الحريري لـ “حزب الله”: مين كلّفكم التفاوض بإسمي؟
“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر
يشبه أمل وصول بنزين الحزب الإيراني، والفيول الأخوي العراقي، أمل “المعتّرين” باتفاق الصهر والشيخ بمباركة السيد على تشكيل حكومة “الصفحة الجديدة”. هو عشم إبليس في الجنة للبنانيين من فئات “الواعيين”، كما “القرفانين” و”اللامبالين”، بعدما بات الفَرَج في علم الغيب مع تسليمهم قدرهم بداية لـ الله ومن بعده لحزبه، ليستيقظوا على آخرة ما بعدها آخرة، متناسين أن سبب العلة والمرض، الأصل محوره ومركزه ونبعه، أصلاً، الحارة ومن لفّ لفّها.
فمع حلول ساعات مساء يوم الخميس، انهارت آمال ورهانات بعض من نظّروا وسوّقوا، حتى أنهم “شارطوا”، بقرب ولادة الحكومة نتيجة دخول “المقاومة” على خط الإتصالات وضغطها الموهوم على الأطراف، باجتراحها معجزة شفاء “مرض” العقم الحكومي، في مسرحية ممجوجة ما عادت تنطلي على أحد، أدواتها، مناورات من هنا، إجتماعات وتصريحات إستفزازية من هناك، للإيحاء بأن ذاك قدّم ما يمكن تقديمه، رامياً الكرة في ملعب الآخر.
من هنا، وفي جردة سريعة لما أنجزه الخليلان وصفا، يبدو واضحاً أن “حزب الله” هو الرابح الأول شكلاً، متقاسماً الدور مع رئيس “التيار الوطني الحر”. ففي مجموع النقاط المسجلة تراجع الشيخ سعد، ومعه راعي المبادرة “إستيذ عين التينة”، أمام تقدّم صهر العهد عليه، دون أن يعني ذلك أن النائب البتروني قد ضمن فوزه أو جمع من الأوراق ما يكفيه لإعلان فوزه. إذ يكفي رؤية مشهد انتقال أصحاب النوايا الطيبة بين البياضة وبيت الوسط لاكتشاف ما سبق.
فالمحادثات الجارية تحمل شكلاً إشارات واضحة من حيث مكان التفاوض والمعني به، أن الرئيس المكلّف رضخ أخيراً وسلّم بأن محاوره وشريكه في التأليف، هو من اتّهمه لسبعة أشهر بالوقوف وراء العرقلة. فمن جرّ “صاحب الأرانب” ومعه بيت الوسط إلى مصيدة البياضة؟ بالتأكيد الجواب معروف وواضح، عند أولئك الضاحكين في عبّهم.
لذلك، فإن ما صدر من بيت الوسط، لتبرئة الذمّة أمام الشارع السنّي، ولغسل اليدين من فخّ حارة حريك، بالعودة إلى النغمة السابقة حول رفض ” تكريس أعراف من المستحيل أن يسير بها الرئيس سعد الحريري”، واعتباره “ما يحصل حالياً في البياضة أو غيرها، لا تعدو كونها مشاورات سياسية بين فرقاء”، لا ينفي حقيقة تكرّست بفعل الأمر الواقع، تفيد أن مفاتيح الحلّ موجودة لدى “جبران” تماماً كما أن القفل في حوزة جنرال الرابية. عليه، لماذا ينتظر الحريري بعد كل جولة زيارة الحجّاج “المكزدرين” على الخط بين البيّاضة وبيت الوسط، ببنزين غير ممانع، ليبني عليها طلعته إلى بعبدا؟ وهل يعني ذلك أن بيت الوسط لم “يفوّض الحزب” التفاوض بإسمه؟ إنها المسخرة بذاتها بالتكافل والتضامن.
أمّا في المضمون، فواضح أن المعركة “يا قاتل يا مقتول”. فالشيخ المكلّف، يرى أن إرساء قاعدة المثالثة “بالعدل”، تفترض أن يكون الوزيران المسيحيان من حصته، وهذه مسألة دقيقة جداً ترتبط بما ستشهده البلاد في الأشهر المقبلة من بحث في طبيعة النظام السياسي الجديد، وهو ما ألمح له منذ أيام العونيون، كما أحد نواب كتلة “المستقبل”.
النقطة الثانية تتعلق بإعطاء “تكتل لبنان القوي” الثقة، فهي أمر جوهري يحرّر الحريري من تحمّل عبء الأزمات القادمة وحده، وبالتالي، دفع فاتورة الإنتخابات، لذلك قراره حاسم في “جرّ” “البرتقالي” إلى مشاركته الخسائر الحكومية.
عليه، بات واضحاً من الدائرة الضيقة من الرجلين أن الأمور مش ماشية، وأن الإيحاءات حول إحراز تقدم غير صحيحة، إذ لا جديد تحت الشمس. تًعزّز تلك القراءة، أجواء الإيليزيه غير المهتمّة، إذ خلافاً للمتداول، فإن الإهتمام الفرنسي تراجع خلال الساعات الماضية، حتى أنه لم يتخطّ حدود “الواجب بمفهومه الضيق” خلال الأيام السابقة مع فقدان باريس لحماستها لبنانياً.
مهما يلفّوا ويدوروا… ما كُتب قد كُتب… فيا شيخ سعد “إمّا تركو للعهد يقبّع شَوكو بإيدو، وإمّا أعلن أنك ستنقم عيشته بحبسك ورقة التكليف في جيبك”، ليعرف عندها اللبناني على أي جمر رح ينكوى… وحدها إنتفاضة الشارع وانفجاره، على يد أهل “هيهات منا الذلّة” الحقيقيين، الذين خبروا صفوف الذلّ على المحطات، أمام الأفران، وعند المستشفيات، قادرة على صنع المعجزة وقلب المعادلات وتشكيل حكومة “غير شكل”، “بتحطّ الكلّ برّا وبتخلّي الثورة وحدها جوا”… عندها يكون الخلاص الحقيقي “لا بمورفين إيراني” أو غيره ،على ما يعتقد الشاطر حسن.