العالم
غادر وفد المكتب السلطاني العماني العاصمة صنعاء برفقة رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام بعد سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين اليمنيين. ورحبت حركة انصار الله بالجهود التي تبذلها سلطنة عمان من أجل تخفيف الوضع الإنساني في اليمن، فيما طرح المجلس السياسي الأعلى ثلاثة مبادئ أساسية للحوار وهي رفع كل أشكال الحصار، ووقف العدوان، وخروج القوات الأجنبية من اليمن.
غادر وفد المكتب السلطاني العماني العاصمة اليمنية صنعاء، بعد أسبوع من المشاورات مع قادة حركة أنصار الله اليمنية من أجل حل الأزمة اليمنية بما فيها الملف الإنساني الذي اشتدّ بفعل العدوان السعودي على اليمن.
وأوضح رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام أن اللقاءات المختلفة مع الوفد العماني في صنعاء ناقشت الأوضاع المختلفة في اليمن وسادها الجدية والمسؤولية.
وقال عبدالسلام: قُدم من الجميع للوفد العماني الشقيق التصور الممكن لإنهاء العدوان ورفع الحصار المفروض على اليمن بدءاً من العملية الإنسانية، لافتا إلى أن التصور اليمني ركز على العملية الإنسانية وما تتطلبه من خطوات لاحقة تؤدي للأمن والاستقرار في اليمن ودول الجوار.
وكان المجلس السياسي الأعلى في اليمن، قد رحب في بيان بجهود الوفد العُماني، وقال: “نشيد بجهود وفد المكتب السلطاني العماني الذي يبحث في صنعاء عدداً من القضايا ذات الصلة بالملف الإنساني”.
وأكد المجلس السياسي خلال اجتماع، برئاسة مهدي المشاط رئيس المجلس، الأربعاء الماضي: “نؤكد موقفنا الثابت في التعاطي الإيجابي مع مختلف الأفكار والرسائل بما لا يمسّ بالسيادة ولا ينتزع حق مشروع لأبناء الشعب اليمني”، مشيراً إلى أن “فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة استحقاق إنساني بسيط لا يعد مكرّمة من أحد بل مكسباً من مكاسب الصمود للشعب اليمني”.
وشدد المجلس السياسي في بيانه “على 3 مبادئ أساسية لا يمكن الحياد عنها في أي نقاشات مقبلة تتمثّل في رفع الحصار ووقف العدوان جواً وبراً وبحراً وإنهاء الاحتلال وخروج القوات الأجنبية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد”.
وكان الوفد السلطاني العماني قد حل بصنعاء، السبت الماضي، لأول مرة من أجل إجراء المحادثات مع صنعاء، من أجل التوصل إلى حل للأزمة اليمنية المستمرة منذ نحو 7 سنوات. وتقوم السلطنة بجهود دبلوماسية مستمرة لتقريب وجهات النظر بين حركة أنصار الله اليمنية والسعودية التي تقود تحالف العدوان ومرتزقته.
وأدى العدوان الذي شنه التحالف السعودي على اليمن منذ 75 شهرا إلى مقتل أكثر من 17 ألف يمني بشكل مباشر وإصابة عشرات آلاف آخرين.
ووفقا لمصادر يمنية، فقد قُتل أكثر من 100 ألف يمني بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب الحرب على اليمن، وكان المرض والمجاعة من بين أسباب ارتفاع حصيلة القتلى في الحرب.
نتيجة لهذه الحرب، واجه اليمن أكبر كارثة إنسانية في العقدين الأخيرين من القرن الحادي والعشرين، وحتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اعترف بذلك.
وأما السؤال الذي يُطرح هو؛ ما الذي تعنيه الشروط الثلاثة للمجلس السياسي الأعلى في اليمن حتى تكون المحادثات بناءة؟
المعنى الأول لهذه الشروط هو أن الحرب ضد اليمن لا تنطوي على قصف يومي فقط. وقتل أكثر من 17 ألف يمني جراء القصف المباشر، فيما وصل عدد الوفيات غير المباشرة الناجمة عن حصار اليمن باعتباره السبب الرئيس، إلى أكثر من 100 ألف.
لذلك، كانت تداعيات الحصار على الجانب الإنساني أكبر حتى من القصف اليومي خلال الـ 75 شهرًا الماضية. كما تظهر المؤشرات إلى أن السعودية والولايات المتحدة تسعيان إلى إنهاء الحرب، في ظل إبقاء الحصار على اليمن.
وفي هذا السياق، انتقد عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن محمد علي الحوثي سلوك الولايات المتحدة تجاه اليمن، مؤكدا أن أمريكا تضع خيار الحرب أولوية لها باليمن فيما تتظاهر بالسلام.
من وجهة نظر حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية، فإن إنهاء الحرب لا معنى له دون إنهاء الحصار الشامل على اليمن.
المعنى الثاني لهذه الشروط هو تأكيد المجلس السياسي الأعلى في اليمن على استقلال وسيادة هذا البلد. احتلت السعودية والإمارات، بغزوهما لليمن، جزءا من البلاد وقامتا بتقسيمه بينهما بما يشكل انتهاكاً واضحاً للسيادة اليمنية.
إنهاء الحرب دون انسحاب القوات الأجنبية من اليمن يعني استمرار احتلال البلاد وأيضًا محاولة تقسيم اليمن الذي لا تقبله حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية إذ تؤكد على وحدة اليمن والحفاظ على وحدة اراضيه.
المعنى الثالث لهذه الشروط هو أن اليمنيين يتمتعون بموقع على ساحة المعركة يمكّنهم من إلحاق المزيد من الخسائر بالسعودية ومرتزقتها. السعودية تتعرض من جهة لضغوط الرأي العام بسبب الجرائم التي ارتكبتها في اليمن، ومن جهة أخرى تخشى الهجمات التي ينفذها الجيش اليمني واللجان الشعبية ضد قوى العدوان السعودي في الجبهات.
وبناء عليه، ورغم ترحيب حكومة الإنقاذ الوطني اليمني بالحوار، إلا أن السعودية لا حيلة لها سوى القبول بالمحادثات بعد فشل الرياض في تحقيق أهدافها في اليمن عسكريا، الامر الذي تدركها حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية جيدا.
وفي هذا الصدد، عدّ المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الاسلامي في الشؤون الدولية حسين امير عبداللهيان رفع الحصار المفروض عن الشعب اليمني بمثابة اختبار لنوايا الرياض في ارساء السلام مع اليمن.
واشار امیر عبداللهیان، في تغريدة كتبها على حسابه الشخصي في موقع تويتر الجمعة، الى لقائه مبعوث الامين العام للامم المتحدة في شؤون اليمن مارتن غريفيث، مؤكدا خلال اللقاء، انه ليس بمقدور السعودية التعويض عن خسائرها في سوح القتال عبر طاولة المفاوضات.
وأخيراً، فإن الشروط الثلاثة التي حددها المجلس السياسي الأعلى في اليمن هي التأكيد على استقلال اليمن وسلامة أراضيه وسيادته، ولا يكتمل انتصار حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية في مواجهة العدوان إلا بتحقيق هذه الشروط.
وفي هذا السياق، أكد المجلس السياسي الأعلى أن اليمن على مشارف النصر كونه نجح في الدفاع عن السيادة والاستقلال ورفض الوصاية والتبعية.