار في هذا السباق، خصوصا وان ما يروج له بعد كل مناظرة تلفزيونية مع زملائه المرشحين افتقار اي منهم لبرنامج او خطة او مشروع واضح وعلمي لادارة الدولة والازمة الاقتصادية.
في المقابل، يبدو ان المرشحيَن الاخريَن، المحسوبين على التيار الاصلاحي من دون تبنيهما او من دون الحصول على موقف داعم لهما بوضوح، اي عبدالناصر همتي رئيس البنك المركزي السابق، ومحسن مهرعليزاده نائب الرئيس السابق محمد خاتمي سابقا، مستمران في السباق الرئاسي الى الخط النهائي، وكل منهما يراهن على حدوث متغير داخل التيار او القوى والاحزاب الاصلاحية في اللحظة الاخيرة يساعد على دعم أحدهما ودعمه كمرشح امر واقع من دون اللجوء الى خيار التبني المباشر او الواضح، انسجاما مع الموقف الذي اعلنته اللجنة العليا للاصلاحات وجماعة رجال الدين المناضلين بزعامة السيد محمد خاتمي عن عدم وجود اي مرشح يمثلها في الانتخابات وانها غير معنية بالمرشحين او تبني اي منهم.
على الرغم من الموقف الاصلاحي الواضح، الا ان كفة “همتي” تبدو الارحج على “مهرعليزاده” داخل الاجواء الاصلاحية، لكن همتي رئيس البنك المركزي وعضو المكتب السياسي لحزب كوادر البناء لم يستطع اقناع هذه القوى “الاصلاحية” بالجلوس معه، او حتى اعلان موقف واضح من ترشحه ايجابا، على الرغم من المناشدات التي صدرت عنه. وبالتالي فان رهان همتي ومعه مهرعليزاده هو توظيف الاجواء السلبية التي تكشفها المناظرات التلفزيونية والاخطاء التي يرتكبها مرشحو التيار المحافظ، لتحريك الشارع الشعبي ودفع الشرائح او الاصوات الرمادية للمشاركة في الاقتراع، لان هذه النسبة الاكبر منها ستكون لصالحه او لصالح مهرعليزاده الى جانبه. فالقناعة العامة لدى جميع القوى السياسية، اصلاحية ام محافظة، ان دخول الاصوات الرمادية على خط الاقتراع لا يعني موقفا مؤيدا لمرشح ضد اخر، اكثر من كونها اعلان موقف سلبي ورأي معارض لوصول مرشح لا يرغبون به او لا يريدونه في موقع رئاسة الجمهورية، على غرار نسبة كبيرة من الاصوات التي حصل عليها الرئيس محمد خاتمي عام 1997 في مواجهة مرشح النظام ورئيس البرلمان حينها علي اكبر ناطق نوري، وتكرر الامر مع مير حسين موسوي في مواجهة محمود احمدي نجاد عام 2009 في انتخابات التجديد له.
المجسات الشعبية التي ستنشط في الايام المتبقية لساعات الاقتراع لدى المرشحين والقوى السياسية والنظام، ستعيد تنظيم نفسها وصفوفها لضمان الوصول الى الهدف المطلوب، ومع انتهاء المناظرات التلفزيونية يكون كل مرشح قد أدى الدور والمهمة المطلوبة منه، وهي تقديم الدعم والدفاع عن رؤية النظام في ادارة الدولة في المرحلة المقبلة، وتجميع النقاط التي ستتحول الى ورقة عمل لدى مرشح الاجماع ضمن خطته للادارة وما فيها من تفاهم على تقاسم جوائز الترضية التي سيحصل عليها كل منسحب. وفي ازاء الحديث عن انسحاب مرشحين محافظين لصالح رئيسي، يدور حديث عن امكانية اعلان الاصلاحي مهرعليزاده الانسحاب لصالح همتي، ما يجعل المعركة بالتالي شبه ثنائية الاقطاب، قد يكسر حدتها تمسك رضائي بالاستمرار وعدم الانسحاب.
وعلى الرغم من الكم الكبير من الوضوح الذي تسير عليه المعركة بين المرشحين، والكلام شبه النهائي عن حسم النتيجة لصالح المرشح ابراهيم رئيسي مهما كانت نسبة المشاركة الشعبية، خصوصا وان الاجهزة الاعلامية الموالية للنظام بما فيها مراكز استطلاع الرأي والتي تتحدث عن تحقق نسبة 41 في المئة حتى الان من المشاركة الشعبية لصالح رئيسي، وان نسبة المشاركة العامة قد تتجاوز السبعين في المئة (70)، الا ان اطرافا مواكبة للمعركة الانتخابية لا تخفي هواجسها من تبدل المعادلة في الايام الاخيرة، وان يعلن المرشحون انسحابهم لصالح جليلي بدلا من رئيسي، على الرغم من الدعوات المباشرة التي تطالب الاول بالانسحاب وحسم مسألة الاجماع للثاني، ومع ذلك فان هذه الاطراف لا تستبعد تغييراً في اللحظة الاخيرة وامكانية انسحاب رئيسي لاعتبارات لا علاقة لها بالخوف من نتائج الانتخابات، انما لضرورات خاصة بالنظام والجهات التي ترسم المسار العام للمرحلة المقبلة وتوزيع مراكز القرار.