عيسى نهاري
“إعادة بناء العالم بشكل أفضل”، هو عنوان الخطة الأميركية التي تبنتها الدول السبع الكبرى، أمس السبت 12 يونيو (حزيران)، بعدما خصص قادة المجموعة النافذين اليوم الثاني من قمتهم لبحث التصدي للصين، من خلال خطة عالمية حول البنى التحتية، تكون بمثابة البديل المنافس لمبادرة “الحزام والطريق” الصينية.
وحرص الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يرفع شعار “الدبلوماسية عادت” في إطار مساعيه لبناء تحالفات دولية جديدة وترميم علاقة واشنطن مع أوروبا، على حشد حلفائه من الدول الصناعية الكبرى لمواجهة التحديات التي تمثلها الصين وروسيا، وذلك خلال اجتماع القادة الذي عقد في جنوب غرب بريطانيا، وضم رؤساء دول وحكومات ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة إضافة إلى كندا واليابان.
وأفاد البيت الأبيض أن الرئيس بايدن وغيره من قادة مجموعة السبع يأملون في أن توفر خطتهم، المعروفة باسم مبادرة “إعادة بناء عالم أفضل” (B3W)، شراكة شفافة بما يخص البنية التحتية لمساعدة الدول النامية، في الوقت الذي يبحث قادة الدول الصناعية الكبرى طرقاً للتصدي للصين التي تواصل مد نفوذها العسكري والاقتصادي منذ أربعة عقود.
بديل منافس
ووسط جو مفعم بالتفاهم بين قادة الدول السبع، بالإضافة إلى نظرائهم الذين انضموا افتراضياً من كوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا وأستراليا والهند، أقرّت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، خطة عالمية واسعة النطاق من البنى التحتية للدول النامية.
وتعد خطة “إعادة بناء عالم أفضل”، وفق مسؤول في الإدارة الأميركية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، مبادرة لبناء بنية تحتية عالمية جديدة طموحة مع شركاء واشنطن في مجموعة السبع، ولن تكون مجرد بديل وحسب لمبادرة “الحزام والطريق” الصينية، مستنكراً في تصريحاته عدم تقديم القوى الغربية البديل الإيجابي لـ “انعدام الشفافية وضعف معايير البيئة والعمل والنهج القسري” الذي تتّبعه الحكومة الصينية.
وتسعى المبادرة الأميركية التي لاقت دعم مجموعة السبع إلى مساعدة الدول في النهوض بعد وباء كورونا، الذي ألقى بظلاله على اقتصادات العالم بالتركيز على المناخ والصحة والقطاع الرقمي ومكافحة التباين الاجتماعي، وذلك من خلال تخصيص مئات مليارات الدولارات للخطة، التي تعتقد الإدارة الأميركية أنه من الممكن توفيرها عبر القطاع الخاص.
خطة خضراء
ولمواكبة المستهدفات البيئية، أكد البيت الأبيض التزام مجموعة السبع بوقف دعم محطات توليد الكهرباء المعتمدة على الكربون بنهاية عام 2021، وفق ما تعهد وزراء البيئة في مايو (أيار). كما كشفت الولايات المتحدة أن قادة مجموعة السبع قرروا للمرة الأولى ردم الهوة بين أهدافهم المناخية القصيرة والطويلة الأجل من أجل احترام اتفاقية باريس بشأن الاحتباس الحراري.
من جانبها، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أمام الصحافيين، “نحن نعلم أن هناك حاجة ماسة للبنية التحتية في أفريقيا. لا يمكننا أن نكتفي بالقول إن الصين ستتكفل بها…”. وأضافت “لقد قدمنا الآن خريطة الطريق هذه. إنها سابقة بالنسبة إلى مجموعة السبع، إنها طريقة براغماتية جداً للتفكير بشكل مشترك…”.
وفي الشق الدبلوماسي، رحّبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، في تغريدة عبر “تويتر”، بعودة “التضامن” و”التعاون” إلى مجموعة السبع، واعتبرت ذلك تحالفاً ضرورياً لمواجهة روسيا والتحديات الأمنية التي تفرضها على أوروبا، معربةً عن “قلق القوى العظمى بشأن بيلاروسيا، حيث يتم قمع معارضي الرئيس ألكسندر لوكاشنكو بقسوة”.
تفاصيل لم تكتمل
وكان مسؤول كبير بإدارة بايدن صرح بأن مجموعة السبع ستعلن عن مشروع جديد يخص البنية التحتية العالمية رداً على مبادرة “الحزام والطريق” الصينية. وقال المسؤول، الذي تحدث إلى الصحافيين شريطة عدم نشر اسمه، إن واشنطن ستسعى إلى دفع الزعماء الآخرين بمجموعة السبع لاتخاذ “إجراء ملموس فيما يتعلق بالعمل بالسخرة” في الصين ولإدراج انتقاد لبكين في بيانهم الختامي.
وقالت الولايات المتحدة، في وقت سابق، إن هناك اجماعاً في مجموعة السبع حول الحاجة إلى نهج مشترك تجاه الصين بشأن التجارة وحقوق الإنسان. وأضاف البيت الأبيض أن مجموعة الدول السبع وحلفائها ستستخدم مبادرة لاستغلال رأس المال في مجالات مثل المناخ والصحة والأمن الصحي والتكنولوجيا الرقمية والمساواة بين الجنسين.
لكن لم يتضح بعد كيف ستُنفذ الخطة أو مقدار رأس المال الذي ستخصصه لمنافسة مبادرة “الحزام والطريق” الصينية (BRI)، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جينبينغ عام 2013، وتتضمن مبادرات تنموية واستثمارية تمتد من آسيا إلى أوروبا وما وراءها.
وتشير قاعدة بيانات “ريفينيتيف” إلى أنه حتى منتصف العام الماضي كان هناك أكثر من 2600 مشروع مرتبط بالمبادرة بتكلفة 3.7 تريليون دولار، على الرغم من أن وزارة الخارجية الصينية قالت في يونيو (حزيران) الماضي إن حوالى 20 في المئة من المشروعات تأثرت بشدة بجائحة كوفيد-19.
وكانت الصين وقعت اتفاقات مع أكثر من 100 دولة للتعاون في مشروعات تتصل بالمبادرة، مثل مد خطوط سكك حديدية وإقامة موانئ وطرق سريعة وغيرها من مشروعات البنى التحتية.
التصدي للأوبئة
وفي وقت سابق يوم السبت، قدم القادة خطة لمكافحة الأوبئة في المستقبل، وهو اقتراح رحبت به لندن باعتباره “لحظة تاريخية”. وتنص الوثيقة على سلسلة تعهدات لمنع تفشي جائحة جديدة، من ضمنها خفض المهلة لتطوير اللقاحات والعلاجات والتشخيص، على أمل أن يكون العالم جاهزاً في أقل من 100 يوم لمواجهة مرض طارئ.
أما الشق الثاني من الوثيقة، فيتناول تعزيز الرقابة الصحية وتنفيذ إصلاح لمنظمة الصحة العالمية بغية تعزيزها، وهو هدف يصعب تحقيقه من دون مشاركة الصين التي تعتبر مجموعة السبع “زمرة” شكلتها واشنطن.
ولم يبتّ الإعلان في مسألة شائكة تتعلق برفع براءات الاختراع عن اللقاحات بهدف تسريع إنتاجها، وهو أمر تؤيده الولايات المتحدة وفرنسا وتعارضه ألمانيا.
المصدر: اندبندنت عربية